عندما تذكر القدس، تخفق القلوب وتدمع الأعين، فهي ليست مجرد مدينة على خريطة الأرض، بل هي رمز للإيمان، وصرخة للحق، وشاهد حي على تاريخ الإنسانية وصراعها بين الخير والشر.
القدس ليست حجارة صامتة، بل نداء السماء للأرض، ونبض الأنبياء الذي لا يزال حيا في قلوب المؤمنين.
القدس: عبق التاريخ وقدسية المكان
في كل زاوية من القدس، ترى قصة تروى، وحكاية تنبض بالحياة، تلك المدينة التي تحمل على أكتافها آلاف السنين من الحضارة، كانت ولا تزال ملتقى السماء بالأرض.
هي أرض باركها الله في كتبه السماوية، وكرمها بأن جعلها موطنا للأنبياء ومسرحا لمعجزاتهم.
في الإسلام
ارتفعت قدسيتها عندما اختارها الله لتكون محطة معجزة الإسراء والمعراج.
ففي ليلة مباركة، أسرى الله بنبيه محمد صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، الذي وصفه القرآن بأنه “الذي باركنا حوله”.
هناك، اجتمع النبي صلى الله عليه وسلم بالأنبياء جميعا، في رسالة خالدة بأن هذه الأرض هي موطن الإيمان ووحدة الرسالات.
وفي المسيحية
القدس هي مكان آلام السيد المسيح وقيامته، وهي الأرض التي شهدت أهم المعاني الروحية والتضحيات، وتضم كنيسة القيامة، التي يزورها ملايين الحجاج سنويا ليعيشوا تجربة الإيمان والرجاء.
أما في اليهودية
فتعتبر القدس مكان هيكل سليمان، الذي يعتقدون أنه كان مركز العبادة في عهدهم، ما يجعل المدينة محط أطماعهم حتى اليوم.
القدس: مدينة الصمود والتعايش
القدس ليست مجرد مدينة مقدسة، بل هي ملحمة صمود خالدة عبر التاريخ، تعرضت للاحتلال والغزو مرارا، لكنها كانت دوما تنهض من رماد الألم كالشمس التي تشرق من بين الغيوم، لتبقى شامخة، رمزا للكرامة وعنوانا للإرادة التي لا تنكسر.
فتحت أبوابها لكل من جاءها بالسلام، وكانت دائمًا رمزا للتعايش بين المسلمين والمسيحيين واليهود.
حين دخلها الخليفة عمر بن الخطاب، أرسى مبدأ العدالة والتسامح، وعندما حررها صلاح الدين الأيوبي، أعاد للمدينة روحها، وفتح أبوابها للجميع دون استثناء.
معالم القدس: شواهد على القداسة
ـ المسجد الأقصى وقبة الصخرة
هما تاج القدس ورمزها الخالد، يقفان شامخين متحديين الاحتلال، يرويان قصة الإيمان والصبر.
ـ كنيسة القيامة
قلب المسيحية النابض، حيث تشعر بالسلام الروحي وأنت تتجول بين أروقتها.
ـ حائط البراق
الذي يرتبط بمعجزة الإسراء والمعراج، ويقف شاهدا على وحدة الرسالات السماوية.
ـ أزقة البلدة القديمة
حيث التاريخ ينبض في كل حجر، وحيث تختلط روائح التوابل بصوت الأذان وأجراس الكنائس.
القدس: قضية كل قلب حي
القدس ليست مجرد مدينة تسلب أو تستعاد، بل هي أمانة في أعناق كل مسلم ومسيحي وكل إنسان يؤمن بالعدل والسلام.
إنها قضية الحق في مواجهة الباطل، وصوت الأجيال التي تدافع عن أرضها وهويتها، القدس ليست مجرد أرض، بل هي رسالة. رسالة الله إلى عباده أن يتحدوا تحت راية الإيمان، وأن يجعلوا منها رمزا للسلام والوئام.
فلنحمل جميعا هذه الرسالة، ولنحافظ على هذه المدينة التي تروي للعالم أن العدل، مهما طال غيابه، سيعود ليشرق بنوره في أرجائها.
القدس ستبقى، وستظل رمزا لا يموت، لأن في قلوبنا حياة لا تنطفئ.
@إشارة