تسعى الدولة المصرية من خلال رؤيتها الطموحة 2030 إلى تعضيد مقومات الريادة في شتى مجالاتها التنموية، في حين نجدها تهتم بأجندة التنمية على المستويين: الإقليمي، والدولي؛ وذلك بهدف تعزيز مكانتها، ودورها، وريادتها إقليميًا، ودوليًا، ولن يحدث هذا إلا من خلال دفع عجلة الإنتاج باستخدام آليات تقوم على الابتكار، ومواكبة التطور التقني، وتفعيل وظيفية نتاج البحث العلمي، والمعرفة، التي تتمخض عن دراسات تقوم على منهجية رصينة، ومنضبطة.
والقيادة السياسية المصرية تمتلك رؤى طموحة تتعلق بالمسار التنموي بمجالاته المختلفة، مما يجعلنا نجزم بأنها أحدثت تغيرًا شاملًا في حياة المواطن المصري؛ حيث أصبح هناك تعليم متميز يهتم بصقل الخبرات، وغرس القيم، التي تساعد في بناء إنسان يحافظ على مقدراته، ويعمل على تنميتها بكافة الصور، بالإضافة إلى أن هناك بيئة مواتية للاستثمارات التي خلقت فرص عمل، الأمر الذي أدى إلى الدفع بالتنمية الاقتصادية، وفي مقدمتها الصناعة، والزراعة، وهذا كشف عن الحاجة الماسة لمزيد من الكفاءات، التي توظف التقنية في تحقيق أعلى إنتاجية ممكنة.
وقد أولت الدولة المصرية من خلال التوجيهات المباشرة من القيادة السياسة بالعمل على بناء الإنسان؛ وذلك من خلال العديد من المبادرات التي توفر له حياة كريمة، وتكسبه وظيفة استثمار طاقته؛ كي يصبح منتجًا، وقادرًا على أن يحسن من مهاراته، ويربي من خبراته، وينغمس في سوق العمل بما لديه من خبرة، وكفاءة؛ كي يصنع لنفسه كيانًا يستطيع من خلاله أن يبنى، ويشارك في مجتمعه بصورة فاعلة، وبشكل مستدامٍ.
هذا بالإضافة لما قدمته الدولة المصرية بكافة خدماتها، التي من شأنها أن تسهم في بناء إنسان يمتلك المواطنة الصالحة؛ حيث وفرت له مجالات التعليم المتنوعة في صيغتها، وغاياتها وفق قدراته، ووفرت له مقومات صحية قطعًا ساعدته في التغلب على الأمراض المتوطنة، التي باتت في سجل الماضي، ودشنت له المسكن اللائق، الذي يحافظ على كرامته، ويصونه، وقضت على العشوائيات، التي كنا نظن أن القضاء عليها ضربًا من المستحيل، أو ضربا من الخيال، كل هذا، وغيره قد هيأ الأمر؛ لبلوغ الريادة في سائر المجالات التنموية بمصرنا الحبيبة.
ويعد الابتكار واحدة من القدرات البشرية التي أسهمت، وما زالت تُسهم في عمارة الأرض، بل وساعدت في تحقيق مقومات الرفاهية للإنسان، فمن خلال هذا النمط من التفكير استطاع الإنسان أن ينتج أشياء جديدة غير مألوفة، وغير تقليدية؛ نتيجةً لتفاعله مع خبراته السابقة، ومن خلال تفكيره بطرقٍ جديدة بعيداً عن التفكير الكلاسيكي، وعلينا أن ندرك بأن الابتكار له بعض الشروط، مثل: الواقعية، والأصالة، وقابلية التعميم، وإثارة دهشة الآخرين.
وأرى أن برنامج “GEN – Z” يستهدف في مكنونه العمل الجاد نحو نشر ثقافة الابتكار لدى شبابنا الواعد بالجامعات المصرية بمختلف تنوعاتها؛ حيث إنه يحث كل من يمتلك مهارات الابتكار في التخصصات العلمية المختلفة أن يسارع بالمشاركة من خلال ما لديه من أفكار رائدة سواءً أكان ذلك في شكل فرق، أم مجموعات، أم بصورة فردية، ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد، لكنه يشمل الأفكار التي تحاول بجدية أن تعالج ما يعاني منه السوق من صعوبات، ومشكلات وتحديات، وما من شأنه أن يلبي احتياجات هذا السوق المتنوع.
إن الدعم المؤسسي من قبل الدولة المصرية في ضوء استراتيجيتها نراه، ونشاهده، ونرصده من خلال تدشين البرامج التي يمكن أن تحقق مستويات عليا لإمكانيات، وقدرات كل من الأفراد، والأجهزة، والمؤسسات، وصولًا إلى رفع مستوى المعيشة، وتحقيق حياة أفضل للمواطنين، ويهتم برنامج “GEN – Z” برعاية، وتنمية الابتكار بصورة وظيفية؛ ومن ثم تؤكد الدولة، ومسئوليها على دعمه، وترسيخ مقوماته، والعمل المستمر لاستدامته، ومواجهة تحدياته، ومعوقاته.
وطرح الابتكارات التي تتبناها مسابقة “GEN – Z” تقوم على فكرة، أو نظرية، أو فلسفة علمية، أومنهجية واضحة المراحل، حتى تتبناه الجهة المستفيدة من هذه الفكرة، وتقدم الدعم اللوجستي الذي يساهم في إخراج نتاجها، أو تنفيذها في أرض الواقع، ومن ثم تستفيد منه الأطراف جميعها، وفي نهاية المطاف يصب ذلك كله في المصلحة العامة.
واعتقد أن من سمات نجاح برنامج “GEN – Z” أن غاياته شغلت اهتمام مؤسسات الدولة، ومسئوليها؛ فقد شاهدنا حضور دولة الدكتور مصطفى مدبولي المتكرر، ونائب رئيس الوزراء الفريق مهندس كامل الوزير في حلقات برنامج “جين زي” لريادة الأعمال، ووزير البحث العلمي، وهذا يدل على أن الدولة، ومؤسساتها الرسمية الوطنية تهتم بتحقيق الهدف الرابع من رؤية مصر 2030 من خلال تبني آليات تساهم بقوة في دعم المعرفة، والابتكار عبر بوابة البحث العلمي.
وهنا نتذكر سويًا ما أكد عليه فخامة الرئيس من أن المعرفة، والابتكار، والبحث العلمي تعد ركائز أساسية للتنمية، ويصعب أن نغض الطرف عنها؛ وذلك من خلال الاستثمار في البشر، وبناء قدراتهم الإبداعية، والتحفيز على الابتكار، ونشر ثقافته، ودعم البحث العلمي، وربطه بالتعليم، والتنمية.
وهذا المشهد التنموي يؤكد على أن مسئولي مصر بكافة مواقعهم، ورغم تعدد المهام الملقاة على عاتقهم، فإنهم يهتمون بتوفير المناخ الملاءم الذي يدفع بعجلة التنمية، ويساعد في بناء الإنسان الذي من سماته: القدرة على المشاركة، وخاصة الشباب منهم؛ حيث إن دعمهم ماديًا، ومعنويًا، وتقديم كل ما من شأنه أن يساعدهم في تحقيق أحلامهم، ويترجم أفكارهم في الواقع العملي.
وأود أن أشير إلى أن البرامج التي على شاكلة برنامج “GEN – Z” تترجم ماهية الريادة بصورة واقعية؛ حيث إن تمكين الشباب من المهارات النوعية التي يتطلبها سوق العمل المحلي، والدولي، بما يجعلهم مساهمين في بناء المجتمع، وضمانة لاستمرارية، واستدامة التنمية؛ ليحدث التماسك المجتمعي الذي يحقق مزيدًا من التقدم، والازدهار، ومن ثم يتواجد الرضا الاجتماعي، بسبب أن المواطن هو غاية التنمية، وليس أداتها فقط، كما أن امتلاكه للمهارات يرتبط بمقدرته على تحمل المسئولية، والمواجهة، واتخاذ القرار المدروس، حتى يتسنى له تحقيق الغايات التي يسعى؛ لإنجازها.
ونثمن ما يؤديه الإعلام المصري الوطني من أدوار تجاه شباب الجامعات، وما يقدمه من دعم بشتى أنماطه يؤكد على صدق الفلسفة التي يقوم عليها، والتي تسهم بقوة في التنمية البشرية، والثقافية، والفنية، والرياضية، والإخبارية، وهذا نشاهده في مكنون المحتوى الإعلامي الذي يسمح للشباب بطرح ما لديهم من فكر، وأفكار، ونقاط بحثية رصينة، ومشاريع بحثية قائمة على منهجية محددة؛ ليطالع العالم بأسره ما يمتلكه قوة مصر الفتية، وشبابها الواعي من علوم تطبيقية تستهدف تنمية العديد من المجالات التي تعود بالنفع على وطننا الغالي.
نشيد بكافة الجهود التي تتبني دومًا كل ما يعود بالنفع على شبابنا، وبلادنا، ونثمن طرح برنامج “GEN – Z” على القنوات المصرية، وتبني امتداد الفكرة لمواسم تلو الأخرى؛ وذلك لتشجيع شبابنا الواعد نحو الريادة، والابتكار بما يحقق أحلامهم، ويلبي احتياجاتهم، ويستثمر طاقاتهم بصورة إيجابية تساعد في البناء، والنهضة، وتطلعات لمستقبل باهر بمشيئة الله تعالى.. ودي ومحبتي لوطني وللجميع.
![د. عصام عبد القادر يكتب عن برنامج](https://alekhbarya.net/wp-content/uploads/2025/01/عصام-عبد-القادر.jpg)