إذا تحدثنا عن أهمية الرضاعة الطبيعية فيكفينا أن القرآن الكريم ذكر الرضاعة في أكثر من موضع، ذكرها في قصة سيدنا موسى (عليه السلام) ، في هذا الموقف العصيب المزلزل، فقال تعالى :(وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه) القصص : ٧ ، وذكر القرآن الكريم مدة الرضاعة في قوله تعالى :(والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة) البقرة :٢٣٣ ، وفي حالات الخلاف بين الزوجين، وحدوث الطلاق، ذكر القرآن الكريم الرضاعة، حتى لا يضيع الطفل الرضيع بين صراعات الزوجين، فقال تعالى : (فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن وأتمروا بينكم بمعروف وإن تعاسرتم فسترضع له أخرى) الطلاق : ٦
*
وإذا تأملنا وجدنا لبن الأم من حيث التكوين مناسبا لتغذية المولود، فهو يحتوي على العناصر الغذائية المطلوبة، وهو ملائم تماما للجهاز الهضمي للطفل الرضيع، ولا يوجد بديل للبن الأم، وكل المحاولات لإيجاد بديل للبن الأم باءت بالفشل.
لبن الأم محفوظ في درجة حرارة ملائمة، ومعقم طبيعيا، وغير معرض للفساد، ومتاح في كل وقت، ويتم ضبطه بطريقة آلية لما يحتاجه الرضيع، ويحتوي على أجسام مضادة غالبا من نوع IgA ويحتوي على خلايا مناعة مثل الملتهمات الكبيرة Macrophages والخلايا اللمفاوية Lymphocytes والأجسام المتممة Complement، وهذه كلها بمثابة جيش لحراسة الرضيع من الميكروبات.
ويحتوي لبن الأم على عامل نمو لنوع من البكتيريا المعوية يطلق عليه لاكتوباسيلس بيفيدس Lactobacillus bifidus، وجود هذه البكتيريا يقلل من تكاثر البكتيريا التي تضر مثل إيشيرشيا كولاي E. coli
كما يحتوي لبن الأم على عوامل نمو خاصة بالجهاز الهضمي والجهاز العصبي المركزي والجلد بالنسبة للمولود، ويحمي لبن الأم المولود من النزلات المعوية والكساح والكواشوركور وحساسية الجلد والتكزز والجفاف وسوء الامتصاص.
ولبن الأم هدية ربانية لكل أطفال العالم بغض النظر عن الدين أو العرق أو القومية أو لون البشرة أو الغنى والفقر ، إنه الرحمة الإلهية، ولبن الأم لا يحتاج إلى إعداد، يكفي تنظيف حلمة الثدي قبل الرضاعة بالماء، والتنظيف بالماء أفضل من التنظيف بالصابون أو المطهرات.
وللرضاعة الطبيعية مزايا نفسية للأم وللطفل الرضيع، فتلامس جلد الأم مع جلد الطفل الرضيع، والتواصل بين عين الأم وعين الرضيع أثناء الرضاعة، يخلق هذا الرباط القوي بين الأم وطفلها، وهو الرباط الضروري للتطور الانفعالي عند الطفل، كما أن الرضاعة تشبع الجانب العاطفي عند الأم.
و الرضاعة الطبيعية تساعد في عودة رحم الأم إلى حجمه الطبيعي الذي كان عليه قبل الحمل، حيث أن الرضاعة تؤدي إلى إفراز هرمون أوكسيتوسين Oxytocin الذي يؤدي إلى انقباض الرحم إنقباضا قويا. والرضاعة الطبيعية وسيلة طبيعية لمنع الحمل ، حيث أنها تكبح عملية التبويض، ونصف النساء المرضعات لا تحدث لديهن عملية التبويض حتى يتم فطام الرضيع، وذلك بسبب إرتفاع نسبة هرمون البرولاكتين Prolactin الذي يكبح إفراز الهرمونات المنشطة للمناسل من الغدة النخامية.