ومن الذي لا يُحبُ فاطمة ؟
بل من الذي يعرفُ فاطمة ؟
استفهامان يتمحوران حول شخصية امرأة، سبقت كل سلالتها الذكور والإناث سلفاً وخلفاً في النُبل والعزة، وإن تذيلت قائمتهم في الذيوع والشهرة …
السابقة بالنبل والإحسان، وإن واراها التراب وتوارت بالإجحاف والنسيان…
امرأة هي أربح أوراق السلالة العلوية التي حكمت مصر زهاء قرن ونصف، في البذل والفضل والوفاء والعطاء… بل هي في ميزان تاريخ مصر الحديث، ووالله هي في ميزان جيش من العلماء رجالاً ونساءً، وتالله إنها في ميزان ملايين تخرجوا من جامعة القاهرة منذ مهد إنشائها وحتى اليوم، وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها…
عجبت وأنا أقرأ عن هذه الفاطمة الباهرة، وتلك الفاطمة النادرة، فاطمة المجد، وفاطمة الكد والجد، الفاطمة الآثرة المؤثرة، الفاطمة الفاضلة المذهلة.. ابنة الخديوي إسماعيل، وهي دون سفوح جبل شهرته، وأخت توفيق وهي الأوفى منه إخلاصاً ووطنية، وأخت حسين كامل وفؤاد الأول، وعمة فاروق، وايم الله إنها الأعظم شأناً من كل ما سبق ذكراً …
إنها المرأة التي تصالحت مع ذاتها وقهرت المستحيل، والمستحيل وفق قانون حكام مصر في العصر الحديث، هو التضحية والإيثار وإنكار الذات … فماذا قدمت هذه المرأة ؟
هي صاحبة الفضل الأكبر في إطلاق جامعة القاهرة، فتبرعت بالأرض، وباعت مجوهراتها، وأبت إلا أن تتحمل نفقات بناء الجامعة ب٢٦ ألف جنية، وقدرت ما تبرعت به لإنشاء أول جامعة مصرية ٣٥٠ ألف جنية، وهو رقم فلكي خيالي في ذلك الزمان، حيث كانت قيمة الجنيه المصري أثمن من الجنيه الذهب ، ووقفت لمشروع الجامعة ٦٦١ فداناً … ضمن ٣٣٥٧ فداناً في مديريتي الجيزة والدقهلية للأعمال الخيرية….
أما وقد كانت فضائلها ومناقبها وشمائلها ناطقة باللآليء الكريمة، رصعها أمير الشعراء بقصيدة منحوتة…
يا بارك الله في عباس من ملك – وبارك الله في عمات عباس ..
ولا يزال بيت إسماعيل مرتفعاً – فرع أشم وأصل ثابت راس..
وبارك الله في أساس جامعة – لولا الأميرة لم تصبح بأساس …