ثقيل هو الفراغ، أفتش في غرف الروح عن أشياء كانت تبدد حدة هذه العتمة ، تخرس ضجيج الصمت الموحش بيننا ، لا أجد شيء سوى غرفة مظلمة، تتكور في أحد أركانها طفلة، أخطو بضع خطوات تجاهها، أمرر سبابتي، أزيح غرة ابيضت شعيراتها فوق جبيني، يتشقق رأسي أرقا،
ينكمش العالم، يتأرجح، يتلاشى خلف سُتر السواد، أهمس في أذنك الكبير جدا بحجم الفراغ المحيط، و التي رغم حجمها بالكاد تستطيع أن تخيط كلماتي المختنقة بموسيقى الصوت القادم من ذاكرة هذا الآخر، الاخر الذي تحرر داخلك بعد تلك الليلة ليمزقني بكل هذا اللؤم .
ترى ماذا يمكنني أن أفعل بامرأة بدأ الشيب يداعب خصلاتها ومازالت تخطئ في قياس المسافة بين ثغرها والفنجان، تسكب قهوتها الحارة على أطراف شفتيها و ياقة قميصها دون شعور، كيف تظن أنه يمكنني قياس المسافة بيني وبيني، كيف أروض هذا الألم النزق الذي يتأرجح فوق الحبال المهترئة للروح؟
كيف أستطيع أن اقنعك بمنحي حق اللجؤ وحق الفرار، حق اللؤم وحق البراءة، حق العهر وحق الضمير، حق القبح وحق الجمال، كيف أمنحك عيني لترى انصهارهما، امتزاجهما، تناغمهما، تداخلهما بهذا القدر المحكم من الانسيابية والحدة؟
كيف لعقل منظم كعقلك يقيس المسافة بين أنفاسه وقسمات وجهه بالسنتيمتر أن يفهم الثورات العنيفة لسريالية نفسي وفوضى تلك الجوقة التي تتبع الإيقاع برهافة رغم عجزها عن قراءة النوتة..