ربما لم تكلف عملية القضاء على الرئيس الإيراني السابق “إبراهيم رئيسي” إسرائيل أو أمريكا التي تعطيها الضوء الأخضر في كل شيء، ثمنا باهظا، مثلما تكلفت عملية القضاء على زعيم حزب الله حسن نصرالله؛ فالقضاء على “رئيسي” تم بأحد أجهزة البيجر (جهاز اتصال صغير الحجم)، وهو ما ثبت استخدامه من جانب إسرائيل في تفجير بعض أعضاء وقيادات حزب الله، قبل اغتيال حسن نصرالله بأيام، كما لم تكلف علمية القضاء على إسماعيل هنية، زعيم حركة حماس، إسرائيل كثيرا، فصاروخ أو صاروخين أو حتى عشرة كفيلة بذلك، لأن الرجل كان في مبنى عادي وليس تحت الأرض أو ما شابه، لكن ما يثير الريبة هو القضاء عليه داخل إيران، وكأن سماءها وأجواءها مستباحة لكل صغير وكبير..أما عملية القضاء على حسن نصرالله، فكانت من القوة والضخامة إلى حد كبير، فقد كان الرجل في اجتماع مع بعض قيادات الحزب في مقر تحت مبنى سكني، في مبنى محصن تحت الأرض وفي فوقه مبان سكنية أخرى، وهذا يتضح من كمية المتفجرات والقنابل الخارقة للحصون، حيث ألقي على المبنى حوالي ألفي رطل من المتفجرات (2000 رطل)، وخمس وثمانين قنبلة (85 قنبلة)، وكلها صناعة أمريكية ونُفذت بطائرات “أف 35” الأمريكية الصنع، التي ترفض أمريكا إعطاءها للدول الكبيرة في المنطقة كمصر . من ثم فإن سياسة أو استراتيجيه “قطع الرؤوس” التي تنفذها إسرائيل لم تكن وليدة اليوم، بل جرى التخطيط لها منذ هجوم حماس في أكتوبر الماضي على إسرائيل، هذه واحدة، أما النقطة الأخرى فتتمثل في الإمدادات العسكرية واللوجستية الأمريكية لإسرائيل لتنفيذ هذه العمليات بهذه الدقة والقوة والاحترافية، والثالثة هي الإصرار من جانب إسرائيل على إشعال نار بالمنطقة كلها، وكل ذلك بالمساعدات الأمريكية، ولعل أبلغ دليل على ذلك هو الأساطيل العسكرية الأمريكية التي تضم حاملات الطائرات ومئات آلاف الصواريخ لإظهار “العين الحمراء” لكل من يحاول التصدي ومواجهة إسرائيل.
والسؤال الأهم لكل ذي فطنة: هل باتت، بل هل كانت أمريكا أصلاً حليفة، أو حليفا موثوقا لأحد؟ للأسف ، لم يع العرب دروس التاريخ جيدا، وسيظلون هكذا في ظل وضعهم البائس، يولولون كالنساء الأرامل، وحين تتعسر أمريكا ماليا، أو تكون على وشك الإفلاس، كما حدث في أزمتها في العام 2008، وما بعدها من أزمات، تجدهم أول من يقيلونها من عثرتها…. وللحديث بقية.