مؤسسة ماعت تصدر تقريرها السنوي السابع عن حالة حقوق الإنسان في المنطقة العربية 2023
عقيل : مسار حقوق الإنسان الذي يتفق مع المعاهدات والاتفاقيات الدولية يحتاج إلى خطوات اضافية من الحكومات العربية
شريف عبد الحميد: المواطن العربي مأزوم بين القيود على الحريات والتباطؤ في تحقيق أهداف التنمية المستدامة
كتب عادل احمد
أصدرت مؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان صباح اليوم الأحد الموافق 17 مارس 2024 تقريرها السنوي السابع “الحماية الهشة والعدالة المفقودة.. تحديات حقوق الإنسان في الدول العربية 2023″، والذي يتواكب مع عقد الدورة 55 لمجلس حقوق الإنسان والمنعقدة خلال الفترة من 26 فبراير وحتى 5 أبريل 2024 بقصر الأمم المتحدة بجنيف، ويتناول التقرير بالرصد والتحليل تطورات ووقائع حالة حقوق الإنسان في 22 بلداً عربياً خلال عام 2023، وهو العام الذي صادف حدثاً تاريخياً وهو الذكري 75 لإصدار الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، هذا الإعلان الذي وجِهَت له لطمة كبرى من أبرز الدول الراعية له، وذلك بمنح ضوء أخضر لإسرائيل المحتلة للضفة الغربية وغزة، بشن حرب إبادة على الشعب الفلسطيني، وارتكاب جرائم ضد الإنسانية بحقه.
يرتكز تقرير مؤسسة ماعت والذي يعد وثيقة مرجعية تشخص حالة حقوق الإنسان في الوطن العربي وفق منهج رصدي قانوني موضوعي تحليلي مرتكز على أسس ومعايير تتواءم مع أحكام الدساتير الوطنية والمعايير الدولية التي التزمت بها هذه الدول. ليكون هذا التقرير على غرار التقارير السابقة أحد أدوات التقويم الحقوقي. ويتكون التقرير من أربعة أقسام رئيسية، يتناول القسم الأول منه موقف الدول العربية من الآليات الدولية لحقوق الإنسان خلال عام 2023، حيث قدم لمحة عامة وملاحظات مفصلة عن الاتفاقيات الدولية المنضم إليها الدول العربية، ومدى تعاون هذه الدول مع الآليات الدولية لحقوق الإنسان، بما في ذلك مجلس حقوق الانسان، وآلية الاستعراض الدوري الشامل، ولجان المعاهدات، والإجراءات الخاصة، كما سعى هذا القسم إلى إبراز التحديات التي تواجه الدول العربية في التعاون مع آليات حقوق الإنسان وقدم تحليلاً معمقًا لجهود الدول العربية في التصدي لهذه التحديات.
وناقش التقرير في القسم الثاني موقف الدول العربية من تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وقدم تحليلاً شاملاً لالتزامات الدول العربية بأهداف التنمية المستدامة والتحديات التي تواجهها في تحقيقها، كما سعى إلى إبراز الجهود التي بذلتها الدول العربية لإدماج التنمية المستدامة في سياساتها وبرامجها ومبادراتها. واستعرض التقرير في قسمه الثالث أوضاع حقوق الإنسان في الدول العربية، وقدم لمحة عامة عن انتهاكات حقوق الإنسان التي وقعت في الدول العربية في عام 2023، وفحص الجهود التي تبذلها هذه الدول للتصدي لهذه الانتهاكات. وفي القسم الرابع والأخير، ركز التقرير على تأثير الحرب الضارية التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة عقب عملية “طوفان الأقصى” في السابع من أكتوبر 2023، على أوضاع حقوق الإنسان في الأراضي المحتلة بشكل عام وسكان قطاع غزة على وجه الخصوص، وفي الأخير قدم توصيات للحكومات العربية من أجل تعزيز أوضاع حقوق الإنسان، ومن بينها الانضمام إلى باقي المعاهدات الدولية لحقوق الإنسان الأساسية؛ وسرعة تقديم التقارير الدورية إلى لجان المعاهدات بالأمم المتحدة والانخراط بشكل فعال مع هذه اللجان؛ واتخاذ نهج قائم على حقوق الإنسان في معالجة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية في الدول العربية؛، مع مؤامة التشريعات الوطنية لتتلاءم مع أحكام الاتفاقيات الدولية لحقوق الانسان؛ وكذلك العمل على تسوية النزاعات المسلحة بالمنطقة العربية، لما لها من آثار سلبية على تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
ويقول أيمن عقيل الخبير الحقوقي الدولي ورئيس مؤسسة ماعت في تقديمه للتقرير: “أن إطلاق التقرير العربي لحقوق الإنسان يأتي في أوقات حرجة للغاية، فمسار التعافي من الأزمات المتعاقبة في المنطقة العربية لا يزال بطيئا ولا تزال الحروب والنزاعات المسلحة والتداخلات الخارجية في شؤون الدول العربية تدمر نسيج شعوب عربية بأكملها ولا تزال الخسائر التي حلت بأرواح الأبرياء في الأراضي الفلسطينية المحتلة والصومال وسوريا وفي السودان متواصلة دون أي مساءلة ومع إفلات متكرر من العقاب، ومازال تحقيق التنمية بمفهومها الواسع بعيد المنال”، وأضاف عقيل إن بعض الحكومات بات لديها قابلية للاعتراف بوجود تحديات تعتري أوضاع حقوق الإنسان لديها، ويعد الاعتراف بوجود هذه التحديات في حد ذاته أول الغيث من أجل النهوض بحقوق الإنسان، وأمل أن يكون بداية لزخم أكبر يمكن أن يتشكل للنهوض بأوضاع حقوق الإنسان في منطقتنا العربية.
وأوضح عقيل أن مسار حقوق الإنسان الذي نتخيله والذي يتفق مع المعاهدات والاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان يحتاج إلى خطوات اضافية من الحكومات العربية والذي يجب عليها وضع إثراء التعاون مع المجتمع المدني نصب أعينها. وقال عقيل بإنه قد حان الوقت لآفة الحروب والنزاعات أن تنقشع و آن لخطابات الكراهية أن تنجلي فالتعايش السلمي بين الجميع هو مصيرنا المشترك، وهذه هي الطريقة التي يمكن بها لمجتمعاتنا العربية أن ترتقي وتتعافى وتتغير على النحو المأمول. وطالب عقيل الحكومات العربية بضرورة الاستماع إلى شعوبهم حتى لا تتسع الفجوة، والعمل على بناء الثقة ومد الجسور مع المواطنين لأن ذلك سيفضي لا محالة إلي مستقبل أفضل يقودنًا جميعًا إلي بر الأمان.
من جانبه قال الدكتور شريف عبد الحميد نائب رئيس مؤسسة ماعت للأبحاث والدراسات أن أوضاع حقوق الإنسان في الدول العربية مازالت تواجه تحديات عدة، فلا تزال القيود المفروضة على المنظمات غير الحكومية سائدة في الممارسة العملية، وحرية الصحافة تتراجع في معظم الدول العربية. ولا يزال الحق في الحياة مهدرا في النزاعات المسلحة ومناطق التوتر والحروب حيث قُتل آلاف المدنيين خلال الفترة التي يغطيها التقرير سواء في السودان أو في اليمن أو في الأراضي الفلسطينية المحتلة وهذه الأخيرة شكلت الحدث الأبرز في المنطقة العربية خلال عام 2023، كما أن أوضاع العمال المهاجرين والبدون أو عديمي الجنسية والمرأة لا تزال بحاجة إلى مزيد من التدابير الإيجابية في منطقة الخليج العربي.
وأكد عبد الحميد على أن حقوق الإنسان غير قابلة للتجزئة ولا يمكن فصل بعضها عن الآخر وإن إعمال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية يلزمه الدفع نحو تعزيز الحقوق المدنية والسياسية، وهذا وارد بوضوح في ديباجة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي احتفلت الدول بذكراه الخامسة والسبعين في عام 2023.