اتساع نطاق المعارك .. يهدد بعواقب سياسية واقتصادية خطيرة
هل يستغل صقور إسرائيل وأمريكا الأزمة لمهاجمة إيران؟
مخاوف من انتشار عمليات إرهابية ضد المصالح الغربية إذا استمرت الحرب
انتصار دبلوماسي لبكين وموسكو.. مع صمت واشنطن على المذابح الصهيونية!!
كيربي “يذرف الدموع” على أوكرانيا.. ويبرر “الأضرار الجانبية” بغزة!!
تقرير يكتبه
عبد المنعم السلموني
الهجمات المتصاعدة على القوات الأمريكية والسفن التجارية والحوادث التي كثيرا ما تتعلق بإيران ووكلائها تثير مخاوف جديدة من إمكان اتساع الحرب الإسرائيلية في غزة فتتحول إلى حريق إقليمي له عواقب سياسية واقتصادية عالمية خطيرة.
وفي وجود ألجنود الأمريكيين بشكل متزايد على خط الناربمنطقة مشتعلة خطيرة ووجود القوات البحرية لأمريكا والحلفاء في حالة تأهب قصوى بعد هجمات متعددة بطائرات بدون طيار، فإن تدهور الوضع يشكل مصدر قلق كبير للبيت الأبيض.
ويشير تحليل، كتبه ستيفن كولينسون على موقع سي إن إن، إلى أنه بينما تقصف إسرائيل أهدافا في قطاع غزة من الجو والبحر، هدد عضو بمجلس الوزراء الحربي باتخاذ إجراء على جبهة بطول الحدود مع لبنان، حيث أطلقت ميليشيا حزب الله وابلا من الصواريخ على إسرائيل.
وقال بيني جانتس، عضو مجلس الوزراء الحربي، للصحفيين: “إن وقت الحل الدبلوماسي تجاه لبنان ينفد. إذا لم يتحرك العالم والحكومة اللبنانية لوقف إطلاق النار ودفع حزب الله بعيدًا عن الحدود، فإن الجيش الإسرائيلي سيفعل ذلك.”
ويرى كل من نداف جافريلوف وتوماس فولر، في تحليل لهما بموقع نيويورك تايمز، أن الخوف من اتساع نطاق الحرب شغل الولايات المتحدة وحلفاءها منذ بداية الصراع في غزة، وتزايد بعد قيام ثلاث جماعات مدعومة من إيران -حماس وحزب الله والحوثيين في اليمن -بشن هجمات على إسرائيل وعلى السفن التجارية في البحر الأحمر. ودفع هذا القلق الولايات المتحدة لإرسال حاملتي طائرات إلى شرق البحر المتوسط بعد هجمات حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر والتي أشعلت حرب غزة.
وأكد الجيش الإسرائيلي إن قيادته الشمالية، على طول الحدود مع لبنان، في “حالة استعداد عالية للغاية”.
وتصاعدت التوترات بعد أن اتهمت إيران إسرائيل بقتل العميد، الجنرال السيد راضي موسوي، أحد كبار مستشاري الحرس الثوري الإيراني، في ضربة صاروخية ضد سوريا. وهدد ممثل الحرس الثوري، رمضان شريف، بالانتقام من إسرائيل، حسبما ذكرت وكالة أسوشيتد برس.
وكان المسؤولون الأمريكيون يشعرون بالقلق من أن الهجمات الانتقامية في المنطقة يمكن أن تتصاعد إلى حرب إقليمية أوسع نطاقًا، ولكن قبل بضعة أيام، نفذت الولايات المتحدة ضربات جوية على منشآت في العراق قالت إن وكلاء إيران يستخدمونها. وجاءت الضربات عقب سلسلة هجمات شنها مسلحون في العراق، منها هجوم بطائرة مسيرة على قاعدة جوية في أربيل أصيب فيه ثلاثةجنود أمريكيين.
وتتعرض إسرائيل لضغوط من حكومات أوروبية والأمم المتحدة للموافقة على وقف فوري لإطلاق النار، لكن مع عرض حماس وإسرائيل علنًا لشروط تبدو صعبة، قال دبلوماسيون أن التوصل إلى اتفاق لهدنة دائمة لا يزال بعيدا.
ومنذ هجوم 7 أكتوبر، أطلقت حماس وغيرها من جماعات المقاومة 12 ألف صاروخ من غزة على إسرائيل، ربعها في 7 أكتوبر، وفقًا للحكومة الإسرائيلية. وقصفت إسرائيل قطاع غزة بوابل من الهجمات المتواصلة، حيث قتل أكثر من 20 ألف شخص.
وطرحت مصر مقترحا يدعو لمزيد من تبادل الرهائن والسجناء كخطوة نحو وقف دائم لإطلاق النار، وفقا لثلاثة دبلوماسيين طلبوا عدم الكشف عن هويتهم بسبب حساسية المحادثات. لكن الدبلوماسيين ذكروا أنه لا يبدو أن إسرائيل وحماس قريبتان من الاتفاق.
وكان مجلس الوزراء الحربي الإسرائيلي ناقش مقترحات الهدنة، ومنها المقترح المصري. واستمر المسؤولون الإسرائيليون في إخبار الجمهور بأن عليهم أن يتوقعوا حرباً طويلة وصعبة.
ويبدو أن حماس، في تصريحاتها العلنية، ترفض أي اتفاق لإطلاق سراح الرهائن المتبقين إذا لم يتضمن نهاية مستدامة للأعمال العدائية. وفي مقابلة مع صحيفة نيويورك تايمز، قال زاهر جبارين، عضو القيادة السياسية للحركة، إن الخطوة الأولى يجب أن تكون وضع حد لقتل الناس في غزة قبل أن نتحدث عن قضايا أخرى.
كانت صحيفة الجارديان البريطانية قد نشرت على موقعها الإلكتروني، قبل حوالي شهر، مقالًا لأناتول ليفين، جاء فيه: “يبدو من المحتم تقريباً أن تتسع الحرب في غزة. وبعيداً عن الغضب الذي سببته الحرب في العالم الإسلامي، فإن كلًا من الصين، وروسيا، لديها الدوافع لإحداث المتاعب للولايات المتحدة. والشرق الأوسط هو الأكثر أهمية لواشنطن، ويمثل نقطة الضعف الكبرى لها.
وإذا كانت موسكو وبكين ترغبان في انتصار دبلوماسي، فلن تحتاجا لأي شي، فصمت الولايات المتحدة على القصف العشوائي والمذابح الإسرائيلية ضد غزة يحقق لهما ذلك الانتصار. استخدمت واشنطن حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن الدولي دفاعًا عن إسرائيل، لتصبح الخصم الوحيد لجميع أعضاء مجلس الأمن الآخرين، وللأغلبية الكبيرة في الجمعية العامة.
منذ الغزو الروسي لأوكرانيا، تم توجيه الاتهام في معظم أنحاء العالم بأن الغرب لديه معيار للضحايا البيض، ومعيار أقل بكثير للضحايا غيرالبيض.
ويشير تقرير، كتبه أناتول ليفين للجارديان، إلى مقطع فيديو منتشر على نطاق واسع، يُظِهر المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي، جون كيربي، وهو يذرف دموع التماسيح على القصف الروسي للمدنيين بأوكرانيا، ثم يبرر “الأضرار الجانبية” في غزة، رغم أن إسرائيل، وفقاً لأرقام الأمم المتحدة، قتلت من المدنيين الفلسطينيين خلال أسبوعين مثلما قتلت روسيا مدنيين أوكرانيين خلال 20 شهرًا. واللافت للنظر رفض إدارة بايدن القيام بأي شيء لمساعدة حوالي 500 إلى 600 أمريكي من أصل فلسطيني محاصرين في غزة.
واعتماد الصين على النفط المستورد يعطيها حافزاً قوياً لعدم تمديد الصراع في غزة لمختلف أنحاء الشرق الأوسط. وفي ضوء المشاكل الاقتصادية الحالية لدى الصين، فإنها لا تستطيع تحمل صدمة قد يتعرض لها الاقتصاد العالمي نتيجة لارتفاع هائل والمطول في أسعار النفط.
وفي سوريا، قاتلت القوات الروسية إلى جانب الحرس الثوري الإيراني وحزب الله. وأقامت روسيا وإيران شراكة أوثق، فأصبحت موسكو تعتمد كثيرًا على إيران في إمدادات الطائرات بدون طيار. ويمكن لروسيا مساعدة إيران في تكنولوجيا الصواريخ واستخبارات الأقمار الصناعية.
وهذا لا يعني أن إيران ستورط نفسها في حرب مع الولايات المتحدة إرضاءً لروسيا، ولا يعني أن حزب الله سيشن حربًا ضد إسرائيل تلبية لطلب إيران. ولكن من السهل أن نتصور تصاعد الاشتباكات على الحدود اللبنانية الإسرائيلية إلى حرب واسعة النطاق.
لكن، هناك شيء يبدو مؤكدًا، فإذا استغل صقور إسرائيل والولايات المتحدة الأزمة لشن هجوم على إيران (مثلما حدث عقب أحداث 11 سبتمبر لشن هجوم أمريكي على العراق)، فإن روسيا ستقوم بتسليح إيران، نظراً لقيام الولايات المتحدة والناتو بتسليح أوكرانيا. ويمكن أن تتوفر الذريعة لهؤلاء الصقور إذا تكبدت القوات الأمريكية بالعراق خسائر كبيرة بسبب هجمات الميليشيات الشيعية المدعومة من إيران.
ويقول ليفين إن تداعيات الحرب في غزة تعد خارج نطاق قدرة أي دولة خارجية للسيطرة عليها. كما لا يمكن تجاهل رد فعل الجماهير العربية.
وهناك احتمالات لانتشار الإرهاب. فعشرات الآلاف من الأميركيين والأوروبيين العاملين بمنطقة الخليج معرضون بشدة للهجمات، ولو من قِبَل ذئاب منفردة غاضبة. كذلك هناك خطر اندلاع موجة جديدة من الإرهاب في أوروبا لرفضها دعم وقف إطلاق النار في غزة. وروسيا ليس لديها سبب لتدعم الإرهاب، ولكنه قد يجلب لها فوائد كبيرة.
وبالتالي، فإن تداعيات حرب غزة ستستمر على مدى أشهر وسنوات عديدة. ومن الصعب معرفة أي منها سيكون لصالح الولايات المتحدة أو أوروبا.
في الوقت نفسه، يمثل الاحتمال المتزايد للوفيات في صفوف القوات الأمريكية وتدهور الوضع الأمني من المحيط الهندي إلى البحر الأحمر، ليمتد عبر العراق وسوريا ولبنان وإسرائيل، أزمة خارجية غير مرغوب فيها على أعتاب عام إعادة انتخاب الرئيس جو بايدن. والتحذيرات التي أطلقتها إسرائيل بأن حربها في غزة ستستمر لعدة أشهر، تهدد بزيادة فرص خروج الحرب عن السيطرة وجر الولايات المتحدة للتورط فيها.
ويرى كولينسون أن وتيرة الهجمات والتصعيد في الأيام الأخيرة تكتسب زخمًا مميتًا، مما يزيد المخاوف من تصاعد التوترات.
واتهمت واشنطن المخابرات الإيرانية بزيادة مشاركتها في التخطيط لهجمات الحوثيين على سفن الشحن التجاري (المتجهة لإسرائيل)، وتقول إن ذلك دفع بعض خطوط الشحن لإعادة توجيه سفنها حول إفريقيا بدلاً من المرور الأكثر اقتصادًا عبر قناة السويس، مما أثار مخاوف على سلسلة التوريد العالمية. ونفت إيران مراراً علاقتها بذلك.
كما ذكر البنتاجون إن البصمة الجغرافية لعدم الاستقرار تمتد نحو الهند بعد أن تعرضت ناقلة كيماوية تعمل في المحيط الهندي لهجوم بطائرة بدون طيار إيرانية قرب الساحل الهندي، الأمر الذي نفته إيران أيضًا.
وتسلط موجة الأحداث الجديدة الضوء على احتمال حدوث تصعيد خطير للحرب، ومدى تعرض القوات الأمريكية للخطر بشكل مباشر، وهذا يفسر المناشدات العاجلة المتزايدة من واشنطن لإسرائيل لتقليص الحرب في غزة، حيث أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف جالانت أن بلاده في “حرب على سبع جبهات مختلفة”، في إشارة إلى غزة ولبنان وسوريا والضفة الغربية والعراق واليمن وإيران.
وهذا السيناريو لا يمكن للولايات المتحدة، وخصوصًا بايدن، السماح له بالتحول إلى حقيقة طويلة الأمد.
وتغطي البصمة العسكرية الأمريكية كل القارات تقريبًا. واتسع نطاق هذه البصمة بشكل كبير بعد إقرار ترخيص استخدام القوة العسكرية عام 2001، والذي سمح بدعم القوات الأجنبية ضد الجماعات الإرهابية. ومنذ ذلك الحين، نشرت الولايات المتحدة 173 ألف جندي في 159 دولة اعتبارًا من عام 2020، وتحتفظ حاليًا بما لا يقل عن 750 قاعدة عسكرية في دول أجنبية في 80 دولة، وفقًا لمجلة إدارة الصراع وعلوم السلام.
قام موقع ستاكر بتجميع قائمة تضم حوالي 15 “حروب ظل” تشارك فيها الولايات المتحدة حاليًا وكيف بدأت تلك الصراعات، منها أن الولايات المتحدة دعمت الحكومة اليمنية ضد المنظمات الإرهابية –ومنها تنظيما داعش والقاعدة –منذ أن بدأت الحرب الأهلية في البلاد عام 2014.
كما قدمت واشنطن مساعدة عسكرية لأوكرانيا منذ الغزو الروسي للبلاد في فبراير 2022. ومع ذلك، تم استهداف هذا الدعم استراتيجيًا لتجنب المزيد من تصعيد التوترات مع موسكو وتفيد التقارير أن البيت الأبيض متردد في إرسال معدات متقدمة لأوكرانيا.
ومنذ عام 2014، نشرت واشنطن حوالي 900 جندي أمريكي في سوريا. وحتى الآن، تواصل الولايات المتحدة تقديم الاستخبارات العسكرية والمراقبة والدعم الجوي للمعارضة السورية.
وتعد الكاميرون واحدة من 11 دولة أفريقية تشارك الولايات المتحدة معها في نشاط عسكري في إطار عملية درع جونيبر، التي تستهدف تنظيمي بوكو حرام وتنظيم الدولة الإسلامية في غرب أفريقيا.
ورغم انتهاء حرب العراق رسميًا في ديسمبر 2011، لكن القوات الأمريكية عادت للمنطقة عام 2014. ولا يزال حوالي 2500 جندي أمريكي منذ مارس 2023، لتقديم التعليمات للقوات العراقية.
وتحتفظ واشنطن بقوة عسكرية في كينيا لمواجهة التهديدات حركة الشباب الإرهابية. واعتبارًا من 2021، قدمت وزارة الدفاع 69 مليون دولار بدعوى مكافحة الإرهاب.
كما وحد الجيشان الأمريكي واللبناني قواهما في مواجهة داعش وحزب الله وحماس والحرس الثوري الإسلامي. ومنذ عام 2012، قدمت واشنطن 72 مليون دولار لزيادة أجور الجيش اللبناني وقوات الشرطة.
وفي ليبيا، انخرطت القوات الأمريكية في عمليات عسكرية منذ هجوم بنغازي عام 2012، والذي أسفر عن مقتل سفير أمريكي واثنين من مقاولي وكالة المخابرات المركزية، وشنت القوات الأمريكية ضربات ضد الجماعات الإرهابية في المنطقة منذ عام 2020.
وتحتفظ الحكومة الأمريكية بوجود عسكري ثابت في نيجيريا، حيث ظلت منذ فترة طويلة حليفًا عسكريًا للولايات المتحدة، وفي عام 2022، وافق البيت الأبيض على بيع أسلحة بمليار دولار للبلاد. وقدمت واشنطن أكثر من 41ألف دورة تدريبية للعسكريين النيجيريين.
وخلال العقد الماضي، قدمت واشنطن 3 مليارات دولار للصومال في الحرب ضد حركة الشباب وداعش. وتشمل المساعدات الغارات القتالية والتدريب والمعدات العسكرية. وفي عهد ترامب، انسحبت أمريكا من الصومال، فاستعادت حركة الشباب نشاطها. لكن، تضاءل وجود الجماعة مع عودة القوات الأمريكية تحت إدارة بايدن.
ورغم انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان عام 2020، فلا تزال وكالة المخابرات المركزية تراقب الوكالة تطورات استيلاء طالبان على مواقع في باكستان. كما أن بعض القوات الأمريكية تحرس السفارة الأمريكية في كابول.