يسعد المرء أو يشقى بالاسم الذي أطلق عليه منذ لحظة الميلاد..البعض يحاول باسم الشهرة معالجة ما يراه من اسم غير مناسب حصل عليه وسجل في شهادة الميلاد ..والآخر يشعر بالفخر من الاسم ويحاول في جلسات الأصدقاء أن يتحدث عن الحماية وكيف ولماذا حصل على هذا الاسم بالذات وفي العالم المتقدم ظهرت الكتب التي تعتبر دليلا للأسماء..تركز على معنى كل اسم حتى يأتي الاختيار السليم..
إنها امبراطورية واسعة المدى يتصدرها حتى الآن حرف (أ) ربما لأن به بدأت الأشياء.
**على مدى العقود والزمان.. اهتم الإنسان باطلاق الاسماء التى يراها مناسبة للأبناء والبنات.. كما عرف بها الكائنات والحيوانات.. والظواهر الطبيعية.. ناهيك عن الأيام والفصول والسنوات.. وخلال رحلة الحضارة والإعمار اختلطت الأمور ببعضها.. فاشعار الإنسان لأبنائه أسماء ما حوله من كائنات.. وبينها بالطبع الصفات.
ورغم أن العصور الحديثة شهدت إصدار كتب ونشرات ترشح اسماء للقادمين للحياة.. مرفق بها المعنى لكل اسم.. وجذور البلد القادم منه.. مما اتاح الفرصة لتدخل تسمية الابناء مواسم للموضة.. تعكس اذواق فئات المجتمع وطبقاته.. فإن الكثير من الآباء والامهات الجدد يفضلون اللجوء إلى استشارة الاصدقاء والاقارب والكبار فى الاختيار.
**بالنسبة لى تزوجت فى سن التاسعة والعشرين.. عقب عودتى من برلين من ابنة الجيران الحاصلة على ليسانس فى التاريخ والموظفة بوزارة التموين.. سافرنا بعد الزفاف بقليل إلى السعودية لتعمل العروس مدرسة للاجتماعيات فى إحدى المدارس المتوسطة (الاعدادية) للبنات.. فى بلدة صغيرة على طريق المدينة.. تبعد عن جدة ١٦٥ كيلومترًا وظللت عدة شهور محرمًا بدون عمل لأننى لا أجيد إلا الصحافة.. حيث يصدر فى جدة ثلاث صحف يومية هى عكاظ والمدينة وفى مكة الندوة.
**عندما حصلت على فرصة عمل كـ«موضب فنى» تعادل سكرتير تحرير كانت زوجتى حاملاً فى المولود الأول.. الذى وضعته فى اجازة الصيف بمستشفى جدة الوطنى.. وبالطبع تحدثنا قبلها فى التسمية المرتقبة للقادم الأول (صبى أو فتاة) اعتمدنا على أنفسنا فى الاختيار والقرار ففى الغربة كل شخص فى حاله.. والأهل فى الوطن على بعد آلاف الكيلومترات كنت صاحب الفكرة.. واقتراح دليل البحث.. بالاعتماد على الحرف المشترك بين اسمى «صالح» ورفقية العمر «فاطمة» حرف الألف.. اتفقنا على الاسم المبارك «أحمد» وبالفعل ولد مباركًا داخل كيس جلدى رقيق وبحمد الله.. نشأ صالحًا.. طيبًا مجتهدًا.. ذكيًا.. اكمل دراسته حتى الجامعة بتفوق.. ودون مشكلات تخرج فى كلية التجارة الخارجية بالزمالك والتحق بالعمل فى البنوك.. وعندما تزوج اختار وعروسه حرف «الياء» لولده يامن وابنته ياسمين.
**الابن الثانى جاء إلى الدنيا بعدها بعامين واطلقنا عليه «أيمن» ارتبط بشقيقه ونشأ ذكيًا خدومًا.. محبًا للناس.. يكتب الشعر.. موهوبًا فى لعب كرة القدم.. كلاعب وسط ينتظره مستقبل باهر.. استجاب لامنية جدته ورغبة امه للالتحاق بكلية الشرطة.. وبالفعل حصل على مجموع جيد واجتاز اختبارات القبول جميعها.. وحقق لنفسه سجلاً مشرفًا.. ضمن العيون الساهرة.. على أمن الوطن الغالى.. وخدم فى مواقع مختلفة بعد القاهرة فى المحافظات.. وعندما تزوج اتفق وزوجته على الاختيار المستقل للأبناء لديه الابن الاكبر باسل على وشك التخرج فى كلية الحاسبات والمعلومات.. ثم الابنة كنزى.. الأميرة الرقيقة الفنانة.. هامسة الصوت.. تستعد للالتحاق بالجامعة هذا العام.. أما الصغيرة اختاروا لها اسم «تيا» الأميرة الصغيرة وهى بالفعل كذلك على درجة عالية فى الذكاء.. حاضرة البديهة.. راسخة التفكير.
**تبقى الابنة الرقيقة «أمانى» الصحفية القديرة والاديبة والناقدة السينمائية والتى افخر بمشوارها فى بلاط صاحبة الجلالة الصحافة.. ثم مهندس الكمبيوتر أسامة الابن الاصغر الذى ولد فى الوطن.. ورحلت أمه وهو فى الثانوية العامة.. ليتحمل المسئولية ويتعود على الغربة فى أسيوط.. ثم السفر للعمل بالخارج.. وبعد الزواج اختار «السين» الحرف الأول من اسم زوجته سارة.. لابنته الكبرى «سيلا» ثم الصغير «سيل» وكلاهما نموذج مشرف للابناء.. جمعا بين الذكاء والموهبة.. وحب العلم.. والهواية النافعة.. وهما موضع الفخر فى المدرسة الآن.
**وتبقى القصة مفتوحة فى الحرف الامثل لاختيار هؤلاء الاحفاد بعد الزواج وتكوين اسرهم امتدادًا لتواصل الأجيال وامبراطورية شخصية جدًا فى كل زمان ومكان.
صالح إبراهيم