الزيارة الرسمية السريعة التي قام بها الرئيس عبد الفتاح السيسي للعاصمة التركية أنقرة لا ينبغي أن ننظر إليها من ناحية البروتوكولات والشكليات فقط بل إن مغزاها أعمق من ذلك بكثير كثير.
وغني عن البيان أن من يمعن التأمل في أبعاد هذه الزيارة لوضع يده على عدة حقائق ثابتة وأساسية.
*أولا: إن تركيا عضو في حلف الأطنطي “الناتو” ومعروف أن مصر بعيدة عن سياسة الأحلاف.
*ثانيا: تركيا أول دولة ذات أغلبية مسلمة تعترف بإسرائيل عام 1949 وهذا الاعتراف أوجد نوعا من التوتر بما فيه من شد وجذب.
ومنذ يوم 7 أكتوبر وحتى الآن لم تستطع تركيا الانحياز لإسرائيل بل بالعكس فقد وقفت ضدها وضد عدوان بنيامين نتنياهو بكل شجاعة وحسم وعزم.
واليوم عندما تستقبل تركيا الرئيس السيسي بهذا القدر الهائل من الحفاوة والتكريم في وقت تعرف فيه الدنيا كلها موقف الرئيس السيسي هذا معناه أن تركيا تغلب مصالحها مع مصر ضد أي مصالح أخرى.
*ثالثا: انضمام تركيا إلى مصر لرفع مستوى التعاون الإستراتيجي بين البلدين وإعادة تشكيل مجلس هذا التعاون يعني علامات مضيئة تحددها تركيا للعلاقة المتطورة القادمة بين البلدين وأن مصر هي الصديق الدائم والجار المخلص الأمين.
***
ثم..ثم.. يحسب لتركيا سرعة إعلان تضامنها مع مصر ضد تخاريف سفاح القرن بنيامين نتنياهو وضد هوسه وجنونه وأيضا ضد ادعاءاته الكاذبة .. فيما يتعلق بمحور فيلادلفيا ومعبر رفح وكانت تركيا في طليعة الدول التي أعلنت صراحة أن بنيامين نتنياهو دأب على تضليل العالم لعرقلة حل الوساطة ووقف إطلاق النار.
***
على أي حال أريد أن أخلص من ذلك إلى أن زيارة الرئيس السيسي لتركيا التي لم تستغرق أكثر من 24 ساعة حققت نجاحا في تطوير علاقات رائقة بين دولتين كبيرتين كل منهما تحمل في أعماقها أنقى مشاعر التقدير والاحترام للأخرى.
***
لكن.. لكن هذا التطوير وتلك النقلة النوعية رفيعة المستوى سيكونان مثار حقد وغيرة دول وحكومات كثيرة داخل المنطقة وخارجها.
وهنا يأتي دورنا كشعب وهناك تترسخ توجهاتهم كشعب أيضا بحيث يتم الحفاظ على هذه العلاقة المتميزة بكل إصرار وقوة وحماس لأن ما تم إصلاحه هذه المرة قد يكون صعب التعامل معه بنفس الحرفية مرة أخرى.
الأتراك يا سادة أصدقاء لنا منذ قديم الأزل والمصريون أيضا يضعون الأتراك في مقلات عيونهم.
وسوف يصبح الغد أفضل وأفضل كثيرا..
وعلى الله فليتوكل المتوكلون.
***
و..و..شكرا