كل يوم يكسب الرئيس الصيني شي جين بينج ارضا جديدة واحتراما اكبر على الساحة السياسية وخاصة الدولية..نجح في ان يجعل لنفسه بصمة خاصة ومميزة في مواجهة الازمات والتحديات منذ ان تولى مقاليد الحكم في العام 2012..
تجربة الرئيس الصيني الحالي دعت رئيس الوزراء الأسترالي الأسبق كيفن رود الى وضع دراسة خاصة اصدرها في كتاب اواخر العام الماضي 2024تحت عنوان “حول شي جين بينج” قدم فيه تحليلاً معمقاً للتحوّلات الكبرى التي شهدتها الصين في مجالات السياسة والاقتصاد والسياسة الخارجية تحت قيادة الرئيس الصيني قال فيه ان الصين شهدت منذ تولي شي جين بينج مقاليد الحكم تحولًا جذريًا في مسارها السياسي والاقتصادي والاجتماعي انحرف بشكل واضح عن النهج الذي اتبعته في العقود الثلاثة الماضية تحت قيادة دينج شياو بينج وجيانج زيمين وهو جينتاو..
المعركة الاخيرة او الحالية مع الادارة الامريكية منذ مجيء ترامب الى البيت الابيض القت المزيد من الاضواء والاعجاب ايضا على سياسة ومنهج ورؤية الزعيم الصيني وحالة الهدوء الواثق التى اتبعها في مواجهة اللهيب والدخان الاسود المتصاعد من البيت الابيض في معركة التعريفات الجمركية..اظن ان الرئيس شي جين لم يطرف له جفن في مقابل حالة غليان تقترب من حافة الانفلات على الطرف الاخرواظن انه حقق نصرا لافتا واجبر ادارة ترامب على التراجع المهين..
ليس هذا هوالمهم الان.تجربة الرئيس الصيني في مكافحة الفساد ومواجهة الاباطرة والهوامير في كل المواقع تستحق الدراسة والتامل خاصة سياسة النفس الطويل والتحدي دون خوف او تردد في مواجهة اركان الفساد مهما تمتعت بقوة او شبه حصانة..واضح من خلال المتابعة ان هناك اصرارا على المتابعة على مدى 13 عاما بلا كلل او ملل رغم التحذيرات من جانب البعض مقربين وغيرهم من تاثيرات سسلبية هنا وهناك.. لم يستجب لها..
المعركة ضد الفساد يصفها الرئيس الصيني بانها صعبة وطويلة وشاملة ومعقدة وكرر في كثير من خطبه القول بان الفساد هو أكبر تهديد يواجه الحزب الشيوعي الحاكم ومكافحته تمثل أعمق أشكال الإصلاح الذاتي وأن الحزب في مواجهة تحديات كبيرة في مكافحة الفساد ظل ملتزما بالتحقيق في جميع قضايا الفساد ومعالجتها للحفاظ على نزاهة المسؤولين لافتا إلى أن مكافحة الفساد لا تزال تمثل «تحديا خطيرا ومعقدا» داعيا إلى تعزيز العزيمة والثقة في هذا الصدد..
لم يجد الرئيس الصيني حرجا في التاكيد على ضرب رؤوس الفساد بين كبار المسئولين ونبه الى ضرورة ان يكونوا قدوة قال:”يتعين على الكوادر من كل المستويات لاسيما العليا الظهور والتحلي بشجاعة التخلي عن هيبتهم وكشف عيوبهم ويتعين عليهم التفكير بعمق في أنفسهم والقيام بتصحيح جاد والتفكير بعمق في حل المشكلات وتعهد بـ”إثراء مجموعة الأدوات الخاصة بمكافحة أنواع جديدة من الفساد والفساد الخفي” وتشديد الرقابة على الكوادر العليا..
ويؤكد شي دائما ان”الحرب ضد الكسب غير المشروع لم تنته بعد لأن الحزب الشيوعي لا يزال مثقلاً بالتفكير غير السليم وبالسياسة والتنظيم وأساليب العمل غير السليمة..
سجلت الحملة ضد الفساد في السنوات الأخيرة تقدمًا ملحوظًا حيث تم خلال عام 2024 التحقيق مع 58 مسؤولًا على مستوى عالٍ..وفي إطار عملية “شبكة السماء 2024” تم استعادة أكثر من 1306 من الفارين بالإضافة إلى استرداد أموال مختلسة بقيمة 15.44 مليار يوان (2.1 مليار دولار أمريكي)..
من نتائج الحملة ضد الفساد المتجذر في الإدارة والمؤسسات الرسمية في الصين تم معاقبة حوالى 4,8 مليون شخص في إطار الحملة وفق ما أوردت صحيفة “جلوبال تايمز” الرسمية وازداد عدد التحقيقات المعلنة التي طالت موظفين كبارا في الإدارة خلال العام 2023 بنسبة 40% عن العام السابق وفق تعداد لصحيفة “ساوث تشاينا مورنينج بوست” في هونج كونج
ومنذ فترة بثت وكالة أنباء الصين الجديدة شينخوا أن “الهيئة الصينية المسؤولة عن مكافحة الفساد عاقبت 36618 مسؤولاً أحدهم على “المستوى الوزاري”، في النصف الأول من 2018 لانتهاك قواعد ترشيد الإنفاق الصارمة التي وضعها الحزب الشيوعي وقالت شينخوا في تقريرها نقلاً عن اللجنة المركزية لفحص الانضباط في الحزب إن “المخالفات الأكثر شيوعاً بين مسؤولي الحكومة تمثلت في منح مكافآت غير مصرح بها وتبادل الهدايا وإساءة استخدام المركبات العامة
اخر الاجراءات في خطة مكافحة الفساد صدر منذ يومين حيث فرضت الصين حظراً على تقديم المشروبات الكحولية والأطباق الفاخرة للمسؤولين الحكوميين خلال وجبات الغداء الرسمية ضمن وثيقة قواعد سلوك جديدة صارمة دخلت حيز التنفيذ بالفعل تضم الوثيقة الجديدة 63 بنداً وتركز بشكل أساسي على مبادئ الاستقامة والترشيد في السلوك الوظيفي للمسؤولين الحكوميين..وتحظر القواعد الجديدة تقديم السجائر خلال الاجتماعات الرسمية كما تمنع المسؤولين من تنظيم رحلات عمل دون هدف واضح أو المشاركة في أنشطة سياحية تحت غطاء العمل الرسمي..ونصت القواعد على منع المسؤولين من تقديم طلبات غير اعتيادية للجهات المضيفة أو قبول أي نوع من الهدايا ضمن توجه الحكومة الصينية لضبط سلوك المسؤولين..
يؤكد الخبراء ان الإجراءات تاتي ضمن مساعي السلطات الصينية لترشيد الإنفاق الحكومي وتعزيز النزاهة في القطاع العام..
بقي ان نؤكد على اهمية سياسة النفس الطويل والمستمر بلا هوادة ضد الفساد والتنبه الى الانواع الجديدة والحديثة من الفساد المصاحبة للتقدم التكنولوجي الرهيب والذي يفرض تحديات جديدة في المواجهة تضاف الى اشكال الفساد الخفي الذي يتضمن علاقات مشبوهة يصعب اكتشافها بين رجال الأعمال والمسؤولين وغيرهم من عصابات عابرة للقارات بارعة في المكر والدهاء..
والله المستعان..
