مدرس عاش يتيما ،شاب أنيق ذائع الصيت عملي ميسور الحال، تزوج من جارته ،تلك التي شاغلته بحرفية أنثى متمرسة ملأت عليه تفكيره،ألهبت خياله ،وسط انشغاله في عمله الذي لا يبخل عليه بكل وقته واهتمامه، لم يكن في حالة تسمح له بالتفصيل أو الاختيار ، أقاما في شقته التمليك بأحد المدن الجديدة ،رزقهما الله بولدين وبنتين ، خلال ست سنوات من زواجهما لم يحرمهم من شيء ،ملبيا كل رغباتهم ورغباتها ،على الرغم من إهمالها في حقه وحق أبنائها ، لكأنها لاتعرف للمسؤولية طريقا ، ولاتستشعر دورها ،دمية ،تأكل ،تشرب،ترتدي الحلي ،أفخر الثياب ،تقضي معظم وقتها بالنادي ،كم حاول أن ينصحها ،لكن لاتسمح له ما إن يتفوه بكلمة إلا و تثور في وجهه،غير مبالية بوجود الأبناء ،ولا منظرهما أمامهم ،يعود بعد عمله الشاق في الدروس الخصوصية ليجدها نائمة لم تعد الطعام ،لا له ولا للأبناء ،فكان دائما يملأ الثلاجة بما لذ وطاب حتى لا يجوع عياله ، الذين يئسوا منها، ولم يجدوا سوى الثلاجة يأكلون منها مايشاؤون ، و إراحة باله بالاتفاق مع المغسلة ،وعمال توصيل الطعام الجاهز ،مصطحبا زوجته وأطفالها ليأكلوا في المطاعم على الرغم من عودته متعبا ،حماية لاطفاله من ثورة زوجته عليهم باستثارتها بأي طلب ، لم يحاول افتعال أي خلافات ،او حتى مناقشتها أو نصحها ،لايريد أن يعكر صفو حياته وأبنائه كي يتفرغ لعمله، وما يجنيه موفرا لأبنائه حياة رغدة ،ملحقا إياهم بأغلى الحضانات و المدارس ،والدروس الخصوصية ،لم يكن يهمها أمر أبنائها في شيء ، ولا حتى متابعتهم المدرسية يكفيها هاتفها المحمول وانكفاؤها عليه ،ومكالماتها التي لا تنقطع ، ذات يوم أسرت إليه ابنته ذات السنوات الخمس أمرا ..ماما بتكلم واحد في التليفون وبتقوله كلام حب بالساعات،بتقفل عليها غرفتها ،لكن أنا سمعتها في يوم ،محاولا إخفاء دهشته وآثار الصدمة لا ياحبيبتي تلاقيها كانت بتكلم أخوالك ،أسرها في نفسه ، راقبها، تأكد له ما أخبرته به ابنته ،جارهم مطلق يقيم بمفرده ،وكم تلاقيا في النادي ،لم يواجهها ،ولم يطلقها ،حرصا على أولاده ،بل كان يغدق في العطاء المادي هدايا ،ذهب ،رحلات ،ويزداد برودها ونفورها ، ومرت اربع سنوات على هذا الحال ،لم يجد أي بد من الشكوى لأبيها أو امها أو إخوانها فلقد كانوا سلبيين ،كل له عالمه الخاص،فجأة عاد لمنزله فوجيء بأولاده يبكون ،حياري،بادرته البنت الكبرى،ماما بتقولك خلاص مش طائفة تعيش معاك ،طلقها وريحها منك ، عاد أدراجه متوجها لبيت أبيها وأمها ،فوجدهم في صفها تماما ،لم يعطونه أية فرصة ليتكلم ،لا أنت فاكرها عبدة هنجوزها سيد سيدك ،وقايمتها هتاخدها ودهبها ،وعيالها ، طلقها بالذوق وإلا هنبهدلك في المحاكم وهنبيعك هدومك، لم يطلقها ،فبادرته بقضية خلع ،وساءت سمعته أمام زملائه من كم المحضرين والقضايا ، سلمها الأبناء ،أقاموا معها في بيت والدها ،الذي وفر لها مكانا للإقامة معه في بدروم المنزل بفئرانه وصرايره ورائحته العفنة ،وعدم تواجد شبابيك للتهوية ،وحجة أبيها وأمها شيلي شلتك ،مش هنصرف عليك ولاعلى عيالك ،ساءت نفسية الأطفال وتحسرت على حالها ،خاصة بعد أن تخلى عنها حبيبها ، ونجحت في محاصرته بكم من القضايا يبلغ العشرين وبعضها فيه احكام حبس ،عاش مطاردا ، خبا نجمه ، لم يعد عليه أي إقبال ،بارت سلعته ،تردت أحواله الصحية والمادية ، باع شقته،سكن في حجرة مفروشة بأحد الأحياء العشوائية ، ذهب للمحكمة لحضور الجلسة الأخيرة للنطق بالحكم ليجدها وأطفالها الذين لم يجرؤا أن يعانقوه وأعينهم وعينه تفيض من الدمع ،وعندما نادى الحاجب عليه لم يجب فلقد فارق الحياة ،وسط صراخ أطفاله ،ماتسبناش يابابا،عايزينك ،مش عايزين نعيش معاها ،وانقضت القضايا جميعا بوفاة المتهم،عادت للبدروم تجر أطفالها معها لتعيش وسط الصراصير والفئران والروائح العفنة