القيمة الثالثة
الذكر هو أعلي درجات المتقين ، وسراج اللاهجين ، وأنيس المؤمنين ، وحوار المخلصين مع رب العالمين
فبه يأنس الصالحون ، ويعترفون فيه بفضل الله وبرحمته علي المتقين قال تعالى: «فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ»،
وإن الذكر من أعظم العبادات أجرا، وأكثرها يسرا، وأقلها كلفة وتعبا مع حب الله لها وعظيم أثرها على صاحبها ، فذكر الله تعالى هذا العمل على سهولته ويسره هو خير عمل يقوم به الإنسان، وأزكى عمل عند الرب الرحمن، وهو أرفع الأعمال في الدرجات، بل خير من إنفاق الذهب والفضة في الصدقات .
فائدة الذكر وماذا يفعل بصاحبه؟
أنه يورث جلاء القلب من صدئه. أنه يحط الخطايا ويذهبها، فإنه من أعظم الحسنات، والحسنات يذهبن السيئات. أنه يزيل الوحشة بين العبد وبين ربه تبارك وتعالى ، أن ما يذكر به العبد ربه من جلاله وتسبيحه وتحميده، يذكر بصاحبه عند الشدة .
وأفضل الذكر “لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير”، مع التسبيح والتحميد والتكبير، يقول ﷺ: أحبُّ الكلام إلى الله أربع: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ويقول: الباقيات الصَّالحات: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله،
فالمواظبة على الذِّكر وترطيب اللسان باسم المنَّان في هذه الليالي المباركة له فضل عظيم، حيث ورد في فضل الذِّكر العديد من الآيات القرآنيَّة والأحاديث النبويَّة نورد منها ما يلي:
قال الله تعالى: «فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ».
كما قال عز وجل: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا».
وقال عز وجل : «وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيما».
وقال أيضًا: «وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنْ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ وَلا تَكُنْ مِنْ الْغَافِلِينَ»..
ومن الأحاديث النبويَّة قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «مثل الذي يذكر ربَّه والذي لا يذكر ربَّه مثل الحيّ والميت“.
قال الحافظ ابن القيم رحمه الله تعالى في فوائد ذكر الله تعالى:
أنَّ الذكر رأسُ الشكر، فما شكر الله تعالى مَن لم يذكره.
وذكر البيهقي: عن زيد بن أسلم: أنَّ موسى عليه السلام قال: «ربّ قد أنعمتَ عليَّ كثيرًا، فدلني على أن أشكرك كثيرًا، قال: اذكرني كثيرًا، فإذا ذكرتني كثيرًا فقد شكرتني كثيرًا، وإذا نسيتني فقد كفرتني».
وقد ذكر البيهقي أيضًا في “شعب الإيمان” عن عبدالله بن سلام، قال: قال موسى عليه السلام: يا ربّ، ما الشّكر الذي ينبغي لك؟ فأوحى الله تعالى إليه أن لا يزال لسانك رطبًا من ذكري، قال: يا ربّ، إني أكون على حال أُجِلُّك أن أذكرك فيها، قال: وما هي؟ قال: أكون جنبًا أو على الغائط أو إذا بُلْتُ، فقال: وإن كان، قال: يا ربّ، فما أقول؟ قال: تقول: سبحانك وبحمدك، وجنبني الأذى، وسبحانك وبحمدك، فقني الأذى.
قلت: قالت عائشة: “كان رسول الله ﷺ يذكر الله تعالى على كل أحيانه”، ولم تستثنِ حالةً من حاله.
وهذا يدل على أنه كان يذكر ربَّه تعالى في حال طهارته وجنابته، وأمَّا في حال التَّخلي فلم يكن يُشاهده أحدٌ يحكي عنه، ولكن شرع لأمَّته من الأذكار قبل التَّخلي وبعده ما يدل على مزيد الاعتناء بالذكر، وأنَّه لا يُخِلّ به عند قضاء الحاجة وبعدها.
وكذلك شرع لأمته من الذكر عند الجماع أن يقول أحدهم: بسم الله، اللهم جنبنا الشيطان، وجنّب الشيطان ما رزقتنا.
وأمَّا الذكر عند نفس قضاء الحاجة وجماع الأهل فلا ريب أنه لا يُكره بالقلب؛ لأنه لا بدَّ لقلبه من ذكر، ولا يُمكنه صرف قلبه عن ذكر مَن هو أحبّ شيءٍ إليه، فلو كلّف القلب نسيانه لكان تكليفه بالمحال، كما قال القائل:
يُراد من القلب نسيانكم…….. وتأبى الطِّباع على الناقل
فأمَّا الذكر باللسان على هذه الحالة فليس مما شرع لنا، ولا ندبنا إليه رسولُ الله ﷺ، ولا نُقِل عن أحدٍ من الصحابة .
وقال عبدالله بن أبي هذيل: “إنَّ الله تعالى ليُحب أن يُذكَر في السوق، ويُحب أن يُذكَر على كلِّ حالٍ، إلا على الخلاء
لذلك احرص على أن تكون لك باقة من الأذكار اليوميَّة تشتمل على ما يلي:
• «أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحيّ القيوم وأتوب إليه» 100 مرَّة.
• «اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شرِّ ما صنعت، أبوء بنعمتك وأبوء بذنبي، فاغفر لي، فإنَّه لا يغفر الذُّنوب إلا أنت» 10 مرَّات.
• «اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات» 100 مرَّة.
• «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير» 100 مرَّة.
• «لا إله إلا الله» 100 مرَّة.
• «سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر» 100 مرَّة.
• «سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم» 100 مرَّة.
• «حسبي الله ونعم الوكيل» 100 مرَّة.
• «لا حول ولا قوَّة إلا بالله» 100 مرَّة.
• «اللهم صلِّ على سيِّدنا محمد» 100 مرَّة.
• «لا إله إلا الله الملك الحق المبين» 100 مرَّة..
وما حكم المفاضلة بين الذكر والقرآن؟
فالقرآن من حيث الإطلاق أفضل من الذكر, لكن الذكر عند وجود أسبابه أفضل من القراءة مثال ذلك: الذكر الوارد أدبار الصلوات أفضل في محله من قراءة القرآن، وكذلك إجابة المؤذن في محلها أفضل من قراءة القرآن, وهكذا. انتهى.
فضل من نام وهو يذكر الله:
وعن أبي أمامة ـ رضي الله عنه ـ قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقولُ: (( مَنْ أوَى إلى فِرَاشِهِ طاهِراً وَذَكَرَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ حَتَّى يُدْرِكَهُ النُّعاسُ، لَمْ ينقلب ساعَةً مِنَ اللَّيْلِ يَسألُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فِيها خَيْراً مِنْ خَيْر الدُّنْيا والآخرَةِ إِلاَّ أعْطاهُ إيَّاهُ)) .
ماهي أقرب الأدعية إلى الله تعالى ؟
«اللهمَّ إليك مددتُ يدي، وفيما عندك عظمت رغبتي، فأقبل توبتي، وأرحم ضعف قوتي، وأغفر خطيئتي، وأقبل معذرتي، و أجعل لي من كل خير نصيباً، وإلى كل خير سبيلاً برحمتك يا أرحم الراحمين».
– «اللهمَّ لا هاديَ لمن أضللت، ولا معطيَ لما منعت، ولا مانع لما أعطيت، ولا باسط لما قبضت، ولا مقدم لما أخرت، ولا مؤخر لما قدمت».
إلي غير ذلك من الأذكار والأدعية المأثورة اليومية والليلية التي يعطر بها المسلم لسانه ، ويشحن بها طاقة الحب لله في قلبه ، ويقف علي باب ربه فيلوذ بجنابه ،ويدخل في رحابه ، ويسأله من خيري الدنيا والآخرة.
اللهم اجعلنا لك من الذاكرين ، لك من الشاكرين ، لك من المُخبتين ، لك من الأوابين ، لك من تحققوا من صفات الجلال والجمال و والكمال … اللهم آمين آمين يارب العالمين …