قبيل إجازة عيد الأضحى مباشرة إحتفلت جريدة “المصري اليوم” بمرور عقدين على تواجدها.
وكانت بالفعل جديدة من نوعها في ذلك الوقت ، وأقيم حفل ضخم بهذه المناسبة ، وصدر عدد خاص لهذا الغرض ، والمثل العامي الشهير يقول: “الحلو مايكملش” !!
حيث غلب على الإحتفال الجانب العاطفي والفرحة وغابت النظرة المستقبلية للصحيفة أو تقييم لدورها خلال هذه السنوات الطوال والصعوبات التي قابلتها.
وفي يقيني أن تاريخ “المصري اليوم” منذ بدايتها عام ٢٠٠٤ وحتى هذه اللحظة ينقسم إلى قسمين بالضبط أو بالتمام و الكمال ..
الفترة الأولى إستمرت عشر سنوات حتى عام ٢٠١٤ وتميزت بإنطلاقة رائعة وخبطات صحفية من الطراز الأول.
والفترة الثانية بدايتها عندما أحكمت الديكتاتورية العسكرية قبضتها على البلاد والعباد ، وأصبحت حرية الصحافة في خبر كان ، وعادت الرقابة من جديد إلى الصحف بطريقة أشد وأفظع من أي وقت مضى ، ثم جاءت الأزمة الإقتصادية لتزيد الطين بلة ، وترتفع أسعار الصحف ويتقلص عدد صفحاتها.
وكانت “المصري اليوم” من أشد المتضررين مما حدث خاصة بعدما تعرض مؤسس الجريدة للإعتقال أكثر من مرة ، آخرها كان لرفضه بيع جريدته لجهات سيادية مثلما حدث لكثير من الصحف الخاصة أو على الأقل بيع جزء منها تمكن هذه الجهات من السيطرة عليها !!
ومن الأمور المستحدثة في الديكتاتورية التي تحكمنا إنشاء شركة إعلامية تتبع الجهات السيادية مهمتها السيطرة على القنوات التليفزيونية والصحف الخاصة ، وهو أمر لم تعرفه بلادي من قبل
وعندما وقف مؤسس “المصري اليوم” في طريقهم أعتقلوه بتهم “فشنك” ، ثم صدر قانون خصيصاً له يمنع الأسماء المستعارة ويفرض على كل كاتب أن يكتب أسمه صراحة وأسماه الرأي العام بقانون “نيوتن” حيث كان مقال لصاحب الجريدة تحت هذا الإسم ..
والأسماء المستعارة معروفة من زمان قوي في الصحافة المصرية ووالدي رحمه الله في بدايته كان يكتب بإسم “سانو” أو “سونة” والعديد من الكتاب عرفوا في بعض الأبواب التي يقومون بتحريرها بأسماء مستعارة !
فهي ليست بدعة ، وإنما الجديد هو قيام الإستبداد الذي يحكمنا بمنع ذلك !!
ومنذ ٢٠١٤ تدهور توزيع “المصري اليوم” وفقدت بريقها ، فهي جزء من مأساة الصحافة المصرية التي تشتد معاناتها يوماً بعد يوم ، وحاول عدد من رؤساء التحرير الذين جاءوا بعد ذلك إنقاذ ما يمكن إنقاذه ، وأتذكر بكل خير أصدقائي “حمدي رزق ومحمد السيد صالح” وآخرهم “علاء الغطريفي” رئيس التحرير الحالي الذي يعمل في ظروف بالغة السوء والقسوة ومفيش هامش حرية ، ولم يعد في “المصري اليوم” مكان للخبطات الصحفية ولا للإنفراد الصحفي ، وأهم ما يميزها عن غيرها حتى الآن مقالات الرأي التي كثيراً ما تتعرض للشطب هي الأخرى ، ويعجبني كذلك “ماهر حسن” في صفحاته عن التاريخ والأدب و”طارق الشناوي” في مجال النقد الفني ، ورسام الكاريكاتير البارع “عمرو سليم”.
وفي يقيني أنه مطلوب من “المصري اليوم” تغيير أجندتها بالكامل في ظل الإستبداد الجاثم على أنفاسنا !
والإهتمام بالموقع الإلكتروني لتكون له الأولوية بموضوعات متنوعة ، وإعطاء إهتمام أكبر بالموضوعات الإجتماعية والإنسانية وإن كنت أخشى أن تتعرض هي الأخرى لمقص الرقيب طبقا لمفهوم السلطة التي تحكمنا حالياً : كل شيء في مصر تمام .. عجائب !!