هل انتصرت المقاومة انتصارًا كبير كما قال حزب الله على لسان الأمين العام الشيخ نعيم قاسم أم أن إسرائيل المعتدية هي التي انتصرت كما قال نتانياهو معددا مميزات الاتفاق الذي أبرم بين لبنان واسرائيل ؟ فعلى أثر الاتفاق عاد حزب الله الى جنوب نهر الليطاني بأربعين كيلوا وتولى الجيش اللبناني حماية منطقة الجنوب اللبناني التي كان يسيطر عليها حزب الله
فقد ذكر نتانياهو أن الاتفاق يمنح الفرصة لأعادة تنشيط الجيش الاسرائيلي وتوحيد صفوفه كما يمنح الاتفاق إسرائيل التركيز على التهديد الإيراني كما حقق الاتفاق الفصل بين جبهة غزة وجبهة لبنان كما حقق عزل حركة حماس.
أما قاسم نعيم فقد ذكر في خطابة الذي ألقاه مساء الجمعة ٢٩ / ١١ /٢٠٢٤م أن المقاومة أو الحزب انتصر لأنه منع اسرائيل من تدمير حزب الله كما منعها من إنهاء المقاومة أو إضعافها كما اعتبر الصمود إمام طول مدة الحرب انتصارًا أيضًا . لكن المتأمل يستطيع أن يرى صمود حزب الله في المعركة بشكل أوضح وكبير بل يرى إيذاءه لاسرائيل إيذاء غير مسبوق بالنسبة لها لكن الذي حدث في الاتفاق لا يتناسب مع هذا الصمود حتى لايخفى على المتابع ما حققته إسرائيل من أهداف أكبر مما يناسب وضعها في الحرب فقد أعادت حزب الله جنوب نهر الليطاني كما أعلنت في أهدافها من الحرب بل أخرجت حزب الله من المعادلة بعد أن أصبح الجيش اللبناني هو المسئول عن أمن الجنوب ،وكما هو معلوم أن مقاومة اسرائيل ومواجهتها بالجيوش النظامية ليست ناجعة ،لأنها ليست اسرائيل وحدها وإنما هي اسرائيل وامريكا والغرب كله بدليل استمرار اسرائيل في خرق وقف إطلاق النار وسوف تستمر في ذلك ، كما أنها تعلن صباح مساء أنها تراقب التحركات في الجنوب وأنها تهاجم ما تراه تحركًا عسكريًا أي أن إسرائيل نصبت نفسها قاضيا وجلادًا وجعلت نفسها شرطيًا يسيطر على لبنان وليس الجنوب.
وإذا ثبت أن هناك شرطًا في الاتفاق يتعلق بمنع إعادة تسليح حزب الله كما تقول اسرائيل وأنها ستتدخل إذا حدث ذلك فإننا نرى هزيمة كبيرة وواضحة لأن الحقائق على الأرض تؤكد أن حزب الله ومنهجه العسكري هو ما حقق الردع لاسرائيل منذ ٢٠٠٦ م كما أن هذا الشرط يعطي لاسرائيل ذريعة ادعاء أنه يتم خرق الاتفاق وان هناك أسلحة تذهب الى حزب الله فتقوم بالاعتداء على لبنان بل اجتياح الجنوب .كذلك فإننا لا نجد أحدا يخطىء اسرائيل بل إنها لا تعبأ بمن يخطئها .
فإذا وقفنا أمام لجنة المراقبة في الجنواب التي ترأسها أمريكا فإننا نكون أمام إسرائيل مرة أخري فإسرائيل هي أمريكا وامريكا حتى الآن لا تعترف بأن اسرائيل تقوم بقتل المدنيين في غزة أو تقوم بإبادة جماعية هناك فضلا عن أنها شريك أساسي مخابراتيًا وعسكريًا وسياسيًا في عملية الإبادة هذه .إذن فلن نجد هذه اللجنة إلا في صف اسرائيل.
صحيح أن المفاوضات التي تمت لإنجاز الاتفاق كانت غير متكافئة فقد كان الغرب كله في صالح اسرائيل أمام لبنان وحده فضلا عن علامات استفهام كبيرة أمام رضاء إيران عن الاتفاق فيما يبدو أن هناك صفقة غير واضحة مقابل ما حدث اسكتت إيران ودفعت حزب الله الى القبول بصفقة خاسرة في حرب خسر فيها قائدة والصف الأول والثاني من القيادة بما بدأ للمتابع أن الحرب أخذت طريق ألا رجعة بعد هذه الضربات الموجعة التي استعاد الحزب بعدها توازنه بما يعني أنه لن يفرط في الثأر لقادته ولهيبته التي اهتزت وفي الاستمرار لتحقيق ما أعلنه الشيخ حسن نصر الله من أهداف للحرب وان سكان شمال إسرائيل لن يعودوا إليه وهو ما قاله في آخر خطاب إليه.
إخيرا فإن الحزب قام من أجل اسناد غزة في حربها المقدسة والبطولية فكان من الطبيعي ألا يقبل اتفاقًا ليس فيه وقف الحرب في غزة وعدم الاعتداء على بقية الجبهات لتصبح لتضحياته قيمة ويكون قد حقق الهدف الأكبر لكنه لم يفعل وترك غزة واليمن والعراق وسوريا تواجه عدوا مدعوما من كل القوى الكبرى وها هي سوريا تدفع ثمن مؤازرة حزب الله من خلال الهجوم على حلب من قبل فصائل بدت في هجومها وكأنها كانت تنتظر تنفيذ الاتفاق في لبنان لبدء هذا الهجوم.