سيرة النبي ﷺ هي مدرسة إنسانية شاملة تعمل على غرس القيم والأخلاق النبيلة
يحذر من التجاوز في حق النبي ﷺ لأن ذلك يثير الفتن ويعد سببًا في التطرف
كتب د. عبد العزيز السيد
ألقى خطبة الجمعة اليوم بالجامع الأزهر فضيلة الدكتور حسن الصغير، الأمين العام المساعد لمجمع البحوث الإسلامية للشئون العلمية والبحوث، والتي دار موضوعها حول “آداب النبوة”
قال فضيلة الدكتور حسن: إن النبي ﷺ هو نعمة إلهية وهبها الله سبحانه وتعالى للبشرية جمعاء، لقد وصفه القرآن الكريم بصفات عظيمة، وهي صفات تجسدت في حياته العميلة، منها؛ أنه رحمة للعالمين، وأنه الهادي إلى سواء الصراط، حيث كان ﷺ حريصًا على هداية الناس إلى طريق الحق، مستخدما أرقى الأساليب وألطفها، حتى وصفه المولى عز وجل بأنه رؤوف رحيم بالمؤمنين، وهذه الرحمة اللامتناهية هي التي جذبت قلوب العباد إليه ﷺ، “لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ”، وقد تجسدت في النبي ﷺ أرقى معاني الإنسانية والكمال والقدوة في الأخلاق والآداب، وبفضل هذه الصفات النبيلة استطاع ﷺ أن يوحد كلمة الناس ويجمعهم على دين الحق، كما قال تعالى: “ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك”، وهذه الصفات هي التي جعلت الناس يتوافدون على دعوته أفواجًا من كل فج عميق.
وأكد خطيب الجامع الأزهر، أن الحديث عن سيرة النبي ﷺ يلهم القلوب ويغرس القيم النبيلة في نفوسنا، لأن حياة النبي ﷺ هي مدرسة إنسانية شاملة، لهذا يعد شهر ميلاده ﷺ فرصة لتجديد العهد معه والعمل على نشر القيم الإنسانية التي جاء بها من عند ربه، كما أن سيرته ﷺ تسجد الوحدة والتسامح والبعد عن الخلافات والنزاعات، لأنها دعوة لكل البشر، وعلينا نحن المسلمين مسؤولية كبيرة في نشر سيرة النبي ﷺ وتعريف العالم بها من خلال تمسكنا بسنته في أقوالنا وأفعالنا وكل شيء في حياتنا، لأننا مأمورون أن نبلغ ما جاء به ﷺ.
وبين الدكتور حسن الصغير أن النبي ﷺ لم يغتر بصفاته وشمائله الفريدة، وإنما زادت من تواضعه وحلمه على أمته، لهذا تقول عنه السيدة عائشة رضي الله عنها: “كان خلقه القرآن”، وهو ما انعكس على تربية أصحابه وتخلقهم بأخلاقه الكريمة التي كانت تجسيدًا حقيقًيا للقرآن الكريم الذي جاء به، وكانت أسمى أخلاقه وأرفعها في علاقته بخالقه سبحانه وتعالى، فرغم المكانة التي له ﷺ عند ربه، لكنه كان يقوم الليل حتى تتورم قدماه، وحين تطلب منه زوجه عائشة أن يهون على نفسه، يرد قائلاً: “أفلا أكون عبداً شكوراً”، وهي دليل على خلق عال، فهو يعلم أمته، أنها وإن كانت خير أمة؛ فهذه الخيرية تقتضي منها زيادة في العمل والقرب والمراقبة لله جل وعلا، مضيفًا أن سلوك النبي ﷺ مع الناس يمثل جوهرة تتلألأ في سيرته العطرة، حيث كان ﷺ خير قدوة في التعامل مع الآخرين، فمن خلال تعاليمه وأفعاله، نتعلم كيف نبني علاقات إنسانية قوية مبنية على الاحترام المتبادل والتقدير، وقوله ﷺ: (أكمل المؤمنين إيمانًا أحسنُهم خُلقًا وخيارُكم خيارُكم لأهلِه) يدل على أن حسن الخلق هو أساس الإيمان، وأن أفضل الناس هم الذين يحسنون معاملة أسرهم ومجتمعهم، فمن كان صاحب خلق كريم، كان محبوباً ومقدراً من الجميع، وترك أثراً طيباً في نفوس من حوله
وفي ختام الخطبة دعا الدكتور حسن الصغير الأمة الإسلامية إلى الاستفادة من ذكرى ميلاد النبي ﷺ، في كل ملمح من حياته ﷺ، لتكون لنا حافزا على التعاون والعمل الصالح، ومساعدة المحتاجين، بما يعزز الأمن والاستقرار في المجتمعات، محذرًا من خطوة التجاوز في حق النبي ﷺ، لأن ذلك يثير الفتن والشقاق في المجتمعات، ويعد سببًا في الكراهية والتطرف.