في كتابه اللطيف (الغباء البشري) يعرف كارلو شيبولا الشخص الغبي على أنه الشخص الذي يؤذي الآخرين دون أن يحصل على مكاسب تذكر.
الناس عند شيبولا مقسمون إلى (أذكياء، قطاع طرق،مغلوبون على أمرهم،أغبياء)
ونسبة الغباء ثابتة في المجتمعات ،تجد هذه النسبة بين الحائزين على نوبل وأساتذة الجامعات والأطباء وبين محاسبين الضرائب وباعة الخضار .
وحسب شيبولا فإن قطاع الطرق هم من يحققون مكاسب لأنفسهم وخسائر للناس.
حين دخلت صديقتي ذات يوم عيادة طبيب الأشعة من أجل فحص ال(دوبلر) ألقينا عليه التحية،فقابلنا بالصمت ووجه مكفهر وبنطال مجعد لم تدفئه المكواة منذ أن ولد على يد خياط مبتدئ .
قال لها آمرا :
أجلسي
نظرنا إلى مكان الجلوس فكان سرير فحص بشرشف مبقع يشكو النتانة وخلايا جلدية مجهرية غير منظورة لعشرات المرضى المستلقين عليه منذ أن فتح النهار جفنيه وحتى ساعة الغروب
قالت صديقتي:
من فضلك أريد شرشفا جديدا.
حينها أبصرت في وجهه تنينا يزفر الدخان والنار من منخريه وشعر رأسه الكالح يقف استعدادا لدخول حلبة للمصارعة، شزرها و قال :
تجلسين على مقاعد سيارة التاكسي ومقاعد المطاعم فلاتطلبين النظافة وتبديل الشراشف ، لست مجبرا على تبديل الشرشف لك ثم إن الشراشف لاتنقل أمراضا
أخرجا وانتظرا عاملا يفعل لكما ماتريدان هيا إلى الخارج .
سحبت صديقتي إيصال الفحص الذي قيمته تسعون الف دينار عراقي ألفا ينطح ألفا دون أن تناكفه بكلمة واحدة سوى جملة:
سأذهب لاأريد منك أن تفحصني
سحبتها أنا من يدها وخرجت من دون أن أعرف عن نفسي وعملي كطبيبة وفي صباح اليوم التالي كانت الشكوى التي قدمتها ضده تستريح في كف نقيب الأطباء .
هذا الغبي قضى عشر سنوات في دراسة الطب ولم يتخلى عن غباءه الأصيل .
لكن ماذا عن الجرب يادكتور و القمل والعدوى الفطرية الجلدية ألا تنقلها الشراشف المتسخة بجلود عشرات المرضى في عيادتك التي تغص بالأموال كما تغص بالجراثيم!
كان صاحب المولد في الحي قاطع طريق حسب تقسيم شيبولا، فهو يدربنا كل يوم لعشر دقائق على كيفية ممارسة حياتنا إن اصبنا بالعمى ،إنه رجل إنساني جدا ويشعر بمعاناة المكفوفين في ظلامهم الدامس.
عشر دقائق أو خمسة عشر كل يوم يوفر فيها الوقود ومزيدا من أموالنا.
هو قاطع طريق يؤذي الآخرين ويحقق مكسب لنفسه .
هؤلاء الأغبياء وقطاع الطرق سيموتون يوما بأنياب بابيروسه إن لم يشذبوا أنياب غباءهم وجشعهم كما يفعل حيوان بابيروسه فيحك أنيابه بجذوع الأشجار قبل أن يفقد السيطرة على نموها فتستدير لتثقب رأسه وتحفر دماغه .