أثناء زيارتي لليابان قبل سنوات؛ حكى لي صديقٌ يابانيٌ مسلم أن جده توفي في المدينة المنورة عام ١٩٣٤م بعد أداء فريضة الحج؛ حيث سافر في ذلك العام مجموعة من الحجاج اليابانيين كان عددهم ٩٥ حاجًا سافروا بالباخرة من اليابان إلى جدة في رحلة طويلة وشاقة، ثم على ظهور الجمال والحمير من جدة إلى مكة ثم إلى المدينة لزيارة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ ولم يعد من هؤلاء الحجاج إلى اليابان بعد انتهاء الحج إلا ٢٨ حاجًا فقط، أما الباقون فقد ماتوا جميعًا بسبب الإرهاق أو المرض أو متاعب الطريق.
وذكر لي الصديق أن جده قبل موته ترك وصيةً لأسرته مع أحد الحجاج يقول فيها: “إن وصلتكم رسالتي هذه فاعلموا أن الله قد أجاب دعائي وقبض روحي في مدينة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وقد أرسلتُ لكم مع هذه الرسالة بعضًا من تراب المدينة التي مشى فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم لتشتموا رائحته وتصبروا بها أنفسكم حتى تزوروه”.
يقول صديقي: كان أبي طفلًا صغيرًا في ذلك الوقت، ورأى جدتي كل ليلة تشم التراب الذي أرسله جدي قبل أن تنام وهي تقول: تُرى هل سأزورك يومًا يا رسول الله؟ هل سأدفن بجوارك مع زوجي كما كنا ندعو معًا دائمًا ؟ …
وكانت جدته تأمر أباه أن يشم ذلك التراب كل يوم، وتسأله قبل أن ينام: هل شممت رائحة رسول الله اليوم؟!
والعجيب في الأمر أن جدته ذهبت للحج في عام ١٩٣٨م وماتت أيضًا بالمدينة ودفنت مع زوجها بجوار رسول الله – صلى الله عليه وسلم -.
اللهم اشفنا ببركة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم