لطالما سمعنا منذ ولادتنا، وفترة ريعاننا في شبابنا مقولة جوفاء منمقة بمعاني التحقير والتنقيص من قيمة المرأة ودورها داخل المجتمعات العربية بشكل عام، فهؤلاء قد جزموا قطعا أن المرأة ناقصة عقل ودين، فيما أولئك قد أصدروا حكمهم المجحف والجائر على أنها دونما ميزة تذكر ولا تصلح سوى للبيت فقط، من خلال خدمتها لرب البيت بدءا من إعدادها الطعام، وغسلها الملابس، وتنظيفها المنزل، هكذا كانت عقلية العامة من الرجال المرضى نفسيا، المتزمتين فكريا، ولازال بعضهم يجزم بشكل جزافي بألا مكانة للمرأة إلا بقبوعها داخل البيت والاشتغال بالطبخ والكنس والتصبين لا أكثر، في حين أن هؤلاء وأولئك لا يصدرون حكمهم الإعدامي هذا في حق المرأة العربية تنقيصا في حقها فحسب، بل لعلمهم علم اليقين بأن هذه المرأة العربية قادرة على إثبات الذات في مختلف المجالات الحيوية بكل تفوق ونجاح، حيث تقول الكاتبة المصرية نوال السعداوي: “إن أشد ما يذعر له المجتمع الذكوري أن تثبت المرأة تفوقها في العمل”.
لذا وجب علينا تكريم المرأة بشكل منطقي وعقلاني، والإقرار بكل واقعية بأنها كائن مكرم في العالمين ليس بوصفها أنثى فقط، ولكن لما تحمله من صفات منعدمة في طينة الرجال، إذ أن المرأة هي من تحمل الجنين في بطنها وبين أحشائها، وهي وحدها من ترضع وتربي وتنشئ، إلى درجة أن سماها بعض المنصفين اجتماعيا ودينيا أنها بمثابة نصف المجتمع، في حين يحق لي شخصيا أن أصف المرأة بأنها كل شيء في وجود حياتنا البشرية والمجتمعية، حيث يقول الكاتب السعودي أحمد مازن الشقيري: “يقال أن المرأة نصف المجتمع، ولكن حيث المرأة هي التي تربي النصف الآخر، فأنا أقول أن المرأة هي كل المجتمع”.
وكنموذج مجتمعي واقعي يشهد للمرأة بقيمتها الوجودية داخل مجتمعنا الحالي بكل رفعة وشرف، يجدر بي حريا أن أذكر ها هنا امرأة حق عليها القول بما تستحقه من احترام وتقدير، وإشادة وتنويه، وأقصد هنا الحكمة الرياضية الدولية في مجال رياضة الكراطيه “محجوبة شهيد” التي بدأت أولى تداريبها الرياضية “صنف رياضة الكراطيه” سنة 1980م إبان زهرة شبابها المفعم بالحيوية والحماسة والنشاط، الشيء الذي أفضى بها للرقي درجات تلو درجات، ومراتب تلو مراتب كلها في ذات المجال الرياضي المتميز، بحيث نالت بنجاح كبير الحزام الأسود من الدرجة الثالثة – 3 eme Dan” علاوة على تحصيلها لشهادة الكفاء الدولية تخص التحكيم الرياضي الدولي في إشارة إلى رياضة الكراطي، هكذا استطاعت هذه المرأة تشريف أسرتها ومجتمعها المحلي “مدينة القنيطرة، ووطنها الغالي والحبيب “المغرب”، إذا أثبت نجاحها وتفوقها في المجال الرياضي الدولي المذكور عبر قيمتها السامية المنبثقة عن سيرتها الذاتية السامية، وقيمتها الأخلاقية الراقية، حقا أنها امرأة بألف رجل إذ استطاعت سلك كل الطرق، وتجاوز كل السبل، وقطع كافة المراحل التدريبية الرياضية، والتحكيمية المجالاتية إلى درجة أن أصبحت من النسوة البارزات على الصعيد الدولي في مجال التحكيم الرياضي، وما كان ليتحقق لها هذا الأمر والمبتغى لولا اجتهادها، وصبرها، ومثابرتها، حيث يقول الكاتب اللبناني علي إبراهيم الموسوي: “استمرارية العمل هي من تبني المجتمع، فمن المهم أن تبادر ولكن الأهم أن تواصل، لأن النجاح سلالم لا تستطيع أن ترتقيها ويداك في جيبك”.
هكذا، تمكنت الحكمة الرياضية الدولية “محجوبة شهيد” بتشريف مدينتها “القنيطرة” ووطنها “المغرب”، وهكذا استطاعت أيضا كسب احترام وتقدير جميع الساكنة، علاوة على الإعجاب الكبير والمنقطع النظير من طرف كبريات المنابر الإعلامية المحلية والجهوية وكذا الوطنية والدولية، مما دفع بها إلى بذل المزيد من المجهودات وتقديم بالغ التضحيات من قبيل إعداد وتنشئة جيل صالح من الإناث “النسوة والفتيات” لجعلهن رائدات ومتميزات في المجال الرياضي لتمثيل المجتمع المغربي خير تمثيل في مختلف المحافل الرياضية الدولية، حيث يقول الكاتب الأردني جلال الخوالدة: “رحلة المجتمع نحو الإصلاح لا تتم إلا بمجموعة قيادية مؤهلة صادقة، تُقسم أنها لن تحيد عن مسارها، ولن تتراجع أبدا عن مبتغاها”.
للإشارة، فقد ساهمت هذه الحكمة الرياضية الدولية في تأسيس اللبنة الأساس لجمعية “منتدى معمورة” للثقافة والفن والرياضة بمدينة القنيطرة، لتعزيز دور المرأة الرياضية داخل المدينة بشكل خاص والوطن بشكل عام، حيث تشغل منصب عضوة مستشارة وممثلة للمرأة الرياضية آنيا ومستقبليا لإعطاء هاته الفئة البشرية والشريحة المجتمعية المكانة المستحقة وجوبا وإنصافا، مما سيساهم بشكل فعال في رقي المجتمع بشكل أكثر حداثة، وبناء حضارة تواكب العصر وتضاهي باقي حضارات الأمم والشعوب الراقية والمتقدمة، حيث يقول الكاتب اللبناني جبران خليل جبران: “لا تقوم الأمم ولا تبنى الحضارات إلا على أكتاف المرأة”.
1 تعليق
ذ.محمد قريبي
رأي يحترم