لا تسأل العصافير عن صحة الود وهي تجوب البلاد من أقصاها إلي أقصاها ثم تعود للعش،
ولا يسأل النهر عنها وهو يقطع رحلته الطويلة من الجبال البعيدة حتى الوادي فيضع تاج الندى على وردة ،
ولا يسأل الكون كله وهو يدور في نسقه الفريد المتناغم عن صحة الود
وإنما يسأل عنها الإنسان الذي يتقلب قلبه من النقيض إلي النقيض ويدور عقله بين الشغف والفتور والوفاء والجحود،
هكذا علمني الشعر أن الشاعر يؤلف بين الحروف كما يؤلف بين القلوب،
فإذا صح الود بين الحروف صارت قصيدة تخرج من القلب إلي القلب،
وإذا غلبها التكلف صار الجحود بين حروفها وتنافرت معانيها فلا تكاد تعبر من الأذن حتى تنفر من أصواتها ولا تكاد تمر إلي القلب حتى ينصرف عنها، .كذلك لا تخرج القصيدة إلا من نفس صافية ملهمة قادرة على أن تنسجم مع نفسها.