تعتبر مكاتب تأهيل متنقلة لضمان وصول الخدمات للسادة المواطنين في إطار التسهيل عليهم، لان التواصل مع الأهالي والمجتمعات المحلية في كافة الأماكن، وبصفة خاصة الأماكن النائية والقرى النجوع التي لا يستطيع سكانها التحرك بسهولة إلى أماكن تقديم الخدمات، هذا بالإضافة إلى أن تحرك الخدمات الحكومية المتنقلة بين موقع وآخر يتيح فرصة للتعرف أكثر على التغيرات الاجتماعية وتطور احتياجات المواطنين والتعلم من الخبرات الميدانية والمتنوعة بين موقع جغرافي وآخر.
تأتي أهمية مشروع المراكز التكنولوجية المتنقلة، الذي يهدف إلى تقليل تكدس المواطنين في أماكن تقديم تلك الخدمات، وتسهيل حصولهم على الخدمات بصورة لائقة لتحقيق رضاء المواطن، وهو ما يساهم في سرعة إنجاز المعاملات الحكومية بما يتماشى مع توجه الدولة نحو التحول الرقمي.
فقد تحوَّل مفهوم التقدم التكنولوجي والابتكار من مُصطلح علمي إلى أسلوب متطوّر وقاسم مشترك لحلّ المشكلات في جميع مجالات التنمية والأنشطة اليومية، كما أصبحت تمثل ضرورة لتلبية احتياجات الفرد والمجتمع، بما يؤدّي إلى زيادة الثروة المعلوماتية، وتحسين أساليب التواصل وتوفير الوقت والجهد. أن في مجال الاقتصاد اصبح التحول إلى الاقتصاد الرقمي والتوسع في الخدمات المالية الإلكترونية؛ يمثل توجهاً ونهجًا عالميًا تتبناه مختلف دول العالم سواء المتقدم منها أو تلك التي لازالت تتخذ خطواتها في طريق التنمية والتقدم،
فالتحول إلى الاقتصاد الرقمي يعد أحد ثمار التفاعل بين تطبيقات الاقتصاد العالمي والثورة المعرفية والتطورات المتلاحقة في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، موضحة أن التكنولوجيات المتطوّرة أثبتت جدواها في دعم كل أبعاد التنمية، ورفع معدلات النمو، وزيادة مردود الاستثمار، وخفض تكاليف الإنتاج، ورفع كفاءة الإنفاق العام.
تعاظم الحديث عن السياسات الرقمية وقضاياها بشکل واضـــح فـــي الآونـــة الأخيـــرة، وخصوصًـــا بعـــد أزمـــة فيـــروس کورونـــا، الـــذي فـــرض علـــى العالـــم عمليـــة تحـــول رقمـــي فـــي قطاعـــات عديـــدة بشـــکل متســـارع، وثمّـــة مجموعـــة مـــن الاعتبـــارات يجـــب مراعاتهـــا عنـــد طـــرح مســـألة السياســـات الرقميـــة، ينطلـــق الاعتبـــار الأول مـــن حقيقـــة مفادهـــا أنـــه لا مجـــال للفصـــل بيـــن السياســـات الواقعيـــة والرقميـــة، فکلتاهمـــا متکاملتـــان فـــي الأهـــداف ومختلفتـــان مـــن حيـــث المجـــال المکانـــي،
حيـــث إن جغرافيـــا السياســـات الرقميـــة تتحرک على صعيد الفضاء السيبراني، هذا ويتمثّل الاعتبار الثانـــي فـــي النظـــرة التکامليـــة للسياســـات الرقميـــة، فهـــي سياسات تتحرک على مستويات متعددة ومجالات شتى، اجتماعيـــة وثقافيـــة وتقنيـــة واقتصاديـــة وسياســـية وغيرهـــا، وينطلق الاعتبـار الثالـث مـن حقيقـة تنظر إلـى السياسـات الرقميـــة فـــي إطـــار عالمـــي، فعلـــى الرغـــم مـــن کونهـــا ترتبـــط بســـياقات الدولـــة القوميـــة، فإنـــه ينبغـــي عـــدم إغفـــال البُعـــد العالمـــي الـــذي تتحـــرک علـــى صعيـــده. (وليد زکي،2021) مکنت ثورة المعلومات والاتصالات التي شهدها العالم خلال التسعينيات من القرن الماضي من تعزيز دور الاقتصاد الرقمي في العديد من مناحي الحياة، حيث أصبحت الاتصالات وتقنية المعلومات تلعب دوراً کبيراً في دعم أداء القطاعات الاقتصادية المختلفة من خلال مساهمتها في زيادة مستويات الکفاءة عبر تقليل الکلفة والوقت اللازمين لإنجاز المعاملات الاقتصادية والمالية وتحسين إنتاجية العمالة وزيادة مستويات التنافسية. من جانب آخر، ارتبط تنامى دور الاقتصاد الرقمي خلال العقدين الأول والثاني من الألفية الجديدة مع بزوغ التقنيات المرتبطة بالثورة الصناعية الرابعة من بينها تقنيات الذکاء الاصطناعي والبيانات الکبيرة وانترنت الأشياء والحوسبة السحابية.
رغم عدم وجود تعريف محدد متفق عليه للاقتصاد الرقمي، إلا أنه يمُکن في هذا السياق الإشارة إلى التعريف المُقترح من قبل منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بکونه يمثل “جميع الأنشطة الاقتصادية التي تعتمد على استخدام المدخلات الرقمية بما في ذلک التقنيات الرقمية، والبنية التحتية الرقمية، والخدمات الرقمية، والبيانات أو تلک التي يساعد استخدام مدخلات رقمية على دعمها وتعزيزها بشکل کبير، بما يشمل جميع المنتجين والمستهلکين، بما في ذلک الحکومة”. (OECD,2020)
بناءً على ما سبق، برزت الأهمية النسبية للاقتصاد الرقمي ومساهمته في الناتج المحلي الإجمالي في العديد من البلدان مؤخراً، فرغم الصعوبات التي تعتري قياس الاقتصاد الرقمي عالمياً، إلا أن التقديرات تشير إلى أنه يسهم بنحو 15.5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي(World Bank,2020)، کما نمت الصادرات العالمية من خدمات الاتصالات وتقنية المعلومات والخدمات الأخرى التي تم تقديمها رقمياً خلال العقد الماضي بشکل أسرع بکثير مقارنة بإجمالي صادرات الخدمات التقليدية، مما يعکس تزايد رقمنة الاقتصاد العالمي وأثره البالغ فى رفع معدلات النمو في اقتصاديات البلدان المختلفة.
يعيش العالم اليوم ثورة في مجال الإتصالات وتکنولوجيا المعلومات، ولقد أحدثت هذه الثورة تغييرات جوهرية في أنماط الحياة بمختلف مجالاتها حيث أدت بشکل مباشر إلى تغيير أساليب ووسائل تنفيذ الأنشطة الاقتصادية مما أنتج نوعاً جديداً من الاقتصاد عرف بالاقتصاد الرقمي وإنعکس تأثيره بشکل إيجابي على المجتمع في العموم، لذلک نجد أن الاقتصاد أصبح يتجه أکثر فأکثر نحو هذا الاقتصاد الجديد المبني على إستخدام تکنولوجيا المعلومات ووسائل الإتصال الحديثة، ويعتبر النمو الاقتصادي من الأهداف الأساسية التي تسعى إلي تحقيقها الدول، ولقد أصبحت مسألة النمو الاقتصادي حالياً مرتبطة إرتباطاً کلياً بمدي جاهزية الدولة للتحول الرقمي والإعتماد علي الوسائل الجديدة بدلاً من عناصر الإنتاج القديمة مما يتطلب وجود البنية التحتية لقطاع الإتصالات وتکنولوجيا المعلومات والإطار القانوني والتشريعي اللازم للأعمال الإلکترونية. (أمل صبري،2020)
تجدر الإشارة إلى نظرية النمو الکلاسيکية الجديدة ومنها نموذج سولو حيث تفترض أن معدل التقدم التکنولوجى يتم تحديده من خلال عملية علمية منفصلة عن القوى الاقتصادية ومستقلة عنها، وبالتالى تشير النظرية الکلاسيکية الجديدة إلى أن الاقتصاديين يمکن أن يأخذوا معدل النمو على المدى الطويل کما هو معطي خارجياً من خارج النظام الاقتصادى، إلا أن نظرية النمو الداخلى تتحدى هذه النظرة الکلاسيکية الجديدة من خلال اقتراح قنوات يمکن من خلالها أن يتأثر معدل التقدم التکنولوجى وبالتالى معدل النمو الاقتصادى على المدى الطويل، إذ أن التقدم التکنولوجى يحدث من خلال الابتکارات في شکل منتجات وعمليات وأسواق جديدة، وکثيراً منها هو نتيجة للأنشطة الاقتصادية، على سبيل المثال الشرکات التى تتعلم من التجربة کيفية الإنتاج بشکل أکثر کفاءة، فإن وتيرة النشاط الاقتصادى الأعلى يمکن أن ترفع وتيرة ابتکار العمليات من خلال منح الشرکات المزيد من الخبرة في الإنتاج. (1990,.Romer) تنتج العديد من الابتکارات من نفقات البحث والتطوير التي تقوم بها الشرکات الساعية للربح، لأن السياسات الاقتصادية المتعلقة بالتجارة والمنافسة والتعليم والضرائب والملکية الفکرية يمکن أن تؤثر على معدل الابتکار من خلال التأثير على التکاليف الخاصة وفوائد القيام بالبحث والتطوير، ويعبر عن أغلب نظريات النمو الداخلى بإستخدام المعادلة التالية Y=AK، حيث أن الA تعبر عن أى عامل يؤثر في التکنولوجيا، والK تعبر عن کلاً من رأس المال البشري والمادي، والY تعبر عن الناتج. وتعيد نظريات النمو الذاتي أو النابع من الداخل التأکيد على أهمية المدخرات واستثمارات رأس المال البشري لتحقيق نمو سريع في دول العالم النامي، ويعتبر نموذج (1986,.Romer)، ونموذج (1988,.Lucas)، ونموذج (1990,.Romer) من نماذج النمو الداخلي.
تعدّ نظرية النمو الإقتصادي الحديثة ، التقدم التقني ومن أشکاله التحول الرقمي نتاجاً للفعالية الإقتصادية على حين تعاملت النظريات السابقة مع التقنية کمعطى أو نتاج غير متعلق بالسوق ، کما أنها تعتبر أن التقنية بعوائد متزايدة وأنها غير خاضعة لقانون تناقص الغلة، وأن النقطة المهمة في نظرية النمو الحديثة هي أن المعرفة المتولدة من التحول الرقمى تقود النمو لأن الأفکار يمکن أن تتجدد ويعاد استعمالها وتجميعها دون تقيد وأن الأفکار لا تخضع لقانون تناقص الغلـة، وأن العوائد المتزايــدة تــدفع بالنمو الإقتصادي، کما تساعد هذه النظرية على فهم التحــول المتواصل من اقتصاد قائـــــم على الموارد إلى اقتصــــــاد قائـــــم على المعـرفة، وإن الإفتراض القائـــل أن قــــوى خارج الإقتصاد هي التي تحـــــدد التقنية، هو السبب وراء إعتبار نمــــوذج ســــــولو نموذج خارجي للنمو. (صلاح حماد،2005)