هذه القصة تمثل حكاية حب أعتقد أن لها نكهة مختلفة مع الاحترام لتراث الإنسان وعلاقاته مع كيوبيد.
وفي انتظار آراء الأصدقاء.
أمام المستشفى الكبير بالحى العريق.. تواجد مقهى دائم الحركة.. مزدحم نهارًا بزبائن أصحاب علاقة ما بعمل المستشفى ونزلائها.. أقاربهم.. وأصدقاؤهم.. معظمهم يعانون من التوتر المؤقت والقلق المشروع، وبالتالى حتى لو شارك فى الحوار غرباء مجهولون، يحدث ذلك تحت نفس المظلة.. وما يتفرع منها من علاقات اجتماعية دائمة أو مؤقتة.. لكنها لا تخلو من فائدة للجميع.
على إحدى المناضد فى مدخل المقهى.. كان صاحبنا الشاب القادم من أعماق الريف يجلس فى انتظار ست الحبايب التى صعدت وشقيقته إلى المستشفى لإجراء فحوص وإشاعات.. طلبها طبيب المركز حتى يستطيع التعامل السليم مع الآلام التى تراوح الأم من حين إلى حين.. بعد أن اتجهت الأحوال نحو الآلام المبرحة.. والصراع المستمر وسط إصرار الأم على القيام بواجباتها المنزلية دون تأخير.. لأن مكان الفحوصات مخصص للنساء فقط.. لجأ إلى المقهى.. طالبًا كوبًا من الينسون لتهدئة الأعصاب.. عيناه لم تغادر أبدًا النظر إلى باب الدخول بالمستشفى.. حيث دخلت الأم والابنة مبكرتين ومعهما تذكرة الدخول.. فضل أيضًا الجلوس إلى منضدة صغيرة ذات كرسى واحد.. حتى يركز فى مهمته.. ولا يفتح حوارًا قد يضيف همومًا لما يحمل من هموم.
فجأة.. دق قلبه بعنف.. ونقلت العينان إشارات عاجلة بالنظر إلى اتجاه باب المستشفى.. اصطدمت مشاعره وأجهزة الاستشعار لديه.. سيدة شابة جميلة.. ترتدى ملابس محتشمة.. تسير الهوينى.. توقع بخطوات فرحة مرحة على الأرض الاسفلتية.. فى الطريق لمغادرة المبنى.. إلى مكان مجهول.. أخرجت حقيبة يدها.. لتخرج الهاتف المحمول.. سقطت دون أن تشعر من الحقيبة.. حافظة النقود..
ولأنها لم تلتفت.. قام بسرعة.. التقط المحفظة من الأرض وسبقها بخطوة ليقدمها لها.. تكلمت لغة العيون.. تحمل تعبيرات وكلمات جديدة لم يصادفها من قبل.. ومعها تركت يدها تطلق أشعة كهربائية إلى يده.. قبل أن يستمع لصوت كالبلبل شاكرًا هذا المعروف.
عاد إلى المقهى.. مرت لحظات كالدهر.. جاءت عندها شقيقته.. تطلب منه الذهاب معها إلى مكتب الدخول بالمستشفى.. حيث قرر الأطباء ضرورة استضافة الأم لعدة أيام.. قام باللازم من الإجراءات.. وعاد وشقيقته إلى مدينتهم الصغيرة.. وبعدها أصبح وشقيقته زبونين دائمين.. يحضران خلال أوقات الزيارة.. يتحدثان مع الأم فى كل ما يشغلهم من أمور وفى إحدى المرات وجدها أمامه.. سيدة المحفظة.. كانت تحمل صينية بها الدواء الخاص بالأم.. ابتسمت له.. مشجعة ولكن بخجل.. لتبادله الكلام.. لكنه لم يفعل.. وانتظر فرصة أكبر.. بعد أن جمع عنها من الأم ومرضى العنبر بعض المعلومات.
فى المرة التالية.. أحضر معه باقة زهور قليلة العدد.. عظيمة القيمة.. قبلتها بكل احترام.. وبدأ القلب لعبته التاريخية.. فى التوفيق بينهما فى الحلال.. ولكن السعى لم يكتمل عندما لمحها ذات مرة فى ممر بالمستشفى تسير وشخص غريب.. ممسكة بيده.. يتبادلان الهمس والابتسامات.
الصدمة حدثت شبه كاملة.. سقط صاحبنا على الأرض.. محدثًا صوتًا أثار الانتباه.. جرت باندفاع لتحضر له سرير الاسعاف.. وبعد أن فحصه طبيب الطوارئ أكد إصابته بجلطة تستدعى الإفاقة فى المستشفى والحقن 24 مرة على طريق الشفاء.
استيقظ صاحبنا بعد السقوط ليجد نفسه على سرير فى عنبر الرجال.. لمحها بجانبه.. وتداعيات السهر واضحة على عينيها قالت له مستفسرة.. حمدا لله على سلامتك.. لم يرد فالجرح لازال ينزف باحثًا عن تبرير.. بغريزة الانثى التقطت الإشارة.. وشرحت له ما حدث.. إنه شقيقها.. حضر من القرية يشرح لها تطورات عائلية ينبغى أن تحكى بصوت خافت بعيدًآ عن الأغراب.. لهجتها الصادقة دخلت إلى القلب.. وطلبت الخروج من سجن الجلطة.. نفذ العقل الأمر.. وعلق الطبيب قائلاً.. إنها أول حالة أصادفها.. فلنطلق عليها جلطة حب.. ونقل القلب الحكاية إلى الأم المريضة فى عنبر النساء.. فانطلقت زغاريد الفرحة.. على أمل أن تتوج بالارتباط.