تعيش الدولة المصرية حالةً من التغيرات الحقيقية والإنجازات المشهودة بعيدًا عن الأوهام وأضغاث الأحلام، والشعارات المزيفة، والأفعال والممارسات غير المحسوبة، والتردي في كافة المجالات التنموية والتي كانت قبل ثورة 30 يونيو 2013م؛ حيث بدأت بعدها مسيرة النهضة والإعمار؛ لتلبى الاحتياجات، وتستوفى المتطلبات، وتخرج الدولة من حالة العوز لحالة الاكتفاء، ومن ثم تعضد ماهية الأمن القومي في أبعاده المختلفة؛ لتصبح في مكانها ومكانتها اللائقة بتاريخها وحضارتها العريقة.
وحري بالذكر أن إنجازات تلك المرحلة لا تقبل التشكيك أو الطعن؛ فلا شاهدٌ ولا دليلٌ يفوق ما تراه عين اليقين؛ فهناك تغيراتٌ غير مسبوقةٍ في المجالات التنموية أبهرت العالم قاطبةً، وساعدت في توجيه النظر حيال الاستثمار المباشر في ربوع الوطن الحبيب؛ حيث توافرت مقومات التنمية الاقتصادية بصورةٍ متكاملةٍ؛ فقد أضحى الأمن والأمان والبنيان معاشًا؛ فقد عشنا فترةً حرجةً كانت الدولة تبني وتحارب الإرهاب الأسود في ذات الوقت، ومن ثم حققت المعادلة الصعبة، واستطاعت أن تعبر من النفق المظلم إلى ضياء وإشراق المستقبل بيد رجالٍ صدقوا ما عاهدوا الله عليه.
وثمت رسالةٌ صريحةٌ نوجهها لأصحاب القلوب الواهية والكارهة لتقدم الدولة ورقيها وازدهارها وإعمارها؛ فحواها إصرار القائمين على خدمة تراب الوطن في تحقيق استراتيجيته في مجالات التنمية المستدامة بشتى ربوع الدولة، وفق ما رسم لها من مراحلٍ وخطواتٍ ليعيش الشعب المصري العظيم في كرامةٍ وعزةٍ من خلال تقدمٍ ملموسٍ يمتد من شرق البلاد لغربها ومن شمالها لجنوبها؛ فلا تهميش أو إهمال لمكانٍ أو مستقرٍ يقطنه المواطن بصورةٍ مقصودةٍ أو غير مقصودةٍ.
ونذكر بأن القيادة السياسية بدأت مسار الإعمار بقرارٍ تضمن القضاء على الإرهاب واجتزاز الفساد بصوره المقيتة من مؤسسات الدولة؛ فلا نهضة في مناخ ينهك موارد ومقدرات الدولة المادية منها والبشرية على حدٍ سواءٍ؛ فبما لا يدع مجالًا للشك أن الإعمار وإجراءاته يحتاج لإرادة حقيقيةٍ تقوم على الصدق والمصداقية والأمانة والائتمان والنزاهة والشفافية والمعيارية؛ فتصبح بيئة العمل صالحةً لأن ينخرط الجموع فيها، ويقدمون أفضل ما لديهم؛ لتحدث النقلة النوعية المنشودة، وهذا ما شاهدناه في إنجازات الوطن الحبيب ومشروعاته العملاقة؛ فقد أضحت النتائج ملموسةً والثمرة يانعةً.
ولا نغالي إذ نقول بأن الدولة المصرية في حالةٍ من الحرب والطوارئ المستدامة في تلك الحقبة من الزمن وهي الأحد عشر عامًا وما زالت؛ فهناك منهجيةٌ تتبناها جماعات الظلام ومن يرغبون في النيل من هذا الوطن العظيم، تقوم على التشكيك والتقليل مما تم وما يجري من إنجازاتٍ؛ فتستخدم طرائقًا واستراتيجياتٍ تبث الفتن وتغرس ماهية الكراهية وتفكك نسيج المجتمع عبر أبواقهم الإعلامية التي تفوح بأكاذيب وافتراءات وضلال وزيف؛ لكن البلاد التي قدمت كل غالٍ ونفيسٍ من أجل نيل حريتها واستقرارها، ووفرت المناخ الداعم للعمل والنهضة؛ لن تتوقف عن استكمال مسيرتها؛ ولن تلتفت البتة للإشاعات التي تطلق ليلًا نهارًا.
ونؤكد على أن المصريين الذين يدينون بالعقيدة الوسطية السمحة، والذين يتمسكون بقيمهم وأخلاقهم الحميدة، ويحافظون على وحدتهم وترابطهم؛ لن يكون بينهم وبين قيادتهم إلا عهد الولاء والانتماء للوطن الحر؛ فالجميع في حالة تأهبٍ للاصطفاف خلف الدولة وقيادتها؛ فلا مكان ولا مجال للتشرذم والانشقاق؛ لكن هناك مزيدٌ من الترابط والتماسك والتضافر من أجل رفعة البلاد ورقيها وتحقيق غايات التنمية المستدامة بأبعادها المختلفة؛ فقد بات السبيل الوحيد للتقدم والنهضة والرقي والازدهار وبلوغ المكانة والوصول للريادة متمثلًا في عملٍ مخلصٍ متقنٍ متواصلٍ.
وإنجازات المرحلة المنصرمة والآنية يصعب تناول مفرداتها؛ فهناك بنيةٌ رقميةٌ متميزةٌ قدم من خلالها خدمات للمواطن ساهمت في توفير الوقت والجهد والمال، وحدت من صور الفساد الإداري وفق معايير الحوكمة الرقمية التي نأمل تعميمها بشكلٍ فاعلٍ بجميع مؤسسات الدولة الحكومية منها وغير الحكومية؛ فنحن في مرحلةٍ حرجةٍ لا تتحمل البيروقراطية والروتين؛ لأن طالبي الخدمات في تزايدٍ مستمرٍ على كافة المستويات التنموية منها وغير التنموية؛ بالإضافة إلى أن دعم القطاعات الرئيسة بالدولة أضحى شعار المرحلة؛ حيث إنها تمثل عماد التنمية والنهضة؛ فقد شهد القطاع الزراعي والصناعي والتجاري تقدمًا ملموسًا، ومن ثم حرصت القيادة السياسية منذ اللحظة الأولى على تبني معايير الجودة في الأداء والمنتج على السواء في تطوير كل قطاعٍ؛ لتتحقق القيمة المضافة، ويحدث التوطين، وتجنى الثمار التي تساعد في استكمال التنمية في القطاعات المختلفة، وعلى وجه الخصوص تنال القطاعات الخدمية بالدولة ما يُمكنها من القيام بأدوارها ومهامها المنوطة منها.
وكي لا يطيل الحديث في سرد إنجازات الدولة العديدة والمتعددة؛ نشير إلى أن بناء الجمهورية الجديدة استدعى لزاماً أن تدشن أضخم المشروعات الاقتصادية في تاريخ الدولة المصرية، بكافة ربوعها دون تجاهلٍ لرقعةٍ بعينها، حتى لا يتكرر خطأ الأمس؛ فقد أضحى نهضة البلاد بسواعد أبنائها؛ فذلك ما نفخر ونتفاخر به لشعب تتواصل ملاحمه على مر التاريخ وفي كل العصور.. ودي ومحبتي لوطني وللجميع.
حفظ الله بلادنا الحبيبة وقيادتها السياسية الرشيدة أبدَ الدهر.
أستاذ ورئيس قسم المناهج وطرق التدريس
كلية التربية بنين بالقاهرة _ جامعة الأزهر