كتب – عادل البكل
أصدر صندوق النقد الدولي تقريرًا إيجابيًا عن المملكة العربية السعودية عقب اختتام مناقشات مشاورات المادة الرابعة مع المملكة، أكّد خلاله أن أجندة الإصلاحات المالية والتنظيمية بالمملكة ساهمت بنموٍ متسارع للاقتصاد السعودي، مع احتواء التضخم، وخفض معدل البطالة إلى أدنى مستوياته تاريخيًا، مشيدًا بالتحول الاقتصادي المستمر وجهود تنويع الاقتصاد في ظل رؤية 2030.
وأشاد التقرير بسياسات الاقتصاد الكلي والحِراك المُتسارع في المملكة، مما أسهم في تعزيز نمو الأنشطة غير النفطية، وزيادة معدلات التوظيف حتى تجاوزت أرقام ما قبل جائحة كورونا، بالإضافة إلى ارتفاع نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل إلى أكثر من 35%؛ متجاوزةً مستهدف رؤية السعودية 2030 الواقع عند 30%.
ورحّب الصندوق بإجراءات التخطيط المالي طويل المدى بالمملكة، التي ساهمت في دعم تنفيذ مبادرات ومشاريع وبرامج رؤية 2030، مع تخفيف مخاطر فورة النشاط الاقتصادي، مؤكدًا أن الحيّز المالي بالمملكة متين، وأن مخاطر الديون السيادية منخفضة، وأشار أيضًا إلى أن وفرة الاحتياطيات المالية في المملكة حدّت من آثار التحديات الإقليمية والعالمية.
وأكّد التقرير أن الإصلاحات المستمرة بالمملكة، ومنها ضمان التطبيق الفعّال للأنظمة، وتقنين الرسوم، وتعزيز رأس المال البشري، ورفع نسبة مشاركة المرأة السعودية في سوق العمل، وتسهيل الوصول إلى التمويل، وتحسين الحوكمة؛ أسهمت في تعزيز نمو القطاع الخاص، وجذب المزيد من الاستثمار الأجنبي المباشر، إلى جانب التقدم الكبير في مجال التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي الذي يدعم هذه الجهود.
وأثنى المجلس التنفيذي للصندوق على دور المملكة القيادي في العمل الدولي متعدد الأطراف، ومن ذلك رئاستها للجنة الدولية للشؤون النقدية والمالية التابعة لصندوق النقد الدولي، ومساهماتها في مواجهة التحديات العالمية.
ونوّه الصندوق بزيادة نشاط قطاع الخدمات، بما في ذلك النقل والتجارة والسياحة والتمويل، بدعم من النمو القوي لحجم الاستهلاك الذي بلغت نسبته 5.7%.
وأشار إلى تحقيق طلبات تراخيص الاستثمار الأجنبي مستويات قياسية، إذ بلغت حوالي الضعف في العام 2023م مقارنة بالعام 2022م، بما في ذلك تقديم 330 شركة على طلبات الحصول على تراخيص لإنشاء مقارها الإقليمية في المملكة.
واستعرض التقرير تطورات القطاع المصرفي بالمملكة، مؤكدًا تميزه بنسب قوية من الملاءة والسيولة، وتمتعه بالمرونة أمام الصدمات، لافتًا النظر إلى أنه يستند على أساس قوي، كما أشار إلى كفاءة الوساطة المصرفية وفقًا لمؤشرات الربحية والبنية التحتية والقدرة التنافسية.
كما أشار إلى ارتفاع مؤشر السوق المالية السعودية “تداول” بنسبة 14.2% في العام 2023م، متجاوزًا بذلك مؤشر “مورجان ستانلي” للأسواق الناشئة البالغ 7%، والتقدم في البيئة التقنية الممكنة للاستثمار، والترخيص لثلاثة بنوك رقمية، مؤكدًا مساهمة ذلك في تعزيز الشمول المالي والتنافسية؛ إذ تتسم تلك البنوك بالمرونة والابتكار.
ونوّه التقرير بالإدارة الفعّالة التي اتبعتها المملكة في التعامل مع المخاطر الناجمة عن النمو السريع للإقراض العقاري، من خلال الدعم الحكومي المتنوع، ومتانة البنوك، والرهن العقاري الكامل، وغيرها من الإجراءات المساعدة، كما سلّط الضوء على التحسينات في أتمتة مصفوفة التقييم الوطني لمخاطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وتعزيز دقة تحليل البيانات المتعلقة بالمخاطر الواردة من الجهات المبلغة؛ بما في ذلك شركات التقنية المالية.
وأوضح أن ارتفاع الإيرادات غير النفطية يعكس مدى فاعلية الإصلاحات القائمة التي أسهمت بشكل مباشر في تعزيز الامتثال، مشيدًا بمواكبة الإجراءات الجمركية لأفضل الممارسات الدولية.
وتوقّع الصندوق نمو القطاع غير النفطي (الذي يشمل الأنشطة الحكومية) بنسبة 3.5% في العام 2024م مدعومًا بالطلب المحلي العالي، وأن يظل معدل التضخم بالمملكة مستقرًا عند حوالي 2% على المدى المتوسط؛ مدعومًا بارتباط الريال بالدولار الأمريكي، والسياسات المحلية المتسقة مع رؤية السعودية 2030.
وأكّد الصندوق أن المملكة لديها أحد أدنى مستويات الكثافة لانبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون مقارنة بجميع المنتجين الرئيسيين للطاقة، نظرًا للإصلاحات المستمرة في المجال البيئي وسعي المملكة لتحقيق الحياد الصفري في العام 2060م، مشيدًا بنجاح المملكة في تأمين اتفاقية شراء مدتها 30 عامًا لمشروع الهيدروجين الأخضر في نيوم؛ تحقيقًا لسعيها باستغلال مصادر الطاقة المتجددة.
ونوّه الصندوق بعزم حكومة المملكة على بناء أحد أكبر مصانع احتجاز الكربون وتخزينه في العالم، والذي سيعمل على احتجاز ما يقارب 44 مليون طن من الكربون سنويًا بحلول العام 2035م، وسيتم تشغيله بحلول العام 2027م بسعة 9 ملايين طن سنويًا من ثاني أكسيد الكربون، مشيدًا بجهود المملكة الحالية باحتجاز 1.3 مليون طن سنويًا من الكربون من خلال مصنع سابك ومعمل غاز العثمانية.