منذ اندلاع حرب غزة منذ نحو 10 أشهر لم تقف مصر صامتة، ولم تكتف بالتصريحات، لكنها انخرطت بكل قوة فى سيناريوهات الحل، ووقفت بالمرصاد لسيناريوهات التهجير والتصفية، وهو السيناريو الأساسى الذى كانت تتبناه وتتمناه حكومة التطرف الإسرائيلية برئاسة بنيامين نيتانياهو.
أتذكر فى هذا الإطار لقاء الرئيس عبدالفتاح السيسى بالصحفيين والإعلاميين وغيرهم يوم 10 أكتوبر بعد اندلاع الأزمة بثلاثة أيام فقط أثناء حفل تخريج دفعة جديدة من طلبة أكاديمية الشرطة.
كان الرئيس عبدالفتاح السيسى يتحدث وكأنه طبيب يقرأ من تقرير أشعة دقيق ليرصد الأزمة ويحللها، ويقرأ السيناريوهات المتوقعة.
وقتها توقع الرئيس سيناريو التهجير، وبعده سيناريو التصفية، ورفضهما معا بشكل مطلق وواضح، مشددا على أن مصر لن تسمح بتلك السيناريوهات البغيضة مهما كانت التكلفة.
على الفور تحركت مصر، وأعادت للغرب صوابه المفقود بتأكيدها أن سر الأزمة وجذرها هو الاحتلال الإسرائيلى، وفقدان الأمل لدى الفلسطينيين، وأن الحل الوحيد لاستقرار المنطقة، ولأمن إسرائيل ذاتها، هو إقامة دولة فلسطينية على حدود 4 يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
وقت ذروة الأزمة نجحت مصر فى عقد قمة القاهرة للسلام فى 21 أكتوبر من العام الماضى وحضرها أكثر من 30 دولة، بالإضافة إلى أمين عام الأمم المتحدة لتكون رسالة مصر واضحة وقوية بضرورة البحث عن جذور الصراع التاريخى الفلسطينى الإسرائيلى لوقف شلالات الدم المتكررة على مدى أكثر من 76 عاما منذ قيام دولة الاحتلال الإسرائيلى حتى الآن، وأنه لن يتم وقف تلك الشلالات المتكررة من الدماء إلا بقيام دولة فلسطينية على حدود الرابع من يونيو.
نجحت مصر خلال الفترة الماضية فى تغيير الكثير من المفاهيم الغربية المساندة لدولة الاحتلال، واعترفت العديد من الدول الأوروبية بدولة فلسطين، والباقى فى الطريق، وساندت محكمة العدل الدولية، بحكم تاريخى واضح، حق الفلسطينيين فى إقامة دولتهم على الأراضى المحتلة فى الضفة، وغزة، والقدس الشرقية، كما قطعت المحكمة الجنائية الدولية نصف الطريق نحو إصدار حكم تاريخى بارتكاب جيش الاحتلال جرائم الإبادة الجماعية.