سيدتنا الطاهرة ، السيدة زينب رضى الله عنها .. من صفوة أهل البيت وخلاصتهم ، وأجلهم مقاما ، والسيدة زينب مصباح من مصابيح الهداية ، التى انبعثت من مشكاة النبوة إلى أرض ( مصـــر) لتكسبها طهرا ، وتملأها نورا . أهل البيت النبوى الكريم أولئك اصحاب الدرجات العلى ، وفى مكانة الصدارة .. نالوا رفيع الدرجات ، وقد شرفهم خطاب الله فى كتابه بقوله تعالى : ( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ) . السيدة زينب هذه ، أهانها الخليفة يزيد بن معاوية فى حضرته وأخرجها من دولته فى الشام والعراق ، فاستقبلتها ( مصــر ) ، واليها وشعبها ، عند حدود الشرقية .. وتنازل الوالى عن قصره لها ، وأنزلها فيه ، وهو ضريحها الآن . وقد أهدت طائفة البهرة (وهى طائفة شيعية ) ضريحاً للسيدة زينب رضى الله عنها ، يزن عدة اطنان من الفضة الخالصة المموهة بالذهب ويزيد ثمنه على عدة ملايين من الجنيهات أو الدولارات .. وقد اهدى سلطان البهرة هذا الضريح إلى ( مصــر ) فى احتفال كبير . انا واولادى نحب السيدة زينب وكنا نتمنى ان نصنع لها ضريحاً من البلاتين المرصع بالماس واللؤلؤ ، ولكن بعد ان نكسو الاف ( العـراة ) ونطعم الاف ( الجائعين ) فى العالم الإسلامى ، إن السيدة زينب لو عادت الى الحياة وشاهدت هذا الضريح وشاهدت مظاهر الفقـر فى العالم الإسلامى لرفضت فكرته أصلا .. منذ سنوات ، زرت العراق ، وذهبنا نزور مسجد النجف الاشرف وكربلاء ، وفوجئت ان قباب هذين المسجدين من الذهب الخالص ، من صفائح الذهب الخالص الذى يتوهج فى ضوء الشمس من مسافة كيلو مترات .. وأبواب هذين المسجدين من الفضة الخالصة المطعمة بالذهب والجواهر ، وسقف هذين المسجدين بمئات الالوف من الجنيهات ، وامام المسجدين مباشرة طابور من الشحاذين الذين يرتجفون من الجوع والبرد ويمدون أيديهم قائلين : لله يا مسلمين ! ووراءهم الذهب ملطوعا على قبة المسجد ... فاضت نفسى حزنا على المسلمين ... ان عين الفقراء فقدت النور ، ان اولئك الفقراء – المسلمين الأولين – لما عرفوا كيف يقومون أمام ربهم فى صف واحد ، استطاعوا ان يمسكوا بتلابيب الملوك ، ولما انطفأت هذه الجذوة فى صدورهم انطووا على نفوسهم ، وأووا الى الزوايا والتكايا .. وتساءلت فى عقلـى . هل هذا هو الإسلام ؟ نعم هذا هو اسلام هذا الزمان ، وهو اسلام يختلف عن اسلام سيدنا عمر بن الخطاب أو الصديق أبى بكر أو رسول الله صلى الله عليه وسلم .. هل كان الرسول يسمح باكتناز الثروة فى مساجد العالم الإسلامى ، وفيه ما فيه من فقراء وبؤساء وجوعى وعــراة ومقهورين امام عدوهـم لنقص العدة أو نقص السلاح .. هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوافق على بناء اضرحة من الفضة أو قباب من الذهب للأولياء ، وهو الذى مات يلعن من يتخذ من قبور الأنبيــاء مساجد ، هل يجوز ان يكون فهم اسلافنا للإسلام اكثر تحضرا ورقيا من فهمنا له فى حين ان عندنا تجربتنا وتجربتهم ، ولم تكن عندهم غير تجربتهم وحدها ؟ نسأل الله تعالى التوبة والهدى .