الاقتصاد والإجهاض عنوان الجولة قبل الأخيرة علي حلبة الصراع الرئاسي
أيام وينطلق ماراثون الانتخابات الأكثر سخونة في العالم. ومع اقتراب موعد الانتخابات الأمريكية، يتصدر الاقتصاد قائمة القضايا الحاسمة التي تشغل الناخبين، إذ يمثل الأداء الاقتصادي ركيزة أساسية في تقييم السياسات والإدارات المتعاقبة. وبينما يتباين خطاب المرشحين حول التحديات الاقتصادية، مثل التضخم، النمو، وأسواق العمل، تبقى مواقفهم تجاه الضرائب، الإنفاق العام، ودعم الطبقة الوسطى نقاطًا جوهرية في حملاتهم الانتخابية.
المخاوف بشأن حالة الاقتصاد والتضخم أصبحت عاملاً أساسياً يؤثر ليس فقط على اتجاهات أصوات الأمركيين في الانتخابات الرئاسية 2024. بل يمتد تأثيره علي العالم كله، فالاقتصاد الأمريكي هو الأكبر حجماً في العالم، الناتج المحلي الإجمالي يفوق ٢٨ تريليوناً، وحجم التفاعل الدولي للاقتصاد الأمريكي ضخم جداً حيث يتحكم في حوالي ١٠٪ من تجارة العالم، كما أن سعر الفائدة في البنك الفيدرالي الأمريكي يؤثر على مجمل الديون والفوائد في العالم كله وليس في أمريكا فقط. تدين الولايات المتحدة بأكثر من ٣٦ تريليون دولار لدول العالم، وهو ما يجعل الجميع ينظر إلى ذلك الاقتصاد الكبير الذي يستدين ويقرض ويتاجر وينتج ويُصدِر قرارات مؤثرة في العالم كله،فأمريكا وبدون مبالغة تحكم الاقتصاد العالمي فعلياً، أو على أقل تقدير فهي بمثابة القائد الذي يلهم الجميع وقراراته بمثابة أضواء وإشارات تهتدي بها الاقتصادات الأخرى فيكل قارات العالم.
وعلى مدار الأشهر القليلة الماضية، حرص المرشحان دونالد ترامب وكاميلا هاريس، على استخدام ورقة الاقتصاد بالشكل الأمثل لصالحه، فمن جانبه يستغلها ترامب هجوما على الديمقراطيين، الذين يتهمهم بالفشل، خاصة مع وصول التضخم وأسعار الفائدة مستويات قياسية، ومن ناحية تسعى كاملا لاقناع ناخبيها بالعمل على تهدئة الأسعار وتقديم دعم حكومي على شراء المنازل، وخفض الضرائب.
هاريس التي تحاول استمالة الطبقة الوسطي بحزمة حوافز لتفوز علي منافسها بالضربة القاضية قالت أنها تستهدف تخفيف الأعباء الضريبية علي هذه الطبقة التي تمثل السواد الأعظم من الأمريكيين،في الوقت الذي نفت فيه أن تكون غاضبة من أى شخص لكونه ثريا، لكن ينبغى أن يدفعوا حصتهم العادلة من الضرائب. ووعدت هاريس بطريق جديد للطبقة المتوسطة للمضى قدما، وهاجمت منافسها الجمهورى ووصفته بصديق المليارديرات وليس الأمريكيين الكادحين.من جانبه وكعادته هاجم ترامب حزب منافسته وقال أنه لا يبالي بكل هذه الاتهامات مؤكداً:أن كل المشاكل التي تعاني منها الولايات المتحدة سببها الإدارة الفاشلة لبايدن ونائبته التي تحلم بالرئاسة.
٨١٪ من الناخبين يقولون وفقاً لآخر استطلاعات الرأي إن الاقتصاد سيكون عاملا مهما جدا في تحديد قرارهم النهائي بشأن أصواتهم في الانتخابات الرئاسية.لكن ليس الاقتصاد وحده حيث كشفت اتجاهات الناخبين الأميركيين في القضايا الأساسية التي تؤثر على تصويتهم،أنه رغم أن الاقتصاد هو القضية الأولى بين الناخبين، إلا أن حوالي٦٠٪ من الناخبين أشاروا إلى خمس قضايا اخري على الأقل من ١٠ قضايا باعتبارها ملفات مهمة جدا تؤثر على قراراتهم الانتخابية إضافة للاقتصاد.وهناك اختلافات واسعة بين الناخبين الذين يدعمون هاريس وترامب عندما يتعلق الأمر بتلك القضايا.ومن هذه القضايا إضافة لملف الهجرة الذي سبق ان أفردنا له رسالة كاملة قضايا الاقتصاد والعنف وعدم المساواة العرقية وتغير المناخ والرعاية الصحية والإجهاض،وتعيينات المحكمة العليا لكن تشير أغلبية كبيرة من الناخبين إلى الاقتصاد والإجهاض على أنهما الملفان الأهم لتصويتهم في الانتخابات.
وتدعم هاريس الحماية الفيدرالية القانونية لحق المرأة في الإجهاض، ويعارض ترامب الأمر. ولكل منهما حجته التي تبرر موقفه. ويبدو أن هناك تيارا واسعا من الأميركيين يؤيد حق المرأة في الإجهاض.بينما كان
ترامب قد دعم القيود على الإجهاض على المستوى الفيدرالي حينما كان في البيت الأبيض، لكن تبين حالياً أنه يعيد حساباته، ويقلل من الحاجة إلى فرض حظر فيدرالي، حيث ينقسم أعضاء الحزب الجمهوري حول هذه القضية.وتدافع هاريس عن قانون حماية صحة المرأة، وهو مشروع قانون لحماية حقوق الإجهاض في جميع الولايات الـ50 بموجب القانون الفيدرالي، ويحظر وضع عقبات غير ضرورية طبيا أمام الوصول إلى هذا الإجراء.هذا التغير في موقف ترامب كان موضع سخرية من هاريس وحملتها الانتخابية الذين قالوا كيف يؤتمن علي قيادة أمريكا شخصية متذبذبة الآراء وليس لها موقف ثابت في القضايا المهمة.
لكن ترامب تجاهل رد فعل هاريس وفريقها واستمر علي موقفه الحديد حيث أنه مؤخراً أعرب علنا عن خشيته من أن ردة الفعل العنيفة من الناخبين على موقفه من الإجهاض قد تكلفه هو وحزبه الانتخابات.وقال يجب أن تترك قضايا الإجهاض لكل ولاية تقرر ما يناسبها ، وهو تحول كبير في موقفه السابق الداعم للقيود الفيدرالية على الحق في الإجهاض.
وقد أثار موقف ترامب الجديد معارضة من حلفاء الحزب الجمهوري، مثل السيناتور الشهير ليندسي غراهام، من ولاية ساوث كارولاينا، الذي قال إن ترامب مخطئ وأنه لا ينبغي تراجع الحزب الجمهوري عن هدفه طويل الأمد المتمثل في سن قوانين تعزز تقييد حقوق الإجهاض على المستوى الفيدرالي.ويقلل بعض الجمهوريين من احتمالات إقرار الكونجرس للقيود الفيدرالية على الإجهاض، حتى لو حققوا فوزا يمكنهم من السيطرة الكاملة على السلطة التشريعية.
كثير من الناخبين يميلون للثقة أكثر في ترامب خاصة في السياسات الاقتصادية والهجرة.ويقول بعضهم إنهم واثقون إلى حد ما على الأقل في قدرة ترامب على اتخاذ قرارات جيدة في هذه المجالات مقارنة بهاريس.
وفي المقابل، يثق الناخبون أكثر في هاريس لاتخاذ قرارات جيدة بشأن سياسة الإجهاض ومعالجة القضايا المتعلقة بالعِرْق بشكل فعال.
ويرى الناخبون وفقاً للاستطلاعات الأخيرة قبيل الاقتراع أن ترامب يتمتع بميزة طفيفة على هاريس في التعامل مع قضايا إنفاذ القانون والعدالة الجنائية بينما يتساوي هاريس وترامب من وجهة نظر المشاركين في الاستطلاعات في قدرة كل منهما علي اختيار قضاة أقوياء للمحكمة العليا حيث حصل كل مرشح علي أصوات ٥٠٪من الذين شاركوا في الاستطلاع.
ويعتقد أقل من نصف الناخبين أنهم واثقون إلى حد ما في كلا المرشحين لرأب الصدع وتقريب البلاد من بعضها البعض وفي هذا السياق تميل الترشيحات إلي كاميليا هاريس خاصة أن كثير من الأمريكيين يحمّل ترامب مسئولية ذلك الإنشقاق كما لا يثق غالبية الناخبين في قدرة ترامب علي الحد من تأثير المال في السياسة، وهو ما تفوقت فيه هاريس أيضاً وفقاً لتلك الاستطلاعات التي بينت أنها أكثر قدرة علي التقليل من استخدام المال في السياسة.
رسالة نيويورك