رغم عدم تفاؤل الكثيرين بنتائج القمم العربية والإسلامية فى عالم اليوم إلا أننى اعتبر قمة الرياض التى عقدت منذ أيام بداية حقيقية لتوحيد صفوف العالمين العربى والإسلامى ضد الهمجية الصهيونية المدعومة من الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الأوروبية.
لا ينبغى أن نستسلم أبدا لما يريد الصهاينة فرضه علينا من يأس وإحباط وتنفيذ المخططات التى تستهدف تفريق العالم الإسلامى وضرب وحدته وإفقاده توازنه واستنزاف ثرواته وبث الفرقة بين أقطاره.
لقد آن الأوان أن ينتفض العالم الإسلامى كله ضد الظلم والقهر والعدوان الهمجى الذى تتعرض له العديد من البلاد العربية والإسلامية على يد أحقر قوة احتلال فى التاريخ بدعم واضح من الولايات المتحدة الأمريكية.
لقد صمتنا كثيرا على جرائم الصهاينة وظلمهم لإخواننا فى فلسطين ولبنان وسوريا واليمن والعراق وإيران.. وأمام هذا الصمت كثرت الشائعات والأقاويل عن دور بعض البلاد العربية ودعمها الخفى لما يرتكبه الصهاينة من جرائم.. وقد جاءت كلمات العديد من القادة العرب والمسلمين للرد على هذه الشائعات ولتؤكد أن أمل توحيد الصف العربى والإسلامى فى مواجهة الصهاينة والأمريكان لا يزال قائما، وأن تصدى العالم الإسلامى لما يقع عليه من ظلم وقهر أصبح مطلبا جماهيريا ضاغطا على أصحاب القرار فى عالمنا الإسلامى.
ورغم أن هذه القمة قد تأخرت كثيرا عن وقتها.. إلا أنها قد جاءت فى وقت مهم للغاية وهو قدوم إدارة جديدة للولايات المتحدة الأمريكية بعد أن تخلص العالم من أبشع إدارة كانت سببا فى نشوب حروب وصراعات ومواجهات دامية فى عدة
أماكن حول العالم وقدمت المال والسلاح للقتلة والمجرمين لحصد المزيد من أرواح الأبرياء.
من المهم فى هذا الوقت بالذات أن تدرك الإدارة الأمريكية أن ما يرتكبه جيش الاحتلال الصهيونى من جرائم يومية ضد الإنسانية يمثل تحديا لمشاعر مليارى مسلم حول العالم فضلا عن مشاعر شعوب العالم الحر التى تألمت كثيرا وبكت دما على ما يحدث لأطفال ونساء وشيوخ غزة من قتل وتجويع وتشريد لم نشهد له مثيلا فى حروب العالم من قبل.
بعيدا عن الصياغة الدبلوماسية الهادئة للبيان الختامى للقمة أشعر بتفاؤل كبير بأن هذه القمة قد تكون بداية جيدة لانتفاضة جديدة ضد الظلم والقهر الذى تتعرض له العديد من دول العالمين العربى والإسلامى، ولتفعيل التضامن العربى الإسلامى فى مواجهة الإجرام الصهيونى وفى مواجهة التحيز وعدم العدالة الأمريكية ويمكن البناء على هذه القمة لعمل تكتلات عربية إسلامية لمواجهة المخططات التى تستهدف تغيير خريطة الشرق الأوسط بما يحقق أطماع الصهاينة المجرمين ومن يسير فى فلكهم من الأمريكان والأوروبيين.
نحن على ثقة كاملة بأن تضامن وتحالف الدول الإسلامية قادر على التصدى لهذا الإجرام الصهيونى، وقادر على التصدى لهذا التحيز الأمريكى الأعمى، وقادر على مواجهة مجرمى الحرب الصهاينة وملاحقتهم حتى اقتصاص العدالة منهم.
فى حالة التضامن وتوحيد الصفوف لا يهمنا موقف الرئيس الأمريكى المنتخب أو غيره من قادة أوروبا.. هؤلاء الذين ساروا فى ركاب الظلم وتركوا جيش الاحتلال يفعل بالأطفال والنساء فى غزة ولبنان ما يشاء.
أكثر ما أعجبنى فى كلمات كبار القادة العرب ردهم المباشر على ما تخطط له الإدارة الأمريكية الجديدة من تحقيق مصالح الكيان المجرم على حساب دول المنطقة، فقد رد الرئيس عبد الفتاح السيسى على ما يتردد عن عودة صفقة القرن مع عودة ترامب وما يترتب عليها من تهجير لأهل غزة واستمرار احتلالها وإقامة مسوطنات بها وكان رده واضحا وحاسما بأن مصر لن تقبل بتنفيذ هذا المخطط وإعادة احتلال غزة وإضاعة القضية الفلسطينية برمتها مهما كان الثمن.
وأعجبنى رفض وإدانة الأمير محمد بن سلمان ولى العهد السعودى للعدوان الصهيونى على إيران وهو رد يدحض الشائعات التى انتشرت بأن ما قام به الصهاينة من تدمير لدفاعات إيران وجزء كبير من قوتها العسكرية يصب فى مصلحة السعودية وبعض دول الخليج.
مؤامرات ومخططات اللعب فى العلاقات السياسية والاقتصادية بين الدول العربية والإسلامية يمثل جانبا مهما من مخططات الصهاينة والقوى الداعمة لهم.. لذلك من المهم الرد على تلك المخططات بشكل مباشر ودحضها وتلاقى قادة الدول الإسلامية وتشاورهم حول المصالح المشتركة لدول العالمين العربى والإسلامى أمر مهم للغاية.
الأمريكان ومعهم الصهاينة في الأرض المحتلة يراهنون دائما علي أن العرب ليسوا أكثر من “ظاهرة صوتية مؤقتة” سرعان ما ينتهي أثرها بعد كل قرار أو اجتماع أو موقف أو عدوان بساعات أو أيام.. وهذا الانطباع يجب أن يتغير وأن يكون رد الفعل على جرائم الصهاينة عنيفا ضد أمريكا ومصالحها فى المنطقة.
لا ينبغى أن يخدعنا مجرم الحرب (النتن ياهو) وتهليله بعودة ترامب ويجب أن تدرك أمريكا من خلال إدارتها الجديدة أن استمرار تقديم السلاح والمال والحماية للعصابة الصهيونية الارهابية فى تل أبيب سيضر كثيرا بمصالحها حول العالم.
ننتظر من الأمريكان أن يتعلموا من دروس الماضي، فقد وقفوا خلف تنظيم داعش الارهابي لتخريب المجتمعات العربية من الداخل لصالح إسرائيل فانقلب التنظيم الارهابي علي أمريكا ونفذت عناصره العديد من العمليات الارهابية داخل أمريكا نفسها في ضربات متلاحقة للأمن الأمريكي الذي يعتقد أنه لا يقهر.
ننتظر من ترامب أن يتعلم من أخطائه السابقة فقد سبق وفتح علي بلاده بقرار نقل السفارة الأمريكية الى القدس نار جهنم.. وعليه أن يحسب جيدا قراراته ومواقفه وأن يعالج الأخطاء الفادحة التى وقعت فيها إدارة بايدن الهزيلة التى سلمت الصهاينة كل شىء واستجابت لكل مطالبهم وتركتهم يرتكبون أبشع جرائم فى تاريخ الحروب.
لم تعد أمريكا محلا للثقة عند العرب لا علي المستوي الرسمي ولا علي المستوي الشعبي وينبغي أن تتواصل الادانات والاحتجاجات السلمية ضد مواقفها الداعمة للكيان الصهيونى حتى تعود الى رشدها وتدرك خطورة تحدى مشاعر مليارى مسلم حول العالم يشكلون ربع سكان الكرة الأرضية.
b_halawany@hotmail.com