سبق وان كتبت مقالا في هذا المكان بعنوان (خفض الحصة وغلق المخبز عقاب للمواطن وليس للمخالف) سردت فيه المعاناة التي سوف تواجه المواطنين من القرار الذي أصدره الدكتور شريف فاروق وزير التموين والتجارة الداخلية رقم 175 لسنة 2024 يتضمن ضوابط جديدة؛ بهدف تنظيم وضبط عمل المخابز البلدية المدعمة، بما يتوافق مع منظومة الخبز المدعم، ويعزز الرقابة على جودة الإنتاج، ويشمل فرض عقوبات على المخالفين، التي تتضمن غلق المخابز المخالفة من شهر إلى ستة أشهر، حسب حجم المخالفة، وأوضحت أن قرارات الغلق سوف تؤدي إلى حرمان المواطنين المحيطين بهذه المخابز من الخبز المدعم، وهو عقاب للمواطن قبل أن يكون للمخالف؛ لأن كل مخبز مدعم يغطي منطقة بها سكان من 7 آلاف إلى عشرة آلاف مواطن، فكيف يكون الأمر عندما يخالف أكثر من مخبز مدعم؟! فهذا سوف يجعل المواطنين يعانون في البحث عن مخابز مدعمة في مناطق أخرى، وإنفاق أموال في المواصلات، ومنهم كبار السن أو يضطرون إلى شراء احتياجاتهم من الخبز الحر بأسعار سياحية، وغالبيتهم من الأسر متوسطة ومحدودة الدخل، ناهيك عن أن عقوبة الغلق سوف تؤدي إلى زيادة نسبة البطالة؛ من جراء انضمام العمالة في هذه المخابز إلى طابور البطالة.
وناشدت الدكتور شريف فاروق، وزير التموين والتجارة الداخلية، أن تتم مراجعة هذه العقوبات، واستبدالها بزيادة قيمة الغرامات المالية ومضاعفتها، وبذلك لا يتم حرمان المواطنين من الخبز المدعم، وعدم زيادة نسب البطالة، وتستفيد الخزينة العامة للدولة من الحصيلة المالية من هذه الغرامات.
وقد حدث أن كان وزير التموين عند مستوى المسئولية، وأصدر قرارًا، خلال اليومين الماضيين، يقضي بعدم غلق المخابز نهائيًا، واستبدال الغلق بالغرامة، وهذا إن دل على شيء فإنه يدل على قمة الشجاعة وقمة الثقة بالنفس، هذا الوزير المسئول، وهو الإجراء الجريء الذي يجب أن يتخذه كل مسئول بأن يبدل أو يعدل في أحد قراراته التي اتخذها؛ وذلك لتحقيق أكبر قدر للمصلحة العامة ومصلحة المواطنين.
وللاسف، هناك من يعتقدون أن التراجع عن قرار اتخذوه يضر بصورتهم، لكن الحقيقة عكس ذلك تمامًا، بل ينالون الاحترام والتقدير، طالما أن هذا القرار قد يؤدي إلى حدوث ضرر ما، أو يأتي بنتائج عكسية، ويكون ضرره أكثر من نفعه؛ ولذا لابد من توجيه التحية والتقدير لوزير التموين على الاستجابة وإصدار قراره الحكيم باستبدال الغرامات المالية محل عقوبة غلق المخابز المخالفة مراعاة للصالح العام.