لا توجد سمة تميز البشر عن الثدييات الأخرى أكثر وضوحًا من الطريقة التي نمشي بها. لقد ظلت المشية المعتادة على قدمين -المشي الإلزامي على قدمين -سمة مميزة لجنسنا البشري، وكذلك لأسلافنا منذ 4.5 مليون سنة.
ربما يكون الفهم العلمي المتزايد لثقافة الشمبانزي وتواصله وعواطفه قد أدت إلى عدم فهم “الإنسان بوضوح”، لكن حركتنا الإجبارية على قدمين صمدت أمام الزمن.
لكن لماذا ومتى وأين تطورت الحركة على قدمين؟ تلك أسئلة لا تزال موضع نقاش. يرى البعض أن الضغوط التطورية وراء ذلك. معظمها يدور حول اقتصاديات واستخدام الطاقة للمشي على قدمين (المشي على قدمين أكثر كفاءة بكثير من المشي على أربع أقدام). تصف نظريات أخرى مزايا حمل الأشياء. المشي على قدمين يحرر اليدين لصُنع الأدوات واستخدامها والوصول إلى الفاكهة. كما يمكننا من رؤية ما وراء الأعشاب الطويلة.
لكن جميع النظريات تقريبًا تشير إلى أن المشي على قدمين هو تكيف للتجول على الأرض، حيث سهّل المشي على قدمين عملية البحث عن الطعام والتنقل.
لكن هناك أيضًا أدلة تتناقض مع هذه الفكرة. يمثل تشريح أشباه البشر، والبيئة القديمة، وسلوك بعض أنواع القردة تحديات أمام هذه النظرية. مثلًا، كان لدى أشباه البشر الأوائل قائمة طويلة من التكيفات مع الحياة وسط الأشجار. وشمل ذلك
وتشير الأدلة المستقاة من إنسان الغاب إلى أن المشي على قدمين كان تكيفا للعيش في مناطق الأشجار. لقد ساعد القردة على التنقل فوق فروع مرنة عالية في الغابات الاستوائية المطيرة.
ويشير تقرير على موقع كونفرسيشن إلى أنه، لاختبار الفرضيات حول كيفية قيام أشباه البشر بالبحث عن الطعام والتحرك في موطن متنوع المعالم -وما إذا كان هذا الموطن قد دفعهم للتطور للعيش على الأرض والمشي على قدمين –قام العلماء ببحث سلوك الشمبانزي البري في فسيفساء السافانا بتنزانيا.
يعيش شمبانزي تنزانيا في بيئة تهيمن عليها الغابات. وتتخللها المراعي والنتوءات الصخرية والأدغال بجانب الجداول. تابع العلماء الشمبانزي لمدة 15 شهرًا، وجمعوا البيانات كل دقيقتين حول علاقة سلوكه بنوع الغطاء النباتي الذي يعيش فيه.
وجدوا أن الشمبانزي يقضي وقتًا أطول على الأرض، لكن ما يقضيه على الأرض أقل مقارنة بالحيوانات الأخرى في الغابة. باختصار، لا تؤدي قلة الأشجار لقضاء وقت أطول على الأرض.
ربما يقضي الشمبانزي وقتًا أطول فوق الأشجار لتناول الأطعمة الأكثر وفرة مقارنة بتلك الموجودة على أرضية الغابات. لكن الأهم أنه يظل بعيدًا عن الحيوانات المفترسة، كالكلاب البرية والضباع والأسود.
تشير النتائج أيضًا إلى عدم وجود علاقة بين النشاط الأرضي والمشي على قدمين. وأن أكثر من 85% من حالات المشي على قدمين حدثت عندما كان الشمبانزي فوق الأشجار (يتغذى في الغالب).