أحدث ماتم إضافته إلى ريبوتوار دار الأوبرا المصرية
قدمت دار الأوبرا الإنتاج الجديد لفرقة أوبرا القاهرة والذى يأتي ضمن مسارات إثراء ريبورتوارها الفنى حيث عرض على المسرح الكبير أوبرتان من ثلاثية آل تريتيكو للمؤلف الموسيقى العالمى بوتشينى هما الأخت انجيليكا وجانى سكيكى وصاحبهما أوركسترا أوبرا القاهرة بقيادة المايسترو أحمد فرج بمشاركة كورال أوبرا القاهرة ومن إخراج مهدى السيد .
يعتبر الملحن الإيطالي جياكومو بوتشيني (1858-1924) الخليفة الطبيعي لجوزيبي فيردي ويعتبر أعظم مؤلف موسيقي للأوبرا الإيطالية في عصره، اشتهر بأوبراته الاثنتي عشرة ، وسرعان ما انحرف أسلوبه عن الأسلوب الإيطالي الرومانسي السائد وبرز باعتباره الممثل الأكثر أهمية لـ verismo ، وهو نهج واقعي جذري .
مؤلفاته الأوبرالية الاثني عشر ( 12)هي: البوهيمي ،توسكا،مدام بترفلاي ،جنون الغرب،لاروندين ،آل تريتكو (العباءة ،الأخت انجيليكا، جاني سكيكي)، تورنداوت ( غير مكتملة أكملها بعد وفاته فرانكو ألفانو).
اسم أنجليكا مشتُق من الكلمة اللاتينية angelicus، والتي تعني رسول الله( الملاك)، وهو رمز للاتصال السماويً في النصوص والمعتقدات الدينية بما فيها التقاليد المسيحية، يُنظر إلى الملائكة على أنهم وسطاء بين الله والبشرية، يحملون رسائل التوجيه والحماية والوحي.
سور أنجيليكا” أو الأخت انجيليكا هي الأوبرا الثالثة في الثلاثية المؤلفة من ثلاث أوبرات) آل تريتكو ( من فصل واحد، استغرق الأمر عدة سنوات لإكمال هذا المشروع، الذي جمع بين ثلاثة موضوعات توضح ثلاثة سجلات متكاملة: المأساوي والغنائي والكوميدي، في ثلاثة عصور مختلفة وثلاثة أماكن مختلفة.
بدأ بوتشيني بدراما واقعية قاتمة( العباءة)Il Tabarro واستمر بقصة عاطفية،ثم ساد الطبع الديني الوقور أوبرا Suor Angelica الأخت أنجيليكا ، وانتهى بجاني سكيكي، على غرار “كوميديا ديلارتي” ، ولقد أضاف بعدًا اجتماعيًا إلى هذا المفهوم الثلاثي من خلال تصوير ثلاث بيئات متناقضة: البروليتاريا الباريسية في عام 1900، والأرستقراطية في القرن السابع عشر، وعالم ملاك الأراضي الصغار في فلورنسا في عام 1299.
اعتبر بوتشيني أن أوبرا الأخت أنجيليكا Suor Angelica هي الأكثر نجاحًا من بين الأوبرات الثلاث في الثلاثية، لكن الجمهور استقبلها ببرود على الرغم من هذه القصة المؤثرة التي تعاملت معها الموسيقي بفعالية درامية كبيرة. وكان بوتشيني كما أوضح في رسالة إلى أحد مؤلفي كلمات نصوص الأوبرا ( الليبراتو) “لقد أخبرتك أنني كنت أرغب دائمًا في جعل الناس يبكون: هذا كل شيء، لكن هل تعتقد أن الأمر سهل؟ علينا أن نجد قصة تجذبنا بشعرها وحبها ومعاناتها، وتلهمنا إلى الحد الذي يمكننا من خلاله أن نستخرج منها أوبرا”، هكذا يشرح بوتشيني أهمية اختيار موضوع جيد في رسالة إلى أحد مؤلفي كلمات الأوبرا، إليكا، لذلك عندما جاء جيوفاتشينو فورزانو واقترح عليه موضوع الأخت أنجيليكا، اقتنع على الفور،ويعني اسم أنجليكا المشتُق من الكلمة اللاتينية angelicus رسول الله( الملاك)، وهو رمز للاتصال السماويً في النصوص والمعتقدات الدينية بما فيها التقاليد المسيحية، يُنظر إلى الملائكة على أنهم وسطاء بين الله والبشرية، يحملون رسائل التوجيه والحماية والوحي، يضفي صوت أنجليكا الناعم واللحني عليها جودة ملائكية، مما يستحضر شعورًا بالنعمة والسكينة، وبما أن أخته أصبحت راهبة، فقد استطاع أن يستلهم مباشرة من أجواء الدير حيث كان يزورها بانتظام، تروي الأخت أنجيليكا الظروف الدرامية لامرأة شابة من عائلة ارستقراطية أُجبرت على الرهبنة بسبب علاقة غير شرعية، تاركة طفلها قسرا وقهرا وعقابا لتلتحق بالدير الذي مكثت فيه سبع سنوات لا يسأل عنها أحد ، حتى تحضر عمتها الارستقراطية القاسية للدير لتخبرها أن أختها الصغرى على وشك الزواج من رجل سامح الأسرة على الرغم من الفضيحة والعار التي سببتها لهم، وعلى أنجيليكا أن توقع على وثيقة تتعلق بتقسيم الميراث العائلي، توافق أنجيليكا على مضض مؤكدة رغبتها في التكفير عن ذوبها على أن تخبرها عمتها عن ابنها الذي لم تره منذ ولادته ، فتعلم بوفاته منذ عامين ، تنهار أنجيليكا وتوقع الوثيقة وهي تصرخ باكية طفلها الذي لم ولن تتمكن من احتضانه أبدا ، لم تنم أنجيليكا ليلتها وتناولت سما من الزهور لتنهي حياتها ،معانقة الصليب ، داعية العذراء مريم لتغفر لها ، فجأة تسمع أصوات الملائكة ،يملأ النور الكنيسة ، يفتح الباب ليظهر الملاك يدفع ابنها نحوها ، لتموت في سلام وهي تحتضنه .
أوبرا الأخت أنجيليكا:
- أوبرا من فصل واحد ، ومنظر واحد .
-قدمت لأول مرة عام 1918 بالولايات المتحدة. - العمل الوحيد لبوتشيني الذي كتبه لأصوات نسائية فقط ، هناك تسعة أدوار وست شخصيات ثانوية، وكلها مكملة بجوقة كبيرة تغني في الكواليس.
- الجزء الثاني من ثلاثية آل تريتيكو لبوتشيني، وهي دراما عن الوحدة والموت، يصور مواقف عاطفية شديدة، ويحمل معه مقطوعة موسيقية شفافة تقريبًا، تتضمن حوارًا قاسيًا بين البطلة والعمة القاسية التي جاءت لتعلن بلا مراسم وفاة الطفل الذي انتُزِع من بين ذراعيها، إن أغنية “Senza mammaبدون أم التي تغنيها أنجيليكا بعد الأخبار المؤلمة، هي واحدة من أجمل مقطوعات بوتشيني.
أوبرا أنجيليكا تأليف موسيقي بوتشيني ، الليبراتو ( النص ) تأليف جيوفاتشينو فورزانو، قيادة الأوركسترا أحمد فرج ، إخراج مهدي السيد ،أزياء هالة محمود ،إضاءة أحمد المصري ، تصميم الديكور والجرافيك عبد المنعم المصري ويؤدى شخصياتها رشا طلعت ، منى رفلة ، جيهان فايد ، ليلى ابراهيم ، سلمى الجبالى ، جاكلين رفيق ، سوزانا أسامة ،داليا سمير ، ريهام مصطفى ، سلمى فايد ، رشا سمير ، إيمان على الدين ، نورستا المرغنى ، داليا سمير ، نورا الألفى ، عزة الضوى ، أميره سامح وميادة الخولى .
يحسب لدار الأوبرا المصرية أن تضم تلك الأوبرا التي تعرض لأول لقائمة أعمالها ، وتقديم مخرج شاب واعد ، مما يجعل لزاما أن نذكر ما في العرض من هنات فنية لوضعها في الاعتبار ولتلاشيها عند عرض الأوبرا لمرات قادمة ، الأداء الموسيقى في أرقى وأجمل حالاته ، ولكن العرض افتقد تماما التأثير الدرامي للإضاءة والتي لم تتغير تقريبا طوال مدة العرض ، مع غلبة الألوان الداكنة ما بين الرمادي والأسود ، ملابس العمة الارستقراطية أشبه بالملس الصعيدي ، غلبة اللون الأسود على ملابس الراهبات ،وخاصة أن الراهبات الأجنبيات لا يرتدين الأسود فقط بل هناك الأبيض والبني والأخضر والأزرق ، مما أضاف قتامة شديدة على العرض مع ألوان الديكور الذي خلا من الواقعية، وأية أيقونات أو تماثيل مسيحية ، سذاجة دخول راهبة لتصلي بمواجهة الجمهور في أول العرض ، ضيق المساحة المستخدمة من خشبة المسرح مقارنة بين العدد الكبير لممثلات العرض، إضافة إلى تعدد السلالم ، وازدحام الممثلات عند خروجهن من الكواليس ، مرور حوالي دقيقة والمسرح خال دون موسيقى في بداية العرض، لم يكن هناك أي أداء درامي بل الغناء فقط يذكر للمشاركات في العرض ، ثم سقوط بطلة العرض باكية وراء الكمبوشة ( كشك الملقن، لم يحسن المخرج استغلال الطفل فنيا لتعزيز التأثير الدرامي .
أوبرا جانى سكيكي يؤدي شخصياتها خالد سمير ، مصطفى محمد سلمى الجبالى ، إنجى محسن ، مينا رفائيل ، مصطفى مدحت ، نورستا المرغنى ، ليلى إبراهيم ، مروان دياب ، إبراهيم ناجى ، فيرونيا فيليب ، ريمون ملاك ، ريهام مصطفى ، نورا الألفي ، عزت غانم ، إلهامى أمين ، أحمد الشيمى ، رامز لباد ، أسامة جمال ، برهان الدين فاروق وآدم جلادون .
تدور حول مخططات جاني سكيكي الماكرة والمضحكة حيث يخدع عائلة جشعة تتصارع على الميراث مقدمًا مزيجًا من الضحك ونقدًا لاذعًا لأطماع النفس البشرية تدور فى قالب كوميدي. أوبرا جان سكيكي
-من فصل واحد
-تنتمي للكوميديا دي لارتي (من أشهر أنواع الكوميديا العالمية التي ظهرت في إيطاليا في عصر النهضة، إذ تعتمد بشكل أساسي على الارتجال، فيضع المخرج إطار خارجي لقصة العرض المسرحي، ويبدأ الممثلون بالارتجال حوله أثناء العرض، كما تميزت بشخصيات ثابتة ومألوفة.
- صاغ بوتشيني الأوبرا بأسلوب مسترسل يختلف نوعا عن طابع الأوبرات الإيطالية ذات الفقرات الغنائية المنفصلة، وعلى الرغم من ذلك فهنالك بعض الفقرات المميزة التي تؤديها الشخصيات الثلاثة الرئيسية في الأوبرا مثل الثلاثية الغنائية، وثنائي الحب القصير بين البطل والبطلة، والآريات الأربعة المنفردة ومن أشهرها آريا( أغنية منفردة) لوريتا يا ابي العزيز ،ولكن تعد من أبرز آالسبرانو التي تؤدى في حفلات الكونسير.
وإيقاع عرض أوبرا جاني سكيكي ساخن جذاب ، متسارع متدفق الأحداث وتقلباتها ، أداها ممثلوها مغنوها باحتراف وتوافق بين الأداء والتمثيل ، ولكن هناك بعض الوقفات عن بعض نقاط الضعف في العرض مثل مرور حوالي دقيقة المسرح ،الإضاءة لم تتغير معظم مدة العرض، مع دخول الطفل بالاسكوتر في أول العرض ، والطبيب بالبالطو الأبيض، والمحاليل ، وعكاز البطلة الحديث ، وكذا مشاية الرجل الكبير، وهي متنافرة مع العرض الكوميدي بعناصره وبيئته حتى وهو ينتمي للكوميديا الارتجالية ( كوميديا دي لارتي) ، وخاصة أن الأحداث في عام 1299 م،وملابس سوبرمان لجاني سكيكي، والفواتير المكتوبة بالعربية التي تتدلي من أعلى ، ولكن الوصية بالعربية ساهمت في سهولة تتبع الجمهور العربي الموجود لها على الرغم من تواجد الترجمة على الشاشات الخاصة بذلك على جانبي المسرح ، أما الإضاءة فلم تتغير طوال العرض ولم تؤد أي بعد درامي .
حسنا فعلت إدارة الأوبرا بضم الأوبرتين إلى ريبوتوارها ، وما ذكر من ملاحظات نقدية لا يقلل من قيمة ومجهود المشاركين جميعا في العمل ، وروعة أداء الأوركسترا ،لافتين النظر إلى تداركها مستقبلا من قبل مخرج العمل .