بعد نحو 30 شهرا من الفراغ الدستوري والخواء السياسي وقعت خلالها أحداث جسام وتعرض الناس لأخطار تشتعل نيرانها فترة ثم تنطفئ فترة أخرى..!
من هنا.. يتضح أن اللبنانيين قد عزموا هذه الأيام على الخروج من دائرة الشيء ونقيضه والقيل والقال واندلاع المعارك العنيفة الظاهرة للعيان أحيانا والخامدة تحت الرماد أحيانا أخرى.
***
مع ذلك فشلت الأغلبية في انتخاب رئيس الجمهورية القادم خلال الجولة الأولى من الاجتماعات التي عقدها مجلس النواب حيث حصل المرشح الأساسي جوزيف عون القائد العام للجيش على 71 صوتا من مجموع 128 وهم كل أعضاء مجلس النواب بينما يتطلب فوزه بمقعد رئيس الجمهورية 86 صوتا مما تتطلب عقد جولة ثانية للإدلاء بالأصوات وهنا فاز قائد الجيش بالضربة القاضية وأصبح رئيسا للبنان في أصعب وأحرج حقبة زمنية يمر بها هذا البلد العربي الذي يعيش جميع أبنائه تحت خط الفقر ومع ذلك تجدهم يرتادون الكافيتريات وصالات الرقص وكأنهم يحاولون تعويض المآسي والكوارث بترديد المواويل حيث يمضون طوال الليالي وهم يرفعون أصواتهم عشرات المرات قائلين: يا ليل يا عين..!
***
المهم.. لقد حدثت المعجزة خلال الجولة الثانية للتصويت وحصل قائد الجيش على النسبة المطلوبة بعد أن ضم إلى صفه كلا من حزب الله والشيعة الممثلة في حركة أمل وأعوان نبيه بري رئيس مجلس النواب على مدى 33 عاما دون أن يفكر أحد يوما في تغييره أو استبداله بشخص آخر حتى لو احتفظ بصفته الشيعية الدينية والسياسية معا..
***
وهكذا تؤكد التجارب الإنسانية المتعاقبة والمتنوعة أن الشعوب تفضل الرئيس القادم من صفوف القوات المسلحة حيث يتمتع بالحسم والقدرة على مواجهة التحديات دون خوف أو وجل مما يسهل مهمته وبالنسبة للبنان بالذات فإن التيار الساري حاليا هو ضم حزب الله إلى العملية السياسية وانصرافه من المجال العسكري خصوصا بعد ما تعرض له حزب الله وغيره من ضربات قاصمة من جانب إسرائيل على مدى أكثر من 6 أشهر على الأقل..
***
في النهاية تبقى كلمة:
ألف مبروك لشعب لبنان الشقيق على هذا الإنجاز التاريخي ولعلها مناسبة لنقول لكل فرد من أبناء هذا الشعب: لا تفرطوا أبدا في تماسككم وتوحدكم ونظرتكم الواحدة تجاه قضايا الحاضر والمستقبل..
ودعونا نتفاءل بإحياء دولة عربية في عداد المغيبين ونقف معها كعرب عسى أن تعوض من سقطوا مؤخرا في إطار التوتر والفوضى والاحتقان المادي والمعنوي.
***
و..و..شكرا