إن فرض النظام في الدولة أمرٌ واجب، يَقع على عاتق الحكومة؛ فلا يجب أن تترك فئة طليقة تسلك سُبل الفساد وتضير بمصالح الشعب وتتحكم في قُوْته، ومن ثم شرعت القوانين كي تقضي على صور الجشع والطمع وكنز الأموال وحب الذات؛ فهذا من شأنه يضير بالاستقرار المجتمعي ويخلق حالة من الاحتياج والخروج صحيح التصرف سواءً في التعاملات أو الاستهلاك بكل أنماطه.
ومن ثوابت استقرار المجتمعات أن تعمل الدولة على تنظيم حالة الاقتصاد وتداول الأموال بما يعود على المجتمع بكل أفراده بعموم الخير وشيوع حالة من الانسجام والتعايش السلمي والعيش الكريم، وتحول حالة الضغوط المعيشية لحالة من الطمأنينة التي تزيد من جهود العمل وحب الوطن والتضافر المجتمعي والمقدرة على مواجهة التحديات بشتى تنوعاتها على الساحتين المحلية والعالمية.
وعندما تتمركز قوة التحكم المالي وتداولاته التجارية في طبقة تعتزم الاحتكار؛ فإن مكمن الخطورة يضحي فتاكًا على الأمن القومي المصري بكل أبعاده الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية والصحية والبيئية؛ لذا صار منع الاحتكار فرض عين لا يمكن التقاعس في تنفيذه؛ لذا كان حرص الدولة المصرية في القضاء على أخطر آفات العصر المجتمعية التي تنال من كل فئاته دون استثناء، وتشعر المجتمع بالإحباط، وتزيد من الضغوط الاقتصادية التي تؤثر حتمًا على عجلة التنمية واستدامتها بكل تنوعاتها.
وتُعد المغالاة في رفع الأسعار للسلع الغذائية والاستهلاكية ضربًا من ضروب الاحتكار المنهي عن ممارسته؛ حيث يؤدي حتمًا إلى ضعف المنافسة والإضرار بمصالح العباد وتحقيق صورة الاستبداد الاقتصادي في ربوع الوطن، وهذا يؤكد ماهية وهن الدولة وتنازلها عن حق أصيل يتمثل في فرض السيطرة التي تحقق التطوير والتجديد والتنافسية بين المؤسسات، ومن ثم يصبح الظلم مشروعًا بكل ألوانه المقيتة.
ولعظم وخطورة هذا الأمر فعلت الدولة المصرية من خلال أجهزتها المتخصصة القوانين والقرارات الصارمة التي تقضي تمامًا على سبل ومسببات الاحتكار الذي يؤدي إلى رفع أسعار السلع بشتى تنوعاتها؛ لذا فرضت الدولة هيمنتها وسيطرتها على حركة الأسواق لتقضي على الأهواء وتدحر مخططات الفوضى والتخريب المعلن منه والخفي.
وتوجيهات الرئيس حيال خفض الأسعار بعد التغلب على أزمة النقد الأجنبي تؤكد حرص الدولة على استقرار أسواقها، وتجنب الإضرار بالمواطن، وتخفيف العبء عن كاهله؛ كي يستطيع أن يحيا حياة كريمة، كما يسهم ذلك قطعًا في تحقيق ماهية المساواة والتنافسية بين القائمين على السوق؛ فلا مجال لحبس سلع متوفرة، ولا طريق للإغراق لبعض السلع بغرض الإضرار بالمنافسين، وهذا بالطبع يتطابق مع صحيح القيم المجتمعية النبيلة وصحيح العقيدة في آن واحد؛ فلا ضرر ولا ضرار.
إن المبادرة الحكومية لخفض الأسعار والتي عقد في ضوئها دولة الرئيس اجتماعًا موسعًا بمقر الحكومة بالعاصمة الإدارية الجديدة، مع كبار مُصنعي ومُنتجي ومُوردي السلع الغذائية في وجود عدد من الوزراء والمسئولين؛ ليؤكد على وجود الدولة ووعيها وقدرتها على ضبط الأسواق، بما يشعر المواطن بالارتياح، ويعضد فكرة العدالة والمساواة؛ فقد قدمت الدولة المساندة لتوفير مُستلزمات الإنتاج والمواد الخام بعد توفير النقد الأجنبي، ومن ثم تأكد في نفوسنا أن الدولة المصرية بقيادتها وحكومتها والمخلصين من أبنائها قادرين على مواجهة التحديات بكل صورها، وأن الشعب بكل فئاته في بؤرة الاهتمام المؤسسي، وهذا ما يزيد من المساندة والاصطفاف المجتمعي خلف الدولة وقيادتها السياسية.
وندرك أن الدولة المصرية قادرة على تحقيق العبور نحو التنمية المستدامة من خلال مزيد من الاستثمار الأجنبي والمحلي في ربوعها المتباعدة؛ فلا مجال لأزمات قد يكون بعضها مفتعل أو قد يرجع لضعف الوعي حيال ماهية الدولة واستقرارها وحقوق المواطنة الصحيحة؛ ولا مكان في مصر للسواق الموازية بكل أشكالها، وستظل الدولة قادرة على المضي تجاه السوق العالمي وفق معيار التنافسية والريادة بمؤسساتها الاقتصادية التي تزخر بالقدرات والمقدرات المادية والبشرية على السواء.
وبرهان الحديث نؤكده من دلائل الثقة التي وضعتها المؤسسات العالمية في مقدرة مصر على تحقيق النهضة المنشودة في ضوء ما تمتلكه من مقومات، وما تتبناه من رؤى طموحة قابلة للتنفيذ، وما تتمتع به من أمن وأمان واستقرار على كافة الأصعدة، والمطالع لحجم الشراكات الدولية التي أبرمت في الفترة الأخيرة واتفاقات صندوق النقد الدولي يؤكد على مصداقية الفعل على أرض المحروسة في حقبة زمنية فريدة في إرادتها من قبل قيادة سياسية مبتكرة تحمل الخير للبلاد والعباد، بل وللعالم بأسره.
إن الدولة المصرية وإدارتها الفاعلة لا تدخر جهدًا في تقديم الدعم بكل صوره للشعب العظيم؛ حيث إن مصلحة الدولة العليا باقية، ولا مكان للمصالح الشخصية الضيقة التي توجع هذا المجتمع الواعي المسالم المكابد الصبور المتحمل؛ فما مرت به الدولة من حالة تضخم نتيجة للعديد من العوامل الخارجية في عمومها، يؤكد أهمية وجود الدولة وتدخلها القاطع في خفض السلع الرئيسة بما يتواكب مع توافر النقد الأجنبي، وهذا بالتأكيد يستوجب ضبط الأسواق بصورة ممنهجة في تشريعات وقوانين وقرارات الحكومة المصرية.
ونتطلع لمزيد من المتابعة حيال خفض الأسعار في الفترة المقبلة كي تتحقق جودة الحياة في بلادنا الكريمة؛ فلا صوت يعلو فوق صوت العدالة والمساواة والمناداة بحياة خالية من الضغوط خاصة المالية منها؛ لتستكمل مسيرة البناء في وطن يعيش في قلوبنا ونعشق ترابه.. حفظ الله وطننا الغالي وقيادته السياسية الرشيدة أبدَ الدهر.