فنجان القهوة الأخير لم يبح بسره
ولذا لم تستدل عيونه على المشهد الأخير،
حين فرقتنا المائدة المستديرة،
الأنفاس أصابها النصب نتيجة لقطع مسافة مطولة…
ووخزة على عرض سطح المنضدة، قاتلة.
لكن بريق مقلتينا تشابك برهة،
فأفضى بكل ما تحمله النفوس.
ارتشف أخر ما تبقى من قهوته، وهب واقفا،
استأذن بالانصراف،
تقاسمنا بسمة ساخنة ولوح بعضنا لبعض.
الوخزات توالت على عتبات روحه المنهكة،
كل من حوله يسأل عن سبب وهن ضحكته..
كانت إجاباته تبعث شيئا من الأمل،
وحين يجلس وحيدا يحدث قهوته ،
من أين له بكل هذه الكلمات،
التي يطرب البعض لها أو قد يمقتها ،
ضحيح حواره الأخير جعل القهوة تعلن عن غضب داخلي،
قاوم حدود الفنجان بجدرانه السميكة،
حاول الانفجار لكن لم يتشقق هذا الحصار الحجري،
رافضا الاستكانة أو التسليم بالأمر الواقع ،
شفتاه تعارك حبات القهوة التي تقاوم الرشف؛
تتجمد فوقها، يعاند من جديد،
لينتصر فنجان القهوة متسلحا بالصمت.
النادل يزيح قطرات القهوة المتناثرة فوق المنضدة،
تهرب من بين أنامله في اتجاه أخر مقعد جلس عليه،
الغضب يحل بالنادل يدور حول المنضدة ،
ينظر لسيقانيها كلها مستوية لاشيء تغير،
يسكب قطرات من الماء فوق سطحها،
علها تمتزج بحبات القهوة،
فتطيح بها بعيدا أو تحتويه داخلها.
قطرات القهوة كما هي تزداد عنادا وبريقا،
سطح المائدة يصبح أكثر ضيقا،
وقد تزاحم الماء والقهوة وبقايا مع الأنفاس الوهنة،
التي سقطت من بوحنا في آخر لقاء،
ينظر النادل في عمق الفنجان ،
تأبي القهوة أن تبوح بسرها.
له.
فينصرف لحاله في دهشة من الحدث.
عفاف
لن أكتب الليلة عن الحرب، واستهداف آخر المستشفيات المتبقية،
فقد انتصر الطوفان في معركة على الدبابة، وقتل16 من جنودهم،
فاذكروا محاسن حربكم. ولو لوهلة…واعزفوا على بقايا أشلاء البيانو لحن النصر القريب.