المتابع للنشاط المتواصل التي تقدمه الهيئة العامة لقصور الثقافة من خلال فروعها المنتشرة على مستوى الجمهورية يسعد كثيرًا، بل ويصاب بالدهشة المصبوغة بالإعجاب؛ فقد رصدت العديد من اللقاءات التثقيفية في خضم الاحتفالات المتواصلة بذكرى 23 يوليو، وتابعنا وشاهدنا فعاليات أشرف على تنفيذها نائب رئيس الهيئة وتفردت بمشاركات الأطفال التي قدمت عروضًا مبهرة في ظاهرها ومضمونها.
وكانت موضوعات التناول في كليتها تحض بصورة مباشرة ومقصودة على غاية حميدة تمثلت في تعضيد العمق التاريخي في أذهان فلذات الأكباد؛ حيث أقامت مكتبة طفل حديقة الأمل فرع ثقافة بورسعيد لقاء بعنوان “تأميم قناة السويس” ضمن برنامج ” الإذاعي الصغير” الخاص بتنمية مهارات الأطفال وتنمية قدراتهم الإبداعية، ناقش خلاله الإذاعيان مؤمن عبده وشادي عادل، أسباب تأميم قناة السويس في عام 1956، من قِبل الحكومة المصرية، وتوضيح أثر ذلك في تعزيز سيادة مصر على ذلك الممر المائي، وهذا ما يغرس في نفوس الناشئة قيمة حب الأوطان والحفاظ على مقدراتها، بل والاصطفاف خلف قيادتها في كل وقت وحين.
وهناك أنشطة متميزة تناولت لقاء أعدته مكتبة طفل القوات المسلحة، لتوضيح دور المقاومة الشعبية ببورسعيد خلال التصدي للعدوان الثلاثي على مصر نتيجة مشروع تأميم القناة، كما أقيمت ورشة حكي بعنوان “بطل من بلدنا” تحدثت خلالها إسراء العربي، عن السيرة الذاتية لبطل المقاومة الشعبية بالمحافظة محمد مهران، أعقبها ورشة فنية ومسابقة ثقافية للرواد، وغير ذلك من الأنشطة التي استعرضت الأغاني الوطنية وعرض العديد من الكتب المتنوعة التي صدرت للنسر في صورة سلاسل وقدمت بأسعار مخفضة لأبناء المدينة الباسلة وزوارها، بجانب عدد كبير من كتب النشر الإقليمي، وعروض الفرق الفنية.
ويتزامن هذا النشاط غير المسبوق مع تولي قيادات جديدة بالوزارة والهيئة تحاول جاهدة في تقديم أفضل ما لديها من أعمال كي تؤدي مؤسسات الدولة الرسمية أدوارها ورسالتها المنوطة بها، كما أن الاهتمام بالأقاليم يبعث برسالة طمأنة فحواها العمل المنظم والمخطط الشامل لربوع الوطن؛ لتحدث الغاية التي أكدت عليها قيادتنا السياسية منذ اللحظة الأولى عندما بدأ تشكيل الحكومة الجديدة وهي بناء الإنسان ورفاهيته.
وما قدمته وزارة الثقافة من مشاركات رائعة مع المتحدة للخدمات الإعلامية يعد من إنجازات القيادات الجديدة وعلى رأسها وزير الثقافة ونائب رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة؛ فتابعنا بشغف الفلكلور الصعيدي وألوان فنون مطروح والإسكندرية، ونتابع كرنفال فني بمشاركة فرقة النيل للموسيقى والغناء الشعبي، وفرقة مطروح للفنون الشعبية، وما ستقدمه فرقة النيل للموسيقى والغناء الشعبي عروضها، والأجندة مليئة بالمزيد من العروض والاستعراضات الفنية عالية الجودة وراقية الأداء والتي تحمل رسالة الفن الأصيل.
إن ما يقدم بمهرجان العلمين من خلال وزارة الثقافة وقطاعاتها المختلفة يؤكد أن مسار التحسين والتطوير والرعاية والاهتمام وتقديم الدعم وتعزيز الأداء من اهتمامات القيادة الوزارية الآن وفي الفترات القادمة وفق خطة الوزارة واتساقًا مع استراتيجية الدولة الطموحة، وها نحن نشاهد ما يقدمه المرجان بكل فخر واعتذار وصوناً للتراث المصري الثقافي، كما يواصل السيرك القومي عروضه المتنوعة بالممشى السياحي، بالمنطقة الترفيهية لمدينة العلمين الجديدة، حيث يقدم مجموعة من الفقرات المتميزة والمتنوعة، في هذا المهرجان الذي يعد الأضخم على مستوى الشرق الأوسط؛ حيث يمثل وجهة سياحية مهمة لآلاف السائحين من مصر والعالم، لما يتضمنه من حفلات وفعاليات متميزة يشارك بها نخبة من النجوم من مصر والوطن العربي.
كما شمل برامج وزارة الثقافة نوادي المسرح والتي تعد الأكثر رواجا في تاريخ المسرح المصري، وتم الإعلان عن فتح باب المشاركة في الموسم الجديد لنوادي المسرح؛ حيث تتيح خلالها هيئة قصور الثقافة الفرصة للشباب لإبراز مواهبهم في المجال المسرحي بإمكانيات بسيطة، مع مراعاة اختيار عروض مسرحية من مختلف المحافظات، بهدف تقديم خدمة ثقافية متميزة للجمهور، ومنتج مسرحي يصل إلى المحافظات كافة، تحقيقا لمبدأ العدالة الثقافية، وهذا في مجمله يؤكد مصداقية الأنشطة والاهتمام.
وتهتم قصور الثقافة المصرية بتنظيم عروضًا مسرحية وموسيقية وعروض راقصة بشكل مستمر، مما يتيح للجمهور المشاركة في هذه الأنشطة الفنية ، وإقامة معارض فنية متنوعة في مجالات الرسم والنحت والتصوير الفوتوغرافي وغيرها، مما يساهم في إتاحة الفرصة للفنانين للتعبير عن أعمالهم ورؤيتهم الفنية ، وكما تهتم قصور الثقافة بتنظيم ندوات وحلقات نقاشية وجلسات حوارية حول قضايا ثقافية وفكرية واجتماعية مختلفة، مما يثري الحياة الثقافية وتعزيز الهوية الثقافية المصرية؛ فبهذه الأنشطة المتنوعة وغيرها الكثير، تسهم قصور الثقافة المصرية بشكل فاعل في تعزيز الحراك الثقافي والفني في المجتمع وإتاحة الفرص للمواطنين للمشاركة والتفاعل مع الحياة الثقافية وتنمية الوعي الثقافي والانتماء والولاء والمواطنة لوطننا الحبيب.
أستاذ أصول التربية
كلية التربية للبنات بالقاهرة – جامعة الأزهر