أما بعد..
وإني أعلم أنك موجوع من الخذلان..
أن يغدر بك من اتخذته سندا..
فاتكأت بقوة، ظنا منك ألا ينهار أو يكلَّ..
ويقينا بأنك لن تسقط، مهما كانت سطوة الريح..
فانهار ظنك ويقينك، واعتقادك..
لتجد أنك محض ريشة في مهب عاصفة..
تحملها كيفما تشاء..
فترى بعين قلبك المقتول..
أنك ضحية..
ضحية الغدر..
ضحية جرعة ثقة زائدة..
وأن تلك، مشاعرهم..
محض خدعة، وفيض خيال ضال..
فقل لي..
من علمك كل هذا الإفراط في البياض..
من أورثك كل هذا التعب، حتى تتكئ..
لماذا آنست، حينما توجب عليك أن تخاف؟!..
لماذا سكنت، حيثما توجب عليك أن تفر؟!..
قل لي..
منذ كم من الخيبات..
وأنت تولي قلبك قِبَل الجهة الخاسرة من الموت؟!..
فتموت عمرا ولا يشعرون..
وتموت صبرا ولا يشعرون..
وتموت قهرا، ولا يشعرون أيضا..
منذ كم من الأذى..
وأنت تقدم روحك قربانا، كلما طرقت الباب؟!..
فلا الباب يُفتح، ولا أنت أقلعت عن فيض الجنون..
منذ كم من الحنين، وأنت تصلي بكل هذا الثبات؟!..
وضرام الشوق يوقد الجحيم بين الضلوع، ويذيع أخبار الفزع..
من أين استقدمت كل هذا الهول..
منذ كم من الحرمان، وأنت تتعاطى حسن الظن؟!..
ظنا منك بأنك تُشفى..
فتسقط في براثن العيِّ أكثر..
وتغوص في عمق الوجع..
ياااا لجرمك..
هل لك إلى النسيان سبيل؟!..
وأحدهم قد أشعل جذوة الحزن في أقصى قلبك وأدناه..
ثم مضى غير عابئ..
فلا الجذوة انطفأت..
ولا أنت أقلعت عن وزر المحاولة..
فأخبرني..
لليائسين أمثالنا..
متى نتخلى عن الهروب إلى المستحيل؟!..
متى نرفع راية الاستسلام..
ونمضي ببطء..
نهب بقايانا لسطوة الذكريات..
للمتعبين أمثالنا..
متى نغلق عيوننا وننام؟!..
متى نتخلى عن الشوارع الغرقى..
عن العيش كالموتى..
عن الأرائك الملوثة..
وعن حصى الطرقات..
انتهى..
النص تحت مقصلة النقد..