يشهد مجال رعاية الحيوانات وحمايتها ثورة غير مسبوقة بفضل تقنيات الذكاء الإصطناعى ، التي تقدم حلولًا مبتكرة لم تكن ممكنة إلا في الخيال قبل عقود. ومع تقدم هذه التكنولوجيا، أصبح الذكاء الإصطناعى جزءًا أساسيًا في جهود الحفاظ على الحياة البرية، وحماية الأنواع المهددة بالانقراض، ورعاية الحيوانات في البيئات الطبيعية. وسوف نستعرض كيف يُحدث الذكاء الاصطناعي فرقًا هائلًا في هذا المجال من خلال تحسين استراتيجيات الحماية، تسهيل عمليات الإنقاذ في الكوارث، وتحسين رعاية الحيوانات في مختلف الظروف.
يستخدم الذكاء الاصطناعي في مجال الحفاظ على الحياة البرية تقنيات حوسبة متقدمة لمواجهة التحديات في مجال الحفاظ على الحياة البرية وإدارتها. ويشمل ذلك تطبيق تقنيات الذكاء الاصطناعي، مثل التعلم الآلي والرؤية الحاسوبية وتحليلات البيانات، لجمع وتحليل وتفسير مجموعات بيانات شاملة تتعلق بسلوك الحياة البرية، ومراقبة الموائل، وتحديد الأنواع، وغيرها من المواضيع ذات الصلة. ويهدف الذكاء الاصطناعي في مجال الحفاظ على الحياة البرية إلى تحسين جهود الحفظ من خلال توفير رؤى قيّمة، وأتمام المهام، ومساعدة الباحثين وخبراء الحفاظ على البيئة على اتخاذ قرارات مدروسة لحماية الأنواع المتنوعة وموائلها والحفاظ عليها.
تطبيقات الذكاء الاصطناعي في الحياة البرية حيث يقدم الذكاء الاصطناعي في برامج الحفاظ على الحياة البرية مجموعة واسعة من التطبيقات، ويُستخدم الذكاء الاصطناعي والتقنيات المتقدمة لدعم جهود الحفاظ على الحياة البرية وفهم سلوكيات واحتياجات الأنواع المختلفة بشكل أفضل. ومن أهم التطبيقات في هذا المجال ما يلي:
• تحديد الأنواع: تساعد تقنيات التعرف على الصور القائمة على الذكاء الاصطناعي والرؤية الحاسوبية في تحديد الأنواع من الصور ومقاطع الفيديو، مما يساعد الباحثين على تتبع ودراسة مجموعات الحياة البرية.
• مراقبة الموائل: تعمل أجهزة الاستشعار المستندة إلى الذكاء الاصطناعي وكاميرات المراقبة على مراقبة الموائل في الوقت الفعلي، وجمع البيانات حول حركة الأنواع وسلوكها والتغيرات البيئية، مما يساعد خبراء الحفاظ على البيئة على اتخاذ قرارات مستنيرة.
• تقدير عدد السكان: من خلال القيام بتحليل البيانات المجمعة لتقدير أحجام السكان واتجاهاتهم، وهو أمر مهم وضروري لتقييم صحة وحالة الأنواع المهددة بالانقراض.
• إجراءات مكافحة الصيد الجائر: تكتشف أنظمة الذكاء الاصطناعي الأنشطة غير المعتادة مثل الصيد غير القانوني أو قطع الأشجار غير القانوني وتمكن من الاستجابة السريعة والتدخل لحماية الحياة البرية من التهديدات.
• الرؤى البيئية: تقوم الذكاء الاصطناعي بمعالجة كميات كبيرة من البيانات لتحديد العلاقات البيئية المعقدة، مما يساعد العلماء على فهم النظم البيئية والتنبؤ بديناميكياتها.
• خوارزميات الهجرة: تعمل خوارزميات الذكاء الاصطناعي على تحليل خوارزميات الهجرة وتساعد في تتبع تحركات الحيوانات لاكتشاف طرق الهجرة المهمة للحفاظ عليها.
• مراقبة الأمراض: تساعد الذكاء الاصطناعي في تحديد الأمراض البيطرية بين مجموعات الحياة البرية، مما يتيح الاستجابات في الوقت المناسب واتخاذ التدابير الوقائية للحفاظ على صحة النظام البيئي.
• التحليل الجيني: تساعد الذكاء الاصطناعي في التحليل الجيني من خلال غربلة البيانات الجينية لفهم التنوع الجيني وبنية الجريمة والمخاطر المحتملة.
• تخطيط الحفاظ على الحياة البرية: تساعد النماذج المعتمدة على الذكاء الاصطناعي في إنشاء استراتيجيات فعالة للحفاظ على الحياة البرية من خلال التنبؤ بتأثير الأنشطة البشرية على الحياة البرية واقتراح تدابير التخفيف.
• تأثير تغير المناخ: يمكن لنماذج الذكاء الاصطناعي التنبؤ بكيفية تأثير تغير المناخ على الأنواع والنظم البيئية المختلفة والمساعدة في التخطيط لاستراتيجيات الحفاظ التكيفية.
• وسائل المساعدة في الحفاظ على الحياة البرية تحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي تحسن بشكل كبير فعالية الكاميرات المستخدمة في مراقبة الحياة البرية. من خلال كاميرات مدعومة بالذكاء الاصطناعي، يمكن التقاط صور تلقائيًا للحيوانات، وتحليل هذه الصور لتحديد الأنواع، وحساب أعداد الحيوانات، ورصد سلوكها دون الحاجة إلى التدخل البشري. حيث تُوفر هذه التقنية مراقبة مستمرة، ما يساعد في جمع بيانات قيّمة حول الهجرة، وأنماط سلوك الحيوانات، مما يعزز جهود الحماية والبحث العلمي.
• مكافحة الصيد الجائر يلعب الذكاء الاصطناعي دورًا محوريًا في مكافحة الصيد الجائر، من خلال استخدام الطائرات المسيرة المتطورة وأنظمة المراقبة الحديثة. تحلل هذه التقنيات سجلات الصيد الجائر السابقة، وحالات الطقس، والبيانات الحية من الأنظمة المراقبة. وتساعد الخوارزميات الذكية في تحديد المواقع المحتملة للصيد الجائر، مما يُمكّن الفرق المعنية من التدخل بشكل سريع وفعّال.
• مراقبة الموائل الطبيعية يعتمد الذكاء الاصطناعي في مراقبة الموائل الطبيعية عبر تحليل صور الأقمار الصناعية لملاحظة التغيرات مثل إزالة الغابات أو الأنشطة غير القانونية التي تهدد الحياة البرية. ومن خلال التحليلات الفورية، يتمكن خبراء الحفاظ على البيئة من اكتشاف المناطق المهددة وتطوير استراتيجيات حماية دقيقة وسريعة استجابة للتهديدات.
• مراقبة صحة الحيوانات تغيرت طرق مراقبة صحة الحيوانات بشكل جذري بفضل أنظمة الذكاء الاصطناعي. باستخدام المستشعرات والكاميرات المتطورة، يتم تتبع حركة وسلوك الحيوانات بشكل مستمر. ويساعد ذلك في اكتشاف أي تغييرات قد تشير إلى مشكلات صحية، مما يُتيح التدخل المبكر والحد من انتشار الأمراض، ويحسن صحة الحيوانات بشكل عام.
• التشخيص البيطري المتقدم للأمراض يوفر الذكاء الاصطناعي تحسينًا كبيرًا في مجال التشخيص البيطري من خلال زيادة السرعة والدقة في تحليل الصور التشخيصية مثل الأشعة السينية، والموجات فوق الصوتية، والرنين المغناطيسي. وتُساهم الخوارزميات في الكشف عن الاضطرابات التي قد تكون غير مرئية للعين البشرية، مما يُسرّع من اتخاذ القرارات العلاجية ويساهم في تحسين فرص تعافي الحيوانات.
• تحسين طرق تغذية الحيوانات تحلل أنظمة الذكاء الاصطناعي عدة عوامل تتعلق بصحة الحيوانات مثل الوزن، العمر، ونشاطها لتقديم خطط غذائية مثالية لكل حيوان. هذا التخصيص لا يساعد فقط في تحسين النمو الصحي، بل يقلل من هدر الطعام ويوفر بيئة غذائية أكثر كفاءة.
• تحسين التدريب السلوكي للحيوانات حيث تقنيات الذكاء الاصطناعي تساعد أيضًا في تحسين برامج تدريب الحيوانات. على سبيل المثال، يتم استخدام تقنيات التعلم الآلي لتحليل سلوك الحيوانات أثناء التدريب وتحديد الأوقات المثلى لمكافأة الحيوان. تساعد الأنظمة الذكية في تدريب الحيوانات بشكل أكثر كفاءة من خلال تكييف الأساليب بما يتناسب مع احتياجات كل حيوان على حدة. هذا النوع من التكنولوجيا يساهم في تحسين استجابة الحيوانات ويزيد من فاعلية التدريب.
الخلاصة: يوفر الذكاء الاصطناعي مجموعة من الأدوات المتطورة التي تسهم في الحفلظ على حماية ورعاية ومراقبة صحة الحيوانات وتحسين طرق التغذية والتشخيص البيطرى المتقدم ومكافحة الصيد الجائر وخلافة. من خلال التطبيقات المتنوعة مثل مراقبة الحياة البرية، مكافحة الصيد الجائر، مراقبة صحة الحيوانات، وتحسين التغذية، أصبح الذكاء الاصطناعي أحد الركائز الأساسية في الحفاظ على البيئة والحياة البرية
.بقلم: ا.د/ عاطف محمد كامل أحمد-سفير النوايا الحسنة- مؤسس كلية الطب البيطرى جامعة عين شمس أستاذ ووكيل الكلية لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة والمشرف على تأسيس ورئيس قسم الحياة البرية وحدائق الحيوان – مؤسس المحميات الطبيعية في مصر-عضو اللجنة العلمية والإدارية لإتفاقية سايتس- وخبير الحياة البرية والمحميات الطبيعية اليونسكو وبرنامج الأمم المتحدة للتنمية وخبير البيئة والتغيرات المناخية بوزارة البيئة- المستشار العلمى لحديقة الحيوان بالجيزة-الأمين العام المساعد للحياة البرية بالإتحاد العربى لحماية الحياة البرية والبحرية- جامعة الدول العربية ورئيس لجنة البيئة بالرابطة المغربية المصرية للصداقة بين شعوب العالم