في تقويم الزمان الهجري، يقف شهر رجب كأحد ألوان السماء التي لا تنطفئ.
هو شهر يتنفس فيه الزمان عطرا مختلفا، ويشتعل فيه القلب بالأمل والتطلع.
شهر رجب ـ ذلك الشهر الذي يحمل في طياته أزمنة من التأمل والروحانية، يليق به أن يتسلل داخلنا بلمسة فنية من نور وحكمة.
شهر رجب ـ الذي يعد من الأشهر الحرم في التقويم الهجري ـ جاء اسمه من “رجب” بمعنى “التعظيم” أو “الترفع”.
كان العرب يوقفون القتال فيه ويحرصون على الطهارة والتطهر من شؤون الحياة.
إذن كيف لا يكون هذا الشهر حاملاً للطهر والتعظيم، ويعكس تجانس الزمان مع السماء؟ وما زالت معانيه تنبض بالسلام والسكينة.
شهر رجب
ومعجزة الإسراء والمعراج
شهر رجب ـ بما يحمله من معاني إيمانية وروحانية، هو الشهر الذي شهد أروع المعجزات في تاريخ الأمة الإسلامية:
معجزة الإسراء والمعراج. في ليلة السابع والعشرين من رجب، ارتقى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السماوات العلي في رحلة من الطهارة والعظمة.
كانت هذه الرحلة أكثر من مجرد معجزة جسدية، بل كانت حدثا روحانيا أضاء الطريق للأمة الإسلامية، وأعادت للأمة أبعادا جديدة من الإيمان والتطلع إلى الأفق الأعلى.
التوازن الروحي والنفسي
في شهر رجب
في رجب ـ يتحقق التوازن بين النفس والكون، بين القلب والعقل.
هو شهر يعيد للروح نقاءها ويأخذ الإنسان إلى أبعاد من الجمال لا تتوفر إلا في أوقات قليلة من الزمن.
إنه يمثل فرصة للتطهير، وللتأمل في المعاني التي قد تكون غائبة عن العين.
ففيه تنسجم الحواس مع لحظات الوصل الروحي، ويجد الإنسان نفسه في حالة من السكون الداخلي، مما يعزز إيمانه ويرتقي بجوهره.
شهر رجب
الطريق إلى رمضان
شهر رجب ـ يعد من المواسم التي تسبق شهر رمضان، ويعتبر بمثابة الاستعداد الروحي والنفسي لهذه العبادة العظيمة.
إنه ليس مجرد مدخل للآخرة فحسب، بل هو أيضا طريق للروح، حيث تتوازن فيه المشاعر وتزداد فيه الروحانية.
في هذا الشهر، تكون اللحظات أكثر تأثيرا، والمشاعر أكثر عمقا، وتكون المعاني أقوى وأشمل، ما يتيح فرصة لتطهير القلوب وتزكية النفس استعدادا للغوص في أجواء رمضان المبارك.
تسمية الأشهر الهجرية
روح وتاريخ
تسمية الأشهر الهجرية، بما في ذلك شهر رجب، تعكس الروح والتاريخ الذي يميز كل شهر.
في البداية، كانت الأشهر تسمى بناء على مواقف طبيعية أو اجتماعية في حياة العرب أو بسبب أحداث معينة كانت تحدث في كل شهر:
شهر محرم: سمي بذلك لأنه كان شهراً حراما يمنع فيه القتال.
شهر صفر: سمي بذلك لأن العرب كانوا يغادرون ديارهم بحثا عن الماء والطعام.
شهر ربيع الأول: سمي بذلك لأنه كان يقع في فصل الربيع.
شهر ربيع الثاني: أتى بعد ربيع الأول، ويستمر فيه فصل الربيع.
شهر جمادى الأول: سمي بذلك لأن المياه كانت تتجمد فيه.
شهر جمادى الثانية: مشابه لشهر جمادى الأولى في البرودة.
شهر شعبان: سمي بذلك لأن العرب كانوا يتشعبون بحثا عن الطعام والماء.
شهر رمضان: سمي بسبب شدة الحر في هذا الشهر.
شهر شوال: سمي لأن الإبل كانت تشول أي تبتعد عن الحلب.
شهر ذو القعدة: سمي لأن العرب كانوا يقعدون فيه عن السفر والقتال.
شهر ذو الحجة: سمي لأن فيه موسم الحج.
وفي النهاية ـ شهر رجب ـ تتسارع الذكريات وتحتفل النفس بحالة من الزمان، وكأن هذا الشهر يحمل وعدا بالخلاص والتجدد.
إنه شهر الانفتاح على الأمل، وقوة الإرادة، والشجاعة في اتخاذ خطوات نحو الأمام.
يزرع في القلب السلام ويجعل أفق النفس أوسع، حيث يلتقي الحلم بالأمل وتتلاقى الطموحات مع القوة.
@إشارة