تهتم الدولة المصرية باكتشاف المواهب ورعايتها وتوفير كافة الدعم اللوجستي لها كما تتم عملية اكتشاف المواهب بطريقةٍ عادلةٍ وشفافةٍ، مما يؤكد الثقة في النتائج ويحفز المواهب على المشاركة، وفي هذا الصدد تتولي وزارة الثقافة المصرية من خلال هيئاتها المختلفة وخاصة هيئة قصور الثقافة اكتشاف المواهب بكافة المجالات الثقافية والفنية وخاصة المسرحية من خلال العديد من آليات العمل المستدام والجاد تجاه نشر الثقافة المسرحية بين الجماهير، وذلك بمزيد من الدعاية والإعلان والتسويق الرقمي لها عبر المواقع الرسمية، ومن خلال وسائل الإعلام المصرية بصورةٍ مستمرةٍ، وعبر الصحف والمواقع الإخبارية الوطنية، وهذا ما لاحظناه في الإعلان عن شروط التقديم للتجارب النوعية في الموسم المسرحي الجديد.
وفي هذا الإطار تحرص الوزارة على اكتشاف المواهب عبر العروض المسرحية وفق أدوات مقننة تقوم على التقييم الشفاف والواضح والنزاهة المطلقة والمعلنة، وفي هذا الأمر تستعين بالمتخصصين وفق خطة معلنة، وهو ما يسمح باستيعاب كافة المواهب التي تمتلك بين جنياتها المزيد من الابداع الفني عبر هذا اللون الراقي من الفنون.
وندرك أن نجاح المؤسسات يقوم على المعيارية والشفافية التي تضمن التنافس الشريف وجذب كل من لديه الموهبة والمهارة الفنية ويضيف لرصيد الفن المصري والتراث الثقافي وينصهر ببوتقة الفن المسرحي المصري الراقي؛ حيث إن الهدف السامي جراء ذلك هو الحصول على متلون الفن المسرحي الهادف الذي يساعد بقوةٍ في بناء الإنسان وتنمية وعيه وجعل الفرد مواطنًا صالحاً مسؤول صاحب رسالةٍ في مجتمعه.
إن هذه التجربة المتفردة لها دلالةٌ واضحةٌ في عالم الفن خاصة مع الشباب صاحب القدرات والطاقات المتدفقة التي تستطيع أن تقدم ما يبهر المشاهد من خلال محبي العمل المسرحي أصحاب الكفاءات والكفايات والمهارات النوعية، ومن ثم نثني على هذه التجربة الناجحة من خلال فتح باب التقديم للمشاركة في الموسم المسرحي الجديد للتجارب النوعية، ضمن برامج وزارة الثقافة.
وما تتضمنه العروض المسرحية من مواهبٍ والعمل على اكتشافها يؤدي حتمًا لإيجاد حالةٍ من الوعي المسرحي داخل المواقع الثقافية التابعة للهيئة العامة لقصور الثقافة المصرية، وهذا يدعم الهوية والمواطنة ويعزز من الولاء والانتماء ويؤكد دوما على ماهية تكافؤ الفرص، ويحض على استثمار المواهب لتحقق الربح المعنوي والمادي بصورةٍ متوازنةٍ؛ حيث تسبق الرسالة الإفادة وتصب الأخيرة في الاقتصاد القومي بشكلٍ مباشرٍ.
واكتشاف المواهب عبر العروض المسرحية يلزمنا بأمر يجب الانتباه له، يتمثل في ضرورة الانتهاج لفلسفة التدريب المخطط؛ حيث يتضمن هذا إقامة ورش تدريبية لهواة المسرح في مجالات التأليف المسرحي – الإخراج – التمثيل – الديكور – العناصر المساعدة من فنيي الإضاءة والصوت وغيرها لجذب أكبر نسبة من الموهوبين ومحبي المسرح.
وجدير بالذكر أن ثمرات اكتشاف المواهب عبر العروض المسرحية عديدة؛ فمن خلالها نستطيع العمل على إعداد سجل مركزي رقمي بالأفرع لحصر بيانات الفرق المسرحية المعتمدة وفرق الهوية والمهتمين بالحركة المسرحية على مستوى المواقع الثقافية؛ بما يسهم في تكوين قاعدة بيانات أساسية للنشاط المسرحي.
وحصولنا على عدد من الموهوبين عبر اكتشاف مواهبهم من خلال العروض المسرحية يعطي بادرة أملٍ لأن نستغل تلكما المواهب في تدشين بروتكولات تستهدف الربح المباشر مع العديد من الدول التي تهتم بالعمل المسرحي وتؤمن بدوره في تعديل السلوك وإرسال الرسائل الداعمة لتوجهات البناء وتنمية الوعي الصحيح بمختلف أنماطه لدى المجتمعات باختلاف الثقافات، ولا شك أن الشريك الداعم لهذا الأمر يتمثل في وزارة الثقافة المصرية.
ولا تتوقف الأمور عند هذا الحد، بل إن الترويج للعمل المسرحي يشكل هدفًا استراتيجياً يحقق الربح المباشر من خلال عرض وتناول قضايا وموضوعاتٍ جاذبةً للفئات المستهدفة والتسويق عنها بصورةٍ رقميةٍ، كما أن هناك ضرورة قصوى لإصدار نشرات دورية رقمية تشمل كافة الأنشطة المرتبطة بنوادي المسرح بالأفرع وتشجيع أعضاء تلك النوادي على المشاركة في إعداد النشرة وتحريرها عبر موقع الهيئة العامة لقصور الثقافة المصرية.
نثمن مشروع “التجارب النوعية” الذي يعد أحد أشكال الإنتاج المسرحي التي تتيحها هيئة قصور الثقافة سنويا لشباب مصر المبدع، وذلك بجانب تجربة نوادي المسرح، التي يقدم خلالها عملٌ مسرحي يؤسس على فلسفة الإبداع والابتكار.
أستاذ أصول التربية
كلية التربية للبنات بالقاهرة – جامعة الأزهر