بطموحات جامحة لا حدود لها عاد ترامب إلي البيت الأبيض حاملا خارطة طريق وأجندة عمل تحوي العديد من الطموحات والتطلعات والأطروحات ،منها ما هو واقعي ،وكثير منها لا تجده إلا في عالم الأوهام والخيال اللامحدود !.
جاء ترامب بوجه جديد ومغاير ،وفي جعبته الكثير والكثير من الرؤي والقناعات ،والتي سيتحول بعضها لا محالة ،ومع مرور الوقت لسياسات وإجراءات ستأخذ طريقها للتنفيذ علي أرض الواقع.
البعض يري أن “ترامب” قد وصل لمرحلة النضج السياسي ومن ثم فلديه رغبة جامحة وشغف وطموحات لا حدود لها لترك بصمة في سجل العظماء ،رغم إختلاف الكثيرين معه والتشكيك المستمر في قدرته علي قيادة سفينة العالم الحائرة المتخمة بملفات وقضايا شائكة ومعقدة ومتداخلة.
“ترامب” أعلنها صريحة بأن الولايات المتحدة بدأت عصرا ذهبيا مغايرا مع بداية توليه فترة رئاسته الثانية ،وبدا وكأنه يقلب الطاولة على الجميع،وارتدي ثياب الفارس المغوار بطل المرحلة القادمة بلا منازع..والأيام فقط هي الكفيلة علي الحكم عليه وتقييم أفعاله، ومدي نجاحه في تحقيق طموحاته اللامحدودة وتجاوز كافة العوائق والعثرات !.
ويبدو أن شهيته قد فتحت مبكرا بعد نجاح تهديداته ووعيده بالجحيم وتم إتمام صفقة وقف إطلاق النار في غزة وإطلاق سراح الرهائن وتبادل الأسري.
ومع توجس الكثيرين من مستقبل العالم ومما هو قادم في ظل القيادة “الترامبية” ،إلا أن البعض يري أن طبيعة إدارة شؤون أمريكا ورئاسة مجلس إدارة العالم تتطلب قدرا كبيرا
من الجرأة وشجاعة اتخاذ القرارات وقدرات ومهارات خاصة للحسم واتخاذ خطوات فاعلة دون إبطاء وهو ما كان يفتقده الرئيس السابق “بايدن”..
بينما أصحاب الضمائر الحية والقلوب البيضاء أنها تتطلب قدرا من الدبلوماسية و”الدينامية” والمواءمة والتوازن وكثيرا من العدالة والحيادية والذكاء عند معالجة القضايا الأممية ذات الأبعاد الإنسانية والاقتصادية.
ومنذ الساعات الأولي لتوليه سدة الحكم ، بدا ترامب وكأنه يشعل فتيل الحروب والنزاعات والأزمات في جبهات عديدة، فقد أظهر “ترامب” العين الحمراء لدول الجوار كندا والمكسيك متهما إياهم بأنهم السبب الأساسي في تفاقم مشكلة اللاجئين والهجرة غير الشرعية عبر الحدود..
وهدد بفرض ضرائب ورسوم علي واردات وسلع جيرانه قد تصل إلى 25% ، كما هدد بإعلان الحرب علي كندا،وضمها للأراضي الأمريكية في تلويح لبلطحة سياسية غير مسبوقة!.
كما أعلن عن رغبته في تغيير اسم “خليج المكسيك” إلي “الخليج الأمريكي” وأعلن رغبته في استعادة السيطرة بالقوة علي قناة “بنما”
ولم يسلم من تهديده حلفاء أمريكا في الاتحاد الأوروبي ، ملوحا أن الولايات المتحدة لن تخوض حروبا بالوكالة، إلا لو كانت مدفوعة مقدما..
وطالب حلفاء واشنطن في حلف “الناتو” بزيادة الإتاوة إلي 5% من ناتجهم القومي سنويا.
كما أعلن أن الولايات المتحدة بصدد الاستيلاء جزيرة “جرينلاند” التابعة لولاية مملكة الدنمارك،والاستفادة من ثرواتها في الطاقة والغاز والبترول بحجة أن أمريكا أحق بها، فأهلها وفقا لرؤيته ليسوا بحاجة إليها وأهملوا استثمار ما بها من ثروات ومقدرات، وعلي الفور أعلنت رئيسة وزراء الدنمارك “ميته فريدريكسن” رفضها لهذا الصلف الأمريكي وأعلنت بدء تحريك قوات عسكرية للدفاع عن أراضيها !.
كما هدد دول مجموعة “بريكس” الرافضة لهيمنة “الدولار”، بفرض عقوبات قد تصل إلى 100% كضريبة ورسوم علي سلعها، كما يبدو في الأفق أنه يعد العدة بسيناريوهات متعددة لمحاصرة طموحات المعسكر الشرقي، ووأد فكرة تدشين نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب !.
ومن بين أطروحات “ترامب “غير المنطقية أنه فاجأ العالم بمقترحه حول خطة ترحيل الفلسطينيين لمصر والأردن ،دون دراسة واعية لمغبة دلالات وتداعيات هذا الطرح علي كافة المستويات. الإقليمية والدولية.
وحتي إشعار آخر تبقي مقترحاته حول هذا الشأن انتهاكا صريحا للقانون الإنساني والدولي والذي يحظر بشكل قاطع النقل القسري الجماعي أو الفردي للأشخاص المحميين من الأراضي المحتلة ،وفقا لاتفاقية جنيف الرابعة في مادتها (49)، كما يصنف نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية في مادته (8) التهجير القسري كجريمة حرب تستوجب المحاكمة.
كما أنه تحريض صريح للكيان الصهيوني ودعم له علي ارتكاب جرائم حرب جديدة تجاه أبناء الصمود من أهل فلسطين ،والسعي لإشعال الفتنة في المنطقة وتعريض مصالح الولايات المتحدة نفسها للخطر.
كما يتناقض مع وعوده بإحلال السلام ومقتضيات الواقع والحكمة، وسعي خبيث لتنفيذ مخطط “صفقة القرن” ، والتي تقضي بترحيل الفلسطينيين ووأد وتصفية قضيتهم للأبد..
ولذا جاء الرد المصري الرافض علي كافة المستويات الرسمية والشعبية قويا ومزلزلا علي لسان القيادة السياسية بأن التهجير خط أحمر ،ولا تهاون في هذا الملف بأي حال من الأحوال.
ومابين الممكن والمستحيل، وللوهلة الأولي في اعتقادي أن العالم لم يعد كما كان تتصور امريكا “ألعوبة” كعرائس “الماريونت”،
تحركها كيفما تشاء ،
وحتما ستوجه هذه الشطحات عوائق جمة وموجات رافضة في مختلف ربوع العالم بأيديولوجياته ومصالحه المتابينة ،فالكثير من الدول شرقا وغربا لن تقف مكتوفة الأيدي ،وبإمكانهم أن يقولوا ” لا” وإعلان رفض هذه الهيمنة المطلقة ،فوفقا لآليات وأدبيات الصراع الوجودي وتحديد المصير..أكون أو لا أكون!.
….
{وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} صدق الله العظيم.”يوسف21″.