هل تريد أن يعود بك الزمان؟ سؤال مهم قد نملك إجابته ولكننا بالتأكيد لا نستطيع تحقيقه لأن الزمن الذي مضى لا يعود ولكنها النفس البشرية التي تبحث في خزانة الماضي عن جواهر وأحلام وأمنيات ليست مكتوبة لهذا الإنسان.
ما رأيكم -يا أصدقاء -هل تريدون ورغم كل شيء أن يعود بكم الزمان إلى محطات سابقة ؟
لعل أكثر الأسئلة تردداً على كل المستويات.. يبدأ من داخل
الشخص فى لحظة صفاء أو تفكير أو تأمل وربما وقفة مع النفس فى نهاية يوم طويل.. أو يواعد الأصدقاء على مائدة سمر أو حوار.. وهو أيضاً السؤال الذى يستخدم قماشة
تتجدد فى الدراما وبرامج الحوار بالفضائيات ..وإن كان النص يتغير إلى العناصر الرئيسية لرحلة الحياة : مثل هل إذا عاد بك الزمان.. تختار نفس المهنة.. العروس.. مكان السكن..
وأيضاً الطريق والرؤية المؤديان إلى تحقيق حلم نأمل جميعاً أن يتوج بالحصاد.
**الرد العفوى لا يصلح ودائماً يجانبه الصواب. إلا إذا استنفر المطروح عليه السؤال خزانة الذكريات. وما كان عليه شخصيته وصحته وثقافته وقدراته زمان.. لحظة الاختيار…يكتشف بسهولة حيطان وسدود وهضاب وجبال ووديان عليه النفاذ منها ثم مقارنتها بما وصل إليه العالم لحظة طرح السؤال. الإنسان يتذكر إلى اقصى درجة وضوح. ..المناخ المحيط به ولسنا نعنى طبيعة وجغرافية المكان- ولكن البيئة التى نشأ فيها.. وما تملكه من وسائل وأليات لتحقيق الحلم..وأيضاً ما يربطه من واقع اجتماعى وسلوكى وأخلاقى وتراث أثرته القرون والأجيال. وجعلت منه أرضية صلبة للوقوف عليها. ووعاء بداخله الخلطة السحرية للانطلاق.
**وإذا كان للسن والمؤهل والثقافة والاسرة والبيئة حساباتها المؤثرة قبل اتخاذ القرار الحلم.. فهى تتواجد فى لحظة السؤال أيضاً.. ولكن بعد أن لحق بها تأثيرات الزمان والحضارة والسلوك.. إلخ..
وبالتالى الآليات المساعدة على الحركة الديناميكية للمرء إلى الأمام. وما لحق بالمهنة الحلم من تقدم ومتغيرات.. وصولاً إلى مساحة القبول والانتشار.
**ولكن نبسط هذا الكلام نضرب مثالا بالتعليم العالى مفتاح الحلم… والكراسى الموسيقية التى تحكم ترتيب كليات القمةتضيف إلى القائمة.. أو تحذف منها.. ونشير أيضأ إلى طغيان نموذج للرفاهية «وسائل الاتصال مثلأً» وما نالها من إحلال وتجديد.. أزاح التليفون السلكى القديم ليحل محله الهاتف الذكى والانتقال من الطاقات الكلاسيكية إلى المتجددة.. وثورة الاتصالات والأجيال الذكية.. وصور التحول الرقمى والإنسان الآلى وما أصبح يمارسه من مهام بالأنشطة الاقتصادية على سبيل المثال.
**وإذا عدنا إلى المقارنة.. فإن إنسان القرن الماضى لا يستطيع الحماس لنقس الاختيار المهنى القديم إلا إذا كان مؤهلاً للتعامل مع عالم الذكاء الصناعى ومعدات التكنولوجيا
الحديثة.. لأنه يعلم أن مشوار الحلم يحتاج إلى شريك حياة.. داعم ومتفهم ومستعد للتمتع بالسعادة والانتصار والمواساة والتماسك عند الانكسار.. على الرغم من الاعتراف بأن قوة الشباب والإرادة والعزيمة بداخله هبة من الخالق العظيم لا تتغير بتوالى الأجيال، بل على العكس من الممكن الاستثمار الرشيد للإنجازات العلمية المتسارعة بفعل التواصل الحضارى أساساً… وتحقيق المعجزات على صعيد التصدى للأمراض ونشير إلى تزايد الاستفادة من الخلايا الجذعية لشفاء الإنسان.. وتقدم فريق التأهيل والدمج لفئات عاشت فى غربة مجتمعية إلى وقت قريب..
**السؤال إذن يستند إلى قاعدة فلسفية ومعرفة بالحكمة- قبل الإجابة التى يمكن أن تكون هى نفسها التى قالها المرء عند بداية ماراثون الانطلاق من مرحلة الدراسة والإعداد والتأهيل إلى الحياة الحقيقية حيث الزوجة الحبيبة والأسرة والأبناء وأيضاً المكانة الاجتماعية التى يفوز بها المجدون والجادون..وذلك إذا عثر الشخص على نفس الشريك الذى اختار من ذات الطريق للمستقبل.. ولكن يبقى هذا الاحتمال نادراً.. لا نلمسه من وقائع فى حياتنا وحولنا.. من تسارع فى المتغيرات.. ولأن الزمان يتجدد ولا يعود.. تلك هى سنة الحياة..
صالح إبراهيم