ليس كل مايعرف يقال حتى بعد مرور 51 عاما على نصر أكتوبر1973, فهناك من الأسرار والكنوزالتى تحملها دفاتر هذا النصر المجيد, ولم يتم الكشف عنها, كون هذه الأسرار تدخل فى صميم خطة الحرب وسير العمليات القتالية التى وضعها ونفذها أبطال الجيش المصرى فى واحدة من أهم حروب التاريخ الحديث, وتفوقوا من خلالها على غرور قادة الجيش الاسرائيلى بشهادة أرقى المدارس والمعاهد العسكرية الدولية, أما الكنوز فهى بطولات المقاتلين المصريين وتضحياتهم والتى كانت عامل الحسم فى سير المعارك الحربية باعتراف وزير دفاع اسرائيل الأسبق موشى ديان والذى قال فى الساعات الأولى للحرب: “إنه وضع فى حساباته كل مايتعلق بأسلحة ومعدات القوات المصرية, ولكنه لم يضع ضمن هذه الحسابات أداء المقاتل المصرى, فقد كان أداء مذهلا فاق كل التوقعات.
نعم أداء المقاتل المصرى مذهلا بكل المقاييس وظهربوضوح فى الساعات الأولى من الحرب, وعقب الضربة الجوية وقصف المدفعية للمواقع الاسرائيلية فى سيناء, ثم دخول زوارق الصواريخ والمدفعية الساحلية المعركة ضد العدو شرق بورفؤاد تجاه منطقة رأس مسلة – عيون موسى عبر خليج السويس لتتفجر السماء والأرض والمياه بنيران الجحيم تحيط بالعدو من كل مكان ولتأتى نتائج التمهيد النيرانى مؤثرة بشكل فعال أوقعت بالقوات الاسرائيلية خسائر كبيرة فى المعدات والأرواح, وأربكت القيادة الاسرائيلية, وهو مامهد لعبورقواتنا قناة السويس وصعود الساتر الترابى والدخول فى قتال عنيف ضد قوات العدو بحصون خط بارليف, وهنا يقول المشير محمد عبد الغنى الجمسى: إنه تحت ستر نيران المدفعية, وفى مواجهة النيران الصادرة عن حصون العدو على الضفة الشرقية للقناة, اقتحمت قوات الجيشين الثانى والثالث قناة السويس فى موجات متتالية عى امتداد القناة من بورسعيد شمالا إلى السويس جنوبا فى قطاعات العبور المحددة لها وهم يصيحون أثناء الاقتحام: “الله أكبر- الله أكبر”, وهونداء صادر من قلوب المقاتلين وكان له أثرعميق فى تطور العمليات على الجبهة”.
وانطلق المقاتلون من المشاة والصاعقة يصعدون الساتر الترابى العالى بوسائل تسلق مبتكرة مصنوعة محليا عبارة عن سلالم من الحبال, ثم يقاتلون العدو الذى كان يواجههم سواء فى حصون بارليف أو حولها, وكان رجال الصاعقة يتقدمون الموجات الأولى للاقتحام لكى تسبق العدو فى احتلال المصاطب والمواقع الموجودة خلف خط بارليف بحوالى كيلو متر إلى كيلو مترين لمنع دبابات العدو من احتلالها أو التقدم لتدعيم قوات الحصون, وكذا ببث الألغام فى الصاطب التى قد تصل إليها الدبابات المعادية.
استمر تدفق قواتنا شرقا عبر القناة فى موجات متتالية من القوارب المصنوعة من المطاط والخشب, وكان لنا على الضفة الشرقية للقناة فى الدقائق الأولى من الحرب حوالى ثمانية آلاف مقاتل ارتفع عددهم بعد ساعة ونصف ليكون حوالى 14 ألفا, ثم أصبح عددهم حوالى 33ألفا بعد نحو ثلاث ساعات ونصف من بدء القتال, ثم إلى 50 ألفا فى مساء نفس اليوم فى الضفة الشرقية للقناة معهم حوالى 300 دبابة وعدد مناسب من الأسلحة المضادة للدبابات والصواريخ المضادة للطائرات التى يحملها الأفراد تغطيها نيران حوالى 1800 مدفع ميدان.
هكذا انتهت عمليات أول يوم قتال فى حرب السادس من أكتوبر 1973 بعد أن حققت قواتنا المسلحة إنجازا عسكريا كبيرا وصفه المؤرخ العسكرى الأمريكى”ت.ديبوى” بالضخم والهائل,وقال: “يكفى مارأيناه من كفاءة الاحتراف فى التخطيط والأداء الذى تمت به عملية العبور, لم يكن ممكنا لأى جيش آخر فى العالم أن يفعل ماهو أفضل منه, ولقد كانت نتيجة هذا العمل الدقيق من جانب أركان الحرب وعلى الأخص عنصر المفاجأة التى تم تحقيقها هو ذلك النجاح الملحوظ فى عبور قناة السويس على جبهة عريضة , ولقد كان العبور المصرى هو أعظم منجزات الحرب”.
تحتفل قواتنا المسلحة بالعيد الثانى والتسعين للقوات الجوية رغم أن يوم الاحتفال هو الرابع عشر من أكتوبر 1973, أى منذ51عاما فقط, فإلام يشير الرقم 92؟ الاحتفال بأعياد نصر أكتوبر المجيد, وعيد القوات الجوية يوم 14 أكتوبرفعلا, ولكن القوات الجوية مرت بمراحل تطور كثيرة , حيث نشأت عام 1932 تحت مسمى السلاح الجوى الملكى المصرى, لذا فالرقم 92يشير إلى تاريخ نشأتها, وكانت المهمة الأساسية للقوات الجوية فى ذلك الوقت هى مكافحة التهريب عبر الصحراء , ومراقبة الحدود, وشاركت القوات الجوية فى جميع الحروب التى خاضتها مصر بداية من الحرب العالمية الثانية, وحرب 1948, وبعد قيام ثورة 23 يوليو 1952 تغير إسمها إلى القوات الجوية المصرية, وفى عام 1955 تم البدء فى البناء الحقيقى للقوات الجوية المصرية, فشهدت المرحلة الأولى التنوع فى مصادر السلاح, وتعاقدنا على الطائرات الشرقية مثل الميج واليوشن والسوخوى, وأصبح للقوات الجوية مهمة جديدة وهى الدفاع عن قناة السويس كما حدث أمام العدوان الثلاثى على مصر عام 1956, ولقنت القوات الجوية المصرية فيها العدو درسا عنيفا, حيث حققت 200طلعة أمام ثلاث دول يوم 2نوفمبر 1956, ولذا تحول العيد إلى ذلك اليوم, وتم الاحتفال به فى عام 1957 يوم 2نوفمبر, وفى نهاية فترة حرب 1967 قام نسور القوات الجوية ببطولات تكتب بأحرف من نور فى مقاومة طائرات العدو, وتم منع الطيران الاسرائيلى من اختراق المجال الجوى المصرى, فكانت المرحلة الثانية لبناء القوات الجوية أثناء حرب الاستنزاف منذ عام 1967 إلى 1970, حيث تمت إعادة بناء القوات الجوية على أسس سليمة ببناء مطارات وقواعد جوية بدشم حصينة للطائرات , وتم الحصول على طائرات جديدة من طرازات ميج21, وميج 19,وسوخوى7.
فى مثل هذا اليوم 16 أكتوبر 1979تم افتتاح مكتبة الاسكندرية فى مصر بعد إحيائها فى مشروع ضخم قامت به مصر بالاشتراك مع الأمم المتحدة