عمر بن عبدالعزيز الملقب ( بخامس الخلفاء الراشدين) و ثامن خلفاء الدولة الأموية التي تولت الحكم من عام 40 – 132 ه.
عرف وهو على فراش الموت بأن خادمه هو من وضع السم له فى الطعام ، فناداه الخليفة عمر وقال له : “ويحك لماذا وضعت السم فى طعامى” ؟
فارتعب الخادم وقال له بخوف شديد سيدى أمراء بنى أمية أعطونى ألف دينار، ووعدونى بأن أصبح حرا إذا فعلت ذلك، فقال له الخليفة العظيم : ضع الألف دينار فى بيت مال المسلمين ، واذهب فأنت حر لوجه الله ، ولقد عفوت عنك.
فعمر رضي الله عنه رغم أنه على وشك الموت كان يفكر فى بيت مال المسلمين ، ويضرب أروع الأمثلة فى العفو عند المقدرة لأن العلماء قالوا عنه: ( ما مشى عمر خطوة واحدة إلا وكان له فيها نية لله) .
لذلك استطاع فى عامين ونصف فقط أن يمحو الفقر وينشر العدل، حتى أن المنادى كان ينادى فى شوارع المسلمين من أراد الزواج أو سداد الديون أو الحج فكل ذلك من بيت مال المسلمين.
فقضى على الديون وفاض الخير وانتشرت البركة، لدرجة أنه قال للعمال ألقوا فائض القمح والبذور فى الصحراء لتأكل الطيور ، حتى لايقول الناس جاع الطير فى بلاد المسلمين.
ورغم عدله الكبير كان شديد الخوف من علام الغيوب حتى قال عنه العلماء كان يبكى إذا سمع القرآن وكأن النار لم تخلق إلا له ، وكان يرفض النفاق وأهله فكان يجمع العلماء الصالحين ليتذاكروا أمر الآخرة.
فقال له أحدهم يا أمير المؤمنين صم عن الدنيا و أفطر على الموت وأجمع الزاد لليلة صبحها يوم القيامة، هذه الكلمات هزت قلبه وسكنت روحه فأخذ يعيش وكأنه راهب فى بيته و ملبسه وحياته، عاش حياة الفقراء رغم أنه كان يحكم ربع الكرة الأرضية في هذا الوقت .
فهو من تتلمذ على يدي رسول الرحمة النبي محمد صلى الله عليه وسلم وحفيد الفاروق عمر رضي الله عنه، تجنب الهوى حتى تجنبه الهوى ، وطلق الدنيا ثلاثا واشترى بها جنات خالدة، وآخر ما نطق به لسانه المبارك قول الله تعالى: { تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا فى الأرض ولا فسادا و العاقبة للمتقين }”سورة القصص / 83 “.
لذلك صدق فيه قول القائل : ” وإذا سألوك عن العدل فى بلاد المسلمين فقل لهم “لقد مات عمر” .
رحم الله خليفة المسلمين عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه ، وأسكنه فسيح جناته ….