ثم..
-أتعبتك الطرقات؟!..
=استهلكتني الخطوات..
-يؤذيك الحر؟!..
=يؤلمني ظلي الذي يعاند..
يرتسم وجعا على جدرانهم..
يرحل بي.. إلى حيث أتبعثر..
وكلما خلعته.. ركلني..
في حديقة العمر..
أيام تتطاير، كالفراشات الحمقى..
تحملنا إلى نهايات لم نكن نريدها..
-من أنت؟!..
=يا صديقي.. محض اسم..
لا أعرف، كيف ارتديته..
كأغنية بلا لحن..
وناي يعْمُرُ على حساب القصب..
-من دل الذبول عليك..
=هم..
فعلوا.. ليزهروا..
الفراغ..
تلك الأماكن الخالية..
كنت أذهب إليها لأتنفس..
-كيف صارت بكل هذا الضيق إذن؟!..
=عار على هذا الصدر..
يجمع كل هذا الخراب.. ثم يشتكي..
يا ابن قلبي الضال..
عودتك على الأخذ.. منذ أول طمع..
حتى النفاد..
=ماذا منحتني بعد أن فرغت؟!..
-وماذا ترتقب الأشجار من ريح الخريف..
=آه، لو كانت المواسم تلقي أحمالها في حجري..
كما يقذفني ذلك الحجر..
-ماذا ستفعل..
=سأُطْعِمُكَ قلبي، وأؤجل البكاء.. لفصل خارج التوقيت..
يمتهنني الحزن..
متبرعا، بلا راتب..
-من رشحه لك؟!..
=أحدهم.. شق الضلوع ودسه..
منذ أزلين من خيبة.. لله صنيعه..
-ألم يعلم أنك ستتألم؟!..
=كان يعرف أن الحزن سيكون سعيدا..
وهذا يكفي..
مخاتل جيد..
ذلك الأرق..
ينام قبلي ليرتاح..
ثم يستعير جفوني.. ويشي لليل بكل انكساراتي..
يذكر أسماء العابرين، والهاربين.. والآبقين..
والخارجين على القانون..
ثم يأخذني مكبلا بالحنين..
بلا فائدة أنتحب..
وبلا قلب.. لا يسمع ولا يرى..
زائري الأخير.. كل ليلة
ذلك الغياب..
يأخذ كل شيء..
ويترك لي وجها..
لا أعرف كيف أمحوه من ذاكرتي..
كيف أشطب مواعيده المؤجلة..
وألقي عن قلبي وجع الانتظار..
ذلك الضرام الذي يأكل أعماقي..
تطفئه ضحكة من ماء..
لكنها مالحة جدا..
تترك في عيني كل هذه الدموع..
-تؤلمك ضحكة؟!..
=يقتلني أنها صارت جذعا..
مضطر أن أغمض عليه عيني..
.. وأبتسم..
انتهى..
النص تحت مقصلة النقد..
بقلمي العابث..