فوجئت بشابين يصلون الظهر أمام أحد المساجد الكبيرة المغلقة بالعجوزة .. وكان ذلك قبل أيام في حوالي الثانية ظهراً!
وأعتبرت هذا المشهد يدخل في دنيا العجائب وحضرتك كذلك في أغلب الظن!
ومن حقك أن تسألني: وما الذي دفعهم إلى صلاة الظهر أمام مسجد مغلق .. لماذا لم يذهبوا إلى جامع مفتوح ؟؟
والإجابة ستكون صاعقة ومفاجأة كبرى: مفيش جامع أبوابه مفتوحة في ذلك الوقت الساعة الثانية ظهراً!! في طول القاهرة وعرضها!!
ومن المؤكد أنك ستعتبر إجابتي تلك غريبة جداً وتدخل في دنيا العجائب.
ومنذ أن كنت طفل صغير وأنا أرى المساجد تفتح أبوابها منذ صلاة الظهر وحتى الليل بعد صلاة العشاء غير طبعاً صلاة الفجر .. ولم يسبق في تاريخ مصر أبدا أن المساجد تغلق أبوابها بعد كل صلاة مباشرة .. إلا في هذه الأيام الصعبة التي تعيشها بلادي من كافة الوجوه!
وإغلاق المساجد بدأ تحديداً في عام الكورونا .. في شهر أبريل من عام ٢٠٢٠ ، الدنيا كلها أغلقت وليس الجوامع فقط .. بل كان هناك حظر تجوال لأول مرة في بلادي لأسباب صحية وهي لمنع إنتشار الوباء .. وبعد تراجعه إلى حد بعيد عادت الأوضاع إلى طبيعتها في كل المجالات .. عدا الجوامع .. لا تفتح إلا في أوقات الصلوات فقط ثم تغلق بعد نصف ساعة على الأكثر .. ولذلك غريب جداً أن تجدها مغلقة عز الظهر!!
وحاولت البحث عن أسباب ذلك دون جدوى .. لم أجد إجابة أبدا ..
ليه وعلشان إيه .. وما الحكمة من ذلك ؟؟
في الوقت الذي تحتاج فيه بلادي إلى التدين الصحيح خاصة في هذا العصر حيث أنه مع التقدم العلمي العظيم هناك تراجع أخلاقي وإنساني فظيع!!
والمساجد ليست مخصصة فقط للصلوات وبعدها تغلق .. إنما هي منارة المجتمع كله.
وقد يحاول البعض تبرير ذلك بإجابات خيبة!!
مثل القول إن بلادنا تمر بمرحلة صعبة في محاربة الإرهاب .. وإغلاق الجوامع هدفها منع المتطرفين من الإجتماع والتجمع وإلقاء الدروس .. وصاحب هذه الإجابة مش عايش في مصر .. يمكن مقيم في دولة تانية لأن المساجد لم تغلق أبدا عندما كان الإرهاب في بلادنا في ذروته وإنما أغلقت بعد الكورونا ..
وإلقاء الدروس منذ سنوات طويلة ليست سداح مداح .. بل لابد أن يكون له مؤهل يسمح له بذلك بالإضافة إلى موافقة المسئولين عن المسجد ..
وإغلاق المساجد يعني أن مفيش دروس دينية خالص .. لا للإمام الجامع ولا غيره .. ولا تجد أحد من المترددين قاعد في بيت الله يقرأ القرآن .. لأن مفيش وقت ..فالمسجد سيغلق أبوابه بعد الصلاة بنصف ساعة على الأكثر .. ولن يفتح من جديد إلا قبل الصلاة التي تليها بدقائق قليلة.
وهناك من يقول الجوامع مغلقة لأنه لوحظ أن الناس بتنام هناك .. وفرصة للتسول من اللي داخل وخارج .. وهذا كلام سخيف لا يستحق الرد !!
ولكن أضراره فادحة .. أقصد إغلاق المساجد .. إنها تسيئ إلى صورة مصر بين الأشقاء في العالم العربي والإسلامي .. والأهم منه أنه سينشئ جيل لا صلة له بالأخلاق الحلوة الناشئة عن التدين الصحيح!
وتلك مصيبة كبرى ، علينا كلنا .. أنت وأنا والبلد كلها!!
وأخيراً ياريت اي واحد من القراء لو رأى جامع مفتوح طول الوقت من الظهر إلى العشاء .. يخبرني بذلك فوراً لأنه يستحق في هذه الحالة تعظيم سلام!!.