يتحدثون عن الحاسدين المتربصين بالأحباب ويصفونهم بالعزال (أي الذين يجدون سعادتهم في إفشال قصص الحب والمودة للآخرين) قد لجأ أحد المصريين مجهولي الاسم إلى استثمار هذه الكلمة،حاذفا الشدة من فوق حرف الزاي لنحصل على كلمة العزال بمعنى رحيل الأسرة من بيت إلى بيت..
الحب موصول للغتنا الجميلة «العربية لغة الضاد» فيما تحمله من قامات وقدرات غير محدودة لاشتقاق الكلمة واعتمادها داخل القاموس أو حياتنا اليومية يتحرى علماء اللغة بين حروف محدودة وعلامات ترقيم ليخرجوا إلى النور ملايين الكلمات ومنها الجمل والفقرات وصولا للمجلدات وقد برع الأجداد فى هذا المضمار بما دعم مكانة لغة الضاد وجعلها تعيش وتتألق ضمن اللغات الحية منذ آلاف السنين وإلى ما شاء الله سبحانه وتعالى الذى كرم اللغة العربية بأن جعلها لغة القرآن الكريم كتاب الهدى والخير والحكمة والبركات.
مثال واحد يتعلق بمقال اليوم.. مجرد نقطة انتقلت وحذفت فى حرف «الغين» من كلمة الغزال لتأخذ مدلولا آخر لسلوك شعبى عريق يقاوم التطور والأيام واعنى به «العزال» الذى يدل على أثاث المنزل منذ الاحتفاء بمقدمة وموكب الزفاف الذى يقطع شوارع الحى أو طرقات القرية التى تسكنها العروس.. محمولا على سيارة نقل أو عربة كارو.. مصحوبا بالفتيات والشباب.. ينخرطون فى الغناء والتصفيق والتنبيه بمكانة الزيجة المناسبة لهذا الموقف.
ووفقا للحالة المادية لأهل العروسين.. تأتى الإضافات سواء فرقة حسب الله الشعبية بآلاتها النحاسية وملابسها المميزة أو إحدى الفرق المتخصصة فى الأفراح والليالى الملاح يسعى الجميع إلى «زفة» متميزة يتحدث عنها الجميع لما بعد الزفاف وقد تدخل حيز التراث الشعبى وحكايات الجدات.
مواكب العزال لا يقصد بها تلك الشاحنات الضخمة القادمة من مناطق تصنيع الأثاث إلى المعارض وسكن أصحابها الحريصين على تجديد «العفش» القديم فى مواسم الأعياد وهم لا يزالون موجودين على مستوى الوطن العربى ولكن مع تراجع فى انتشار الظاهرة ويتعاملون بالمقابل مع ورش الإصلاح للتنجيد والتجديد.. ولكن يضاف إليها ما تشهده الأسرة عند الانتقال إلى مسكن جديد.. ساعتها يتفق الأب مع أصحاب وسائل نقل متخصصة لاتمام العمل من الباب للباب.. ويشمل ذلك تفكيك الأثاث ونقله بعناية على السيارات للحفاظ عليه ثم ترتيبه فى المسكن الجديد.. وعرفنا من العمال ما يصعدون بهذا الأثاث إلى الدور الموجود به المسكن.. ومع انتشار الأبراج ظهرت شركات متخصصة يعمل لديها سيارات بها رافعات لإدخال الأثاث من النوافذ والشرفات.. وفى كل الأحوال يعتبر الكثيرون يوم «العزال» من الأيام العصيبة على الطرفين.. ولا ننسى ان الترتيب النهائى للأثاث فى الغرف والصالة يأخذ من سيدة المنزل الكثير من الجهد والعناء والوقت الطويل.
ومن هنا تسعد العائلات بفترات استقرار الأثاث لتتفرغ للمتطلبات الأخرى وهى كثيرة.. وتتذكر فى جلسات المساء.. تداعيات تأثير العزال «بالشدة على الزاى» أثناء مراحل العمل.. رغم ادراكها من البداية كما يمكن أن يحدث فى أمور غير طبيعية بسبب الحسد المنسوب للعزال وهى عملية معقدة.. لأن مواكبة الاحتفال بالأثاث جديدا أو راحلا إلى عنوان جديد لتنافسية الكيد «الذى يقترن مجتمعيا بالنساء» والعكس ذلك كما فى الأغنيات المصاحبة لهذه المواكب.. وتؤكد فيها الفتيات «كايدة العزال أنا من يومى.. كايدة العزال» ويبقى أن نرصد مساحة الختام.. ونعنى بها انتظار العروسين وكذلك الأسر التى انتقلت إلى مسكن جديد.. انتظار الجميع لرؤية الزوار مما تم على الطبيعة.. حتى يرتاح أصحاب الفرح يتأكدوا من ان كيد العزال.. مضى على خير.. وربما يبحثون عن مناسبات ووقائع أخرى.. قد يحدث فيها الكيد فى مناسبة أخرى.. لأن العزال لا يدخلون القناعة التى هى منتهى الراحة.