كان الشعر غزيراً في كافة نواحي أحياء العرب، لكنه كان عزيزاً بين خواص الخواص من العرب، وكان الذي لا يقرض الشعر قرضاً حسناً، يُهجى بسلاح الشعر هجاءً معتبراً…
من أجل ذلك استحسن النبي الشعر دون أن ينشده قط، واستعذب أجمله وأمدحه وأصدقه من غيره، إيماناً بجدواه في مواطن المدح والهجاء… فكان الشعر أحد أهم أدوات الحرب النفسية، كأنه أشد على العدو من رمي النبل.. وفي ذلك يقول النبي لشاعره حسان بن ثابت [ اهجهم فوالذي نفسي بيده إنه لأشد عليهم من وقع النبل ]
وكم من أبيات شعر سرت في نبض الزمن مسير الشمس في رابعة النهار، والنجوم في كبد السماء فيستضيء بها ظلام الأرض الدامس..
في الصدق، في المدح، في الهجاء… جميعاً بصديح الحق …
فبالاتفاق كان أصدقُ بيت قالته العرب، ذلك الذي أنشده لبيد بن ربيعة [ ألا كل شيء ما خلا الله باطل – وكل نعيم لا محالة زائل ]
وأجملُ بيت قالته العرب [ وما حملت من ناقة أوفى برحلها – أبر وأوفى ذمة من محمد ]
وأنصفُ بيت قالته العرب لحسان رضي الله عنه[ هجوت محمداً فأجبت عنه – وعند الله في ذلك الجزاء ] [ هجوت محمداً براً حنيفاً – رسول الله شيمته الوفاء ]