أما بعد..
فأنا لا أحترق..
ولكنني أذوب، مثل الظل إذا حل الظلام..
أتلاشى، كما الكلام حينما تسقط آخر صروح الكلام..
على عتبة حكاية منسية، بين دهاليز الانتظار..
أقف حائرا، على شفا تيه..
أجمع آخر المعنى المُعنَّى..
وأدفع الكلمات..
لأشكو..
حيث لا شيء يقال بعد أن ينتهي السطر الأخير..
تفقد اللغة صواع البلاغة..
فتنادي..
أيتها ال…….(إنكم لسارقون)..
تختفي الحروف فجأة..
ربما أسرها صمت ما..
في يوم بارد الأطراف..
مخيف كشبح..
يتسكع حرا، تحت أجنحة الظلام..
أغني بلا لحن..
وأبكي بلا دمع..
لا فرق عندي..
فكلاهما بكاء..
لاأعرف، من أين ينبت الحزن؟!..
ولا أين يوجد ذلك الأين الذي يختبئ فيه الغياب..
ولا من أين يأتي الخراب، وكل أكوام الحطام..
لكنني أعرف جيدا..
أنني أقتادني إلى منابت الآهات..
وينتهي العمر سريعا..
صريعا..
على مدارج الذبول..
تموت الأمنيات، كالعادة..
ووحدي أعرف، كيف يولد الموت..
وكيف تزدهر الوحدة..
كشجرة كفرت بالخريف..
لا يعنيها فحيح الريح..
ولا يؤرقها سقوط الورق..
فألملم ذاتي..
وأعود سريعا إلى فخ السقوط..
أقلب تركة الأوجاع جيدا..
علني أجد من بينها، ما يليق بكابوس جديد..
أرتب شياطين الليل..
وأوزع الأدوار، قبل أن يتنافس هؤلاء عليها..
فيجتمع على روحي حينها ألم الموت لمرة أخرى، وألم رؤية صراعهم (أيهم يطعنك أولا)، فتموت قبل أن تموت..
هنا الحنين..
وذاك القلق..
هذا حلم غبي، يشج قلبي..
وتلك صرختي القديمة..
لا جديد إذن..
إلا ذلك المدى، الذي يتسع لكل شيء..
ويضيق ذرعا بآهة يتيمة..
أتعرف معنى أن يكفر البراح بصرخة مكتومة؟!..
أتعرف كيف يكون حجم الألم حينها؟!..
حينها يا صديقي..
يكون ما بين ضلوعك من جحيم..
أكبر من ذلك المدى..
ويكون الصهيل في حنجرتك..
أكبر من قدرة ذلك العالم على السمع..
فتعود من رحلة الصراخ بالصمت المهيب..
آاااخر غنائم حروبك..
وكأنما اجتمع خصومك، ليمنحوك طعنة..
على سبيل الهدية..
لا تميت..
لا تمنح خلاصا..
ولا تعيد حياة..
فأخبرني….
كيف يبلغ الحزن منتهاه..
انتهى..
النص تحت مقصلة النقد..
بقلمي العابث..