.
نشر الأستاذ الدكتور محمد البدرى عضو مجلس الشيوخ منشورا يدافع فيه عن مشروع قانون المسئولية الطبية المعروض، قائلا إن عدم حبس الأطباء فى أخطاء المهنة لا يمكن تضمينه بالقانون لأنه يصطدم بعدم الدستورية والتمييز.
.
يا سيادة النائب:
الفيصل بيننا هى أحكام المحكمة الدستورية العليا بالقضايا أرقام 19 لسنة 8 قضائية دستورية لسنة 1992، وكذلك 5 لسنة 38 قضائية دستورية لسنة 2024.
فقد ذكرت المحكمة أن مبدأ المساواة أمام القانون لا يعنى معاملة فئات المواطنين على ما بينها من تفاوت فى مراكزها القانونية معاملة قانونية متكافئة، ولا كذلك معارضة صور التمييز جميعها، أساس ذلك إن التمييز المنهي عنه هو الذى يكون تحكمياً، باعتبار أن كل تنظيم تشريعي ليس مقصوداً لذاته بل لتحقيق أغراض بعينها تعكس مشروعيتها إطاراً للمصلحة العامة.
.
يا سيادة النائب:
استنادا لأحكام الدستورية العليا فإن صور التمييز التي تعنيها المادة (53) من الدستور تقوم على أساس عدم جواز التمييز بين المواطنين الذين تتساوى مراكزهم القانونية، وحيث أن المراكز القانونية تختلف بين الإصابة والقتل الخطأ نتيجة تدخل طبى كان يسعى بالضرورة لنفع الإنسان، ويبن الإصابة والقتل الخطأ نتيجة أى سبب آخر (مشاجرة – حادث قطار – إنهيار منزل … وخلافه)، بالتالى فإن طرح العقوبات السالبة للحرية فى الأخطاء (غير العمدية) أثناء ممارسة مهنة الطب ليس بها عدم دستورية.
فمن المعلوم أن طبيعة العمل الطبى فى العالم كله تختلف عن أى إجراء آخر من كونها ليست يقينية النتائج نظرا لوجود مضاعفات للمرض، وآثار جانبية للتدخل الطبى ذاته، وكذلك أخطاء طبية غير متعمدة قد تحدث حتى مع أكثر الأطباء مهارة.
وبالتالى فإن المطالبة بمنع الحبس (بنوعيه الاحتياطى والعقابى) فى قضايا أخطاء المهنة ليس مقصودا به تمييزا للأطباء لأنهم بالطبع يحاسبون مثل أى مواطن آخر عند ارتكاب جرائم جنائية أو مخالفة قوانين الدولة، ولكن منع الحبس هنا مطلوب للمصلحة العامة، وذلك لحماية الممارسة الطبية وحماية المريض نفسه الذى سيعانى كثيرا إن لجأ العديد من الأطباء لمنظومة الطب الدفاعى.
.
يا سيادة النائب:
هناك حصانة برلمانية ولم يقل أحد أن بها تمييز لأن الغرض منها حماية الممارسة البرلمانية.
هناك حصانة قضائية ولم يقل أحد أن بها تمييز لأن الغرض منها حماية الممارسة القضائية.
.
يا سيادة النائب:
أريد فى النهاية أن أضع افتراضا جدليا وهو أن منع الحبس فى قضايا أخطاء المهنة منافى للدستور (وهذا غير صحيح استنادا لحكم المحكمة الدستورية)… أما كان من الأفضل أن ترفض هذا القانون، وأن تطالب بتعديل الدستور نفسه حتى يسمح بممارسة طبية آمنة فى صالحى وصالحك كأطباء وقبل ذلك فى صالح أهلى وأهلك كمرضى لا يقدرون على تكاليف العلاج بالخارج وسيتضررون حال لجوء العديد من الأطباء للطب الدفاعى الذى لا نتمنى حدوثه؟؟