تخطى سعر صرف الدولار في السوق السوداء الذي يعد أعلى مستوى تاريخي للعملة الأميركية مقابل الجنيه المصري بمصر 60 جنيه للدولار وأسهم تذبذب سعر الجنيه مقابل الدولار في تثبيط محتمل للمشترين الباحثين عن شراء الأصول الحكومية، إذ قرر بعضهم انتظار سعر أفضل للأصول المقومة بالعملة المحلية،
حيث أصبح التذبذب هو سمة سعر الصرف”، أن المضاربات لا تزال تسيطر على سعر الدولار والذهب. للسوق السوداء أضرار وعواقب مالية واقتصادية كبيرة على الاقتصاد الوطني للدولة المعنية. من هذه العواقب نقص العوائد الضريبية للدولة وانتشار نوع من الفوضى الاقتصادية المنظمة، مما قد ينعكس سلبا على مستوى الإنفاق الحكومي في المجالات الاجتماعية والإنتاجية
إذا أردنا أن نشهد ارتفاعا حقيقيا لسعر الجنيه أمام الدولار فيجب أن يكون ذلك مرهونا بإتاحة الدولار في القطاع المصرفي، كما لا بد أن يختفي العجز بين العرض والطلب والفرق في السعر بين السوق الرسمية والموازية”.
تزايد الضغوط على العملة المصرية بالشكل الذي قد يجبر البنك المركزي المصري على السماح بتخفيضات جديدة للجنيه مقابل الدولار، وبدأت طرق الإلتفاف على القرار من باب التحويلات البنكية عبر شراء نقد أجنبي من خارج القطاع المصرفي وإيداعها في حسابات عدد من العملاء الأخرين ( وفقاً للحدود القصوي ) ، ومن ثم تجميعها ليعاد تحويلها داخلياً بالبنك إلى حساب العميل الأصلي واستخدامها في تنفيذ عمليات استيرادية أو سداد مديونية بالدولار الأمريكي مترتبة على تمويل عمليات استيراد.
لكن ما لبث المستوردون يبحثون عن مخرج آخر، ومنها التلاعب فى قيمة فواتير الاستيراد، وإن كان البعض قد أكد انتشارها منذ فترة طويلة، نتيجة الاعتماد على التحصيلات المستندية، ولا سيما المتعلقة بالسلع المستوردة من الصين، وذلك عبر اعتماد المستورد على إظهار فواتير بأقل من قيمتها الأصلية وتمويل تلك القيمة عبر البنوك المحلية وإثباتها فى نموذج (4) للإفراج الجمركي، بينما يعتمد على أسواق خارجية لتمويل الفرق بينها وبين القيمة الحقيقية للصفقة .
ثم بحث المستوردين عن منفذ جديد للحصول على النقد الأجنبي، وتوسعت بعض شركات الصرافة بالخارج، ولا سيما في دبى، باستقطاب أموال المصريين العاملين في الخارج عبر الحصول على الدولار والعملات الأجنبية الأخرى، بقيمة تصل إلى 8.25 أو 8.5 جنيه، على أن يتم بيع الحصيلة الدولارية للشركات والمستوردين، كما نشطت الفكرة نفسها في دولتي الصين وتركيا، على خلفية زيادة حجم التبادل التجاري مع البلدين، إذ يصل عجز الميزان التجاري مع الصين وحدها إلى 10 مليارات دولار. واستغل المتعاملون ميزة المناطق الحرة للخروج من مآزق الحصول على نموذج 4 الذي يجب الحصول عليه من البنوك المحلية للإفراج الجمركي للبضاعة .
أن الوقت قد يكون قصيراً لاتخاذ هذه الخطوة، خصوصاً مع تزايد الطلب المكبوت على الدولار الذي لن يتراجع من دون مزيد من المرونة في سوق الصرف وتدفقات أقوى للاستثمارات. إن “الإجراءات ليست كافية، مما أدى إلى توقف الصفقات وضعف أداء السندات المصرية”.
إذ أصبحت توقعات التضخم الرهيبة في الداخل محط تركيز السلطات، خصوصاً بعد ارتفاع أسعار الوقود ومع بقاء أيام فقط قبل شهر رمضان المبارك. فإن أعباء خدمة الدين الخارجي بلغت 5.8 مليار دولار خلال الفترة من يوليو وحتى سبتمبر من العام المالي 2023-2024، وبلغت الأقساط المسددة نحو 4.2 مليار دولار والفوائد المدفوعة نحو 2.6 مليار دولار.
و أنه وفقاً للمؤشرات، فإن نسبة رصيد الدين الخارجي إلى الناتج المحلي الإجمالي بلغت نحو 32.4 في المئة نهاية سبتمبر 2023، وهي لا تزال في الحدود الآمنة، وفقاً للمعايير الدولية. انخفاض الاستثمار الأجنبي: فالعوامل التي يمكن أن تثبط الاستثمار المحلي ينطبق أيضا على الاستثمار الأجنبي المباشر، والأخير سيكون حذرًا من الاستثمار في البلاد،
حيث قد يتم تقييد توزيع أرباح الأسهم على الشركة الأم في الخارج، كما أن خطر الحرمان من الوصول إلى العملات الأجنبية قد يثني أيضا مستثمري المحافظ الأجنبية عن دخول السوق. شكوك في شأن التزام السلطات في مصر مرونة سعر الصرف بشكل دائم، لأن الدولة تعاني من أزمة طاحنة بمواردها من النقد الأجنبي منذ اندلاع ثورة يناير وذلك بسبب تراجع إيرادات السياحة و انخفاض الاستثمارات الأجنبية المباشرة وغير مباشرة فضلا عن انخفاض الصادرات وتذبذب إيرادات قناة السويس مؤخراً علي خلفية الركود الذي ضرب التجارة العالمية.
أن الآفاق المستقبلية للجنيه في الوقت الحالي يقابلها عدد من التحديات، ما يضع ضغوطاً على التضخم وقد يدفع المركزي لرفع الفائدة ما بين واحد في المئة و1.5 في المئة خلال الربع الأول من العام الحالي. أن سعر الدولار أصبح النقمة التي يتابعها المواطن والمستثمر بشكل يومي في مصر، نظرًا لهيمنة الدولار في مجالي التجارة الدولية والتموين.
أن مصر تحتاج إلى 100 مليار دولار سنويًا من أجل شراء احتياجات المواطنين من الخارج، لان هذا الرقم مُرجحة للزيادة في ظل ارتفاع فاتورة الاستيراد للدولة المصرية في ظل الزيادة المستمرة في الفائدة العالمية وموجات التضخم المتتالية
أن الفريق الحكومي في مصر عليه إدارة الملف الاقتصادي بطريقة أكثر حصافة، لمواجهة التحديات التي تفرضها عوامل محلية وإقليمية، وتقليل تأثيرها على البلاد. ان مصر لديها القدرة على مواجهة المصاعب،
المشكلة تكمن في استنزاف موارد النقد الأجنبي المتاحة بالدولة في استيراد سلع غير أساسية يسهل الاستغناء عليها ، مع العلم أن في حالة عدم وجود سوق موازية سيتم بيع كل هذه الدولارات داخل البنوك بالسعر الرسمي وبالتالي سترتفع قدرة البنوك علي تمويل السلع الأساسية والتي قد تمتد لسلع غير أساسية أخرى.
هذا إلى جانب أن حصول المستوردين على الدولار بسعر عالي من السوق الموازي يدفعهم لرفع أسعار السلع المستوردة بشكل مبالغ فيه الأمر الذي يقلل من القوة الشرائية للمواطنين بصورة أكبر ويضغط على معدلات التضخم التي من المفترض ان تستفيد من تراجع أسعار السلع العالمية . علاوة أن وجود سعرين للدولار داخل السوق يقضي على أمال جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة “FDI ” لأن من المستحيل أن يأتي مستثمر وهناك سعرين للدولار وذلك لصعوبة تقدير تكلفته وأرباحه المستقبلية .
ضرورة مواجهة السوق السوداء للدولار بكل حسم وقوة ضد المخالفين وتطبيق القانون على كل من يحاولون الأضرار بالاقتصاد الوطني من خلال الإتجار في الدولار بطرق غير شرعية.
ويقصد بمصطلح السوق السوداء لتداول العملات، عمليات الإتجار غير المشروعة في العملات الأجنبية، بغرض المضاربة في أسعارها وتحقيق ربح من وراء ذلك.
وينتج عن هذه العمليات أضراراً بالغة للاقتصاد والفرد، حيث تؤدى إلى تيسير حصول الأفراد المخالفين للقانون على العملات الأجنبية اللازمة لتيسير أنشطتهم الإجرامية المختلفة مثل الإتجار في المخدرات، والسلاح، والتهريب، فعلى سبيل المثال يحصل تجار المخدرات على العملات الأجنبية اللازمة لاستيراد المواد المخدرة وتهريبها إلى الداخل من خلال السوق السوداء، ويقومون بدفع مبالغ كبيرة بالعملة المحلية نظير الحصول على هذه العملات اللازمة لتيسير أنشطتهم الإجرامية.
كما تؤدى السوق السوداء إلى الإضرار بسوق التجارة، من خلال توفير العملات الأجنبية للتجار الذين يقومون بعمليات الاستيراد المخالف للقانون من خلال تهريب السلع عبر الحدود وما إلى ذلك من الممارسات.
وتؤثر السوق السوداء على المعروض من العملات الأجنبية نتيجة الضغط الذي تمارسه على هذا المعروض، وعادة ما يؤدى انتشار هذه السوق إلى اتساع نطاق تحرك أسعار العملات الأجنبية والإضرار بقدرة الدولة على توفير احتياجاتها من النقد الأجنبي.
ووضع القانون 194 لسنة 2020 والذي ينظم عمل البنوك والقطاع المصرفي عقوبات رادعة على من يمارس الإتجار في العملة الأجنبية بشكل غير مشروع، حيث نصت المادة (233) من القانون على أن يُعاقب بالسجن مدة لا تقل عن 3 سنوات ولا تزيد على 10 سنوات وبغرامة لا تقل عن مليون جنيه ولا تُجاوز 5 ملايين جنيه أو المبلغ المالي محل الجريمة أيهما أكبر، كل من تعامل في النقد الأجنبي خارج البنوك المُعتمدة أو الجهات التي رُخص لها في ذلك.